تواصل صحافية إسرائيلية نشر معلومات لم تنشر من قبل عن مقابلاتها مع الرئيس المصري الراحل حسني مبارك وتكشف عن تفاصيل كثيرة كانت محجوبة حتى الآن ضمن تقرير بعنوان ” ” كشف اللقاءات المحجوبة مع الرئيس مبارك”. وضمن تقرير موسع جديد تطرقت محررة الشؤون العربية في صحيفة ” يديعوت أحرونوت ” سمدار بيري لمواضيع سياسية وعائلية وشخصية تهم الرئيس مبارك منها صداقته الوثيقة مع الرئيس الإسرائيلي الراحل عازر وايزمان و شعوره بالإهانة لتقليده من قبل فنان ساخر يهودي كما تطرقت إلى موت حفيده خلال لهوه مع صديق إسرائيلي.
وقالت ” يديعوت أحرونوت ” أن سمدار بيري دأبت على لقاء مبارك طيلة 30 عاما تخللتها أحاديث معه ولم تنشر والآن وبعد رحيله أخرجتها من أرشيفها الخاص وفي واحدة منها كشف لها عن موت حفيده خلال لعبه مع صديق إسرائيلي ونقلت عنه قوله إنه لم علمت وقتها المعارضة بذلك لكانت اتهمت إسرائيل بقتله”.
وعن ذلك تقول إن الحفيد محمد مبارك توفي في 19 مايو/أيار 2009 وهو بالثالثة عشرة من عمره مما أصاب جده بحالة حزن واكتئاب شديدين فاعتزل داخل قصره وعزف حتى عن المشاركة في جنازته. وتتابع ” بعد ثلاثة أسابيع وصلت للقاهرة وزرت قصر الاتحادية حيث ساد هدوء موتور وكان العاملون فيه يسيرون على رؤوس أصابع أقدامهم فيما بدا وجه مبارك متكدرا وهو يرتدي بدلة سوداء وعندما قدمت له العزاء قال مبارك عن حفيده إنه طفل ساحر وذكي وحساس جدا وقد سقط مرة واحدة خلال لعبه في ساحة البيت فيما كان والده جمال ووالدته هايدي داخله ولم يعرفا ما حصل ولما استدعوني على عجل قرر الأطباء نقله لمستشفى في فرنسا لكنهم لم يتمكنوا من ذلك فحالته تدهورت بسرعة فائقة وفي اليوم التالي لم يكن بيننا وقال الأطباء إنه مات جراء جلطة دماغية”.
وتوضح بيري أن الرئيس ومستشاروه أخفوا حقيقة سقوطه حينما كان يلعب مع ابن دبلوماسي إسرائيلي عمل في السفارة في القاهرة وما أن سقط محمد أرضا سارع بعض الحراس لنقله للمستشفى فيما سارع حراس آخرون لنقل صديقه الإسرائيلي لبيته في حي المعادي حيث سكن كافة أفراد الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي. وتنقل بيري عن مبارك قوله إنه تم إخفاء هذه الحقيقة للحيلولة دون مهاجمة المعارضة إسرائيل واتهامها بالتسبب بموت الطفل محمد وتابع “تخيلي ماذا كان سيحدث لو حاول خصومي السياسيون اتهام إسرائيل بقتل حفيدي؟
وتتابع ” بعد دقيقة صمت بدت لي دهرا قمت من مقعدي وتقدمت نحو الرئيس مبارك وصافحته وعزيته بالقول :” كل الشعب في إسرائيل يشاطرك العزاء “. وتوضح أنها التقت مبارك خلال عقدين عشرات المرات أولها في شرم الشيخ عام 1991 وآخرها في قصر الرئاسة عام 2010 قبيل شهور من سقوطه. وكشفت سمدار بيري السيدة الشقراء التي تجيد العربية أنها كانت تصل للقاهرة بدعوة شخصية من الرئيس مبارك وأحيانا على متن طائرة صغيرة كانت تهبط في مكان آمن حيث ينتظرها مندوب حكومي ويصطحبها حتى القصر الرئاسي دون المرور بأي فحص لجواز سفر فيما كان مرافق يمل لي حقيبتي وفي إحدى المرات كان أسامة الباز مستشار الرئيس مبارك انتظرني بذاته وأخذني للقصر الرئاسي”.
ونوهت إلى أن الأحاديث مع مبارك كانت توزع بشكل واضح : لقاءات رسمية تنشر فيها أقواله في صحيفتها من أجل محاولة التأثير على صناع القرار في إسرائيل وفي المقابل كانت هناك لقاءات خاصة غير رسمية اتفق على كونها ليست للنشر الفوري سلفا. ويبدو أن استخدامها لكلمة ” فوري ” تهدف لتبرير نشرها اليوم في ” يديعوت أحرونوت ” وتشير إلى أن اللقاءات غير الرسمية كانت أكثر متعة وإثارة وغنية أكثر بالمعلومات المثيرة حول السياسة في مصر وعلاقات مبارك وأحفاده ومع مسؤولين كبار في مصر ورؤيته لما يجري في إسرائيل وفي العالم العربي.
كما تقول إن إحدى اللقاءات تم داخل بيت حسني مبارك في ” مدينة ناصر “عام 1993 لا في القصر الرئاسي وبحضور مستشاره المقرب دكتور أسامة الباز منوهة أنه تركز في المستوطنين وتهديداتهم لمسيرة السلام وفي لقاء لاحق قال لها إنه تنبأ عمليا في اللقاء المذكور اغتيال اسحق رابين مقارنا بينهم وبين متشددين إسلاميين شاركوا في قتل السادات وثلاثة وزراء مصريين وعدد من الجنرالات. وكشف لها أنه تعرض لعدة محاولات اغتيال بقيت طي الكتمان عدا محاولة قتله خلال زيارته لـ أديس أبابا في يوليو/تموز 1995. وردا على سؤال ما رأيك ببنيامين نتنياهو قال مبارك إنه في الحقيقة لا ينجح في فهمه وتابع ” نتنياهو يقول لي شيئا واحدا وينثر وعوده وفي إسرائيل يعزف ألحانا مختلفة وأكثر من ذلك لست معنيا أن أقول أكثر من ذلك”.
وتشير أن رئيس إسرائيل الراحل عازر وايزمان اضطر لتقديم استقالته خلال العام 2000 تزامنا مع نشوب الانتفاضة الثانية غداة فشل قمة ” كامب ديفد ” فقرر السفر للقاهرة لزيارة صديقه وزميله في الطيران حسني مبارك وعرض علي مرافقته وهناك في قصر الاتحادية قال لها إن مصر مضطرة بوقف التطبيع بسبب أعداء السلام”.
رفض لقاءات الإسرائيليين بالمصريين وتبادل الزيارات معهم ليس لرفضه التطبيع بل لأن إسرائيل نظامها ديمقراطي ومعظم سكانها مثقفون بينما شباب مصر جائعون ويكابدون مشاكل كثيرة
ونقلت عنه قوله إنه رفض لقاءات الإسرائيليين بالمصريين وتبادل الزيارات معهم ليس لرفضه التطبيع بل لأن إسرائيل نظامها ديمقراطي ومعظم سكانها مثقفون بينما شباب مصر جائعون ويكابدون مشاكل كثيرة ويتعرضون لدعوات للانضمام للإرهاب وهناك فوارق طبقية بين الجانبين فيما ” نضطر نحن لتسيير نظام دكتاتوري. وردا على سؤال قال مبارك إن التطبيع مع دول عربية سيأتي بعد تسوية القضية الفلسطينية ولكن ليس فورا ولذا على إسرائيل التقدم نحو السلام مع الفلسطينيين.
وتابع ” حاليا نسمح للإسرائيليين بزيارتنا”. وعندها علق عازر بالقول ” نريد للسائحين الإسرائيليين إجراء حوارات عميقة مع مواطني مصر وألا يشعروا أنهم غرباء وحتى الآن ما زلتم تعتقدون أن الرجل الإسرائيلي يحمل بندقية مشهرة أو على رأسه قرنان”. وسئل كيف يمكن تأليف قلوب المصريين من أجل السلام مع إسرائيل ؟ سئل مبارك من قبل سمدار بيري كما تقول فعقب مبارك بالقول إن إسرائيل تتفهم لماذا ينبغي إدارة حكم غير ديمقراطي في مصر بعكس الولايات المتحدة. ماذا أستطيع أن أفعل ؟ تدخل مجموعة شباب لـ مسجد وتقرر القيام بـ ثورة. شكرا لله أن لدينا وكلاء مزروعين بينهم يخبروننا بما يجري وهناك مساجد كثيرة تجتذب الشباب. وعدا المستوطنين وأمنه الشخصي فقد ضايقه الفنان الإسرائيلي الساخر اياي يتسبان الذي يقوم بتقليده وتم نشر مقاطع من تقليده في مصر التي احتجت رسميا على ذلك وعن ذلك قال مبارك :” أنا شخصيا لا اكترث فقد شاهدت مقطعين من التقليد وهو لم يضحكني لكن مستشاري والدبلوماسيين في سفارتنا في تل أبيب غضبوا لذلك. تخيلي لو قام مصري بتقليد ساخر لبيريز أو رابين ؟
ولكن هذا هو طبيعة النظام الديمقراطي. علقت بيري فقال مبارك : ” تذكري أننا لسنا دولة ديمقراطية . فليدعني يتسبان. من يجرؤ على تقليده غيري في العالم العربي ؟ قالوا لي إن يتسبان يهودي عراقي الأصل. اقترح عليه أن يتابع صدام حسين ويقوم بتقليد ساخر له ويتركني بهدوء. إن كنت تعرفيه أطلبي مه أن يكف عن تقليدي. لاحقا التقيت يتسبان داخل حانوت وأوصلت له رسالة مبارك فقال : جيد ربما أتوقف عن تقليده. طبعا لم يتوقف “.
عن اغتيال صدام حسين: هو رئيس العراق في نهاية المطاف لسنوات طويلة ولا يجب تحقيره بلحظاته الأخيرة
كما تكشف أنه في 2006 زارت مجددا القاهرة وقدمت أسئلتها مسبقا لوزير الإعلام أنس الفقي وفق نظام جديد تم اعتماده في المقابلات الصحافية لكنها قررت توجيه سؤال لم يرد في أسئلتها المقدمة سلفا وفيه سألت عن موقف مبارك من إعدام صدام حسين وعندها نهض الفقي من مقعده لكن مبارك دعاه للهدوء وقال إنه بالذات معني بالرد عليه فقال ” كان بمقدورهم إعدام صدام حسين في حجرته بطريقة حضارية أكثر من خلال حبوب تنويم شديد والقول لاحقا إنه انتحر بدلا من عرض عملية إعدامه البشعة مقابل الكاميرات فبنهاية المطاف هو رئيس العراق طيلة سنوات كثيرة ولا ينبغي تحقيره بلحظاته الأخيرة.
عمارة يعقوبيان
علاء الدين الأسواني في روايته عمارة يعقوبيان يصف الفجوات الطبقية في مصر ونظرة المؤسسة الحاكمة للفقراء فهل قرأته ؟
” لا لم أقرأه لكنني حصلت على موجز وليقل علاء الأسواني شكرا أنه خارج السجن. فليذهبوا للرئيس أوباما مع هذا الكتاب ويقدموا شكوى عن عدم وجود حرية تعبير في مصر “.
لكن الكتاب يصف واقعا حقيقيا ؟
” عليك أن تفهمي أننا نموه المعطيات حول نسبة الولادة ففي مصر يولد طفل كل تسع ثوان ويحتاج لمن يطعمه ويلبسه ويهتم لتعليمه وعمله. الجمهور الأميّ يحتاج لقائد قوي. لو زرت القرى المصرية النائية لوجدت أنه لا يوجد كهرباء ولا صحافة ولا كتب. قناة الحياة الوحيد لدى سكانها جهاز الترانزيستور. بالنسبة للتعيينات ماذا أستطيع أن أفعل فالمحسوبيات في التعيينات تقاليد شائعة في العالم العربي.
لأي مدى تقلقك ظاهرة الأمية في مصر فهناك من يقول إنها تسهّل عملية سيطرتك على البلاد ؟
” بخلاف مزاعم مراقبين في الغرب أنا أريد للمصريين أن يحظوا بتعليم أساسي مع الاستمرار بالعمل وزوجتي سوزان تهتم بتعلم الأولاد والكبار الأميين لكننا لم ننجح بعد بالوصول لكل المناطق فمصر بلاد واسعة. كذلك تعمل زوجتي لتطوير مكانة المرأة المصرية”.
كما تزعم سمدار بيري أن الرئيس المصري الراحل حسني مبارك اقترح عليها عام 1987 أن تقنع وزير الطاقة الإسرائيلي موشيه شاحل أن بالسفر في طائرتي الخاصة لبغداد ولقاء الرئيس صدام حسين. وتضيف ” بعدما نشرت تقارير وقتها عن تعاون اقتصادي بين مصر وإسرائيل تلقيت دعوة منه وزرته في القاهرة ففاجأني بالسؤال : هل تريدين الطيران إلى بغداد ؟ أريد إرسال وزير الطاقة لديكم للتداول مع العراقيين حول شحن النفط لكم. وتتابع ” رغم لقاءات كثيرة في واشنطن بين مسؤولين عراقيين وإسرائيليين طالما اعتبرنا صدام حسين عدوا لدودا لـ إسرائيل. لكن مبارك كان جديا وقد نقلت لـ شاحل رسالة مبارك فور عودتي للبلاد وبعد أيام أبلغني الأخير أن اسحق رابين وشيمون بيريز يعارضان. ونقلت عن شاحل قوله إن رابين حذره بالقول : لدى صدام حسين أنت تعلم كيف تبدأ الزيارة لكنك لا تعرف كيف تنتهي وكذلك بيريز الذي وافق في البداية عاد وقال لي إنها تبدو مصيدة خطيرة وهذا ما أكدته لي المؤسسة الأمنية التي قالت : لن يسافر أحد لـ بغداد. ابق في البيت.