ما قاله الملك عبد الله الثاني ملك الأردن في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية كلام يبنى عليه، ويؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق والتعاون الأمني والسياسي العربي القادر على فرز معطيات ميدانية جديدة كفيلة بإرباك المخططات الإسرائيلية، وتحويل فكرة الضم من أرباح سياسية إلى خسائر استراتيجية تضر بمستقبل دولة الغزاة.
الملك الأردني كان واضحاً حين قال: "إذا ضمّت إسرائيل بالفعل أجزاءً من الضفة الغربية في تموز المقبل، فإن ذلك سيؤدي إلى صِدام كبير مع المملكة الأردنية الهاشمة"!
وأزعم أن مفهوم الصدام الكبير لا يقتصر على وقف العمل بالاتفاقيات بما في ذلك اتفاقية وادي عربة، واتفاقية الغاز، فمهوم الصدام الكبير له دلالات أوسع مدى من قطع العلاقات، وسحب السفير، ووقف العمل بالاتفاقيات، فالصدام الكبير يفجع الإسرائيليين ويفاجئهم، ويطلق يد الشعب الأردني لتمتد معانقة يد الشعب الفلسطيني، في رسالة سياسية تعود بالأرض الفلسطينية إلى الحضن العربي، بعد سنوات من التشرذم القطري والتيه السياسي المنفرد، وماجره ذلك من هزال سياسي، وضعف في الأداء، صارت خلاله الأرض الفلسطينية مرتعاً للمستوطنين.
اللافت في حديث ملك الأردن هو تلك اللغة التي تعكس الاستعداد للتصعيد والمواجهة، وتحمل تبعيات ذلك، رغم قوله: لا أريد أن أطلق التهديدات أو أن أهيئ جواً للخلاف والمشاحنات، ولكننا ندرس جميع الخيارات!
إن جملة جميع الخيارات تفتح الأبواب التي ظن الإسرائيليون أنها مغلقة، وهذه ملحوظة هامة يجب أن يلتقطها الشعب العربي الأردني، وأن يبني عليها الشعب الفلسطيني خطوات التصدي المستقبلية، فالمصير المشترك والعدو المشترك سيفرض على القوى السياسية الفلسطينية أن تلتقط اللحظة، وأن تعمل على عقد لقاءات أردنية فلسطينية على مستوى القيادات السياسية والمنظمات الأهلية والجماهير، يضع خطط المواجهات التي يجب أن تتجاوز حدود فلسطين، طالما كانت المخططات العدوانية الإسرائيلية تمتد إلى شرق الأردن، الذي أمسى في قلب المؤامرة الصهيونية، ولاسيما أن أطراف اليمين الإسرائيلي الحاكم تعتبر الأردن ساحة خلفية لنفايات التآمر الصهيوني.
تهديد ملك الأرض أو تحذيره للصهاينة جاء متناغماً مع حالة الغضب التي سكنت قلوب وعقول الشعب العربي الأردني، وقد قال المثل: "الرجل برجاله" وازعم أن رجال الأردن لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وهم يرون الأرض الفلسطينية تتعرض لنكبة جديدة لا تقل وحشية عن نكبة 48، فالشعب العربي الأردني لن يكتفي بالمظاهرات والمسيرات داخل المدن الأردنية، ولن يجتمع في الساحات ليستمع إلى الخطب والكلمات النارية، لتنطفئ ناره، الشعب العربي الأردني يتميز من الغيظ بمقدار وعيه وإدراكه لحجم الأطماع الإسرائيلية، وسينعكس الغضب الأردني انتفاضة عنيفة داخل المدن الفلسطينية وعلى طرقات المستوطنين المؤمنة.
الشعب العربي الأردني بوابة الحرب والسلام في المرحلة القادمة، والأردن مفتاح الفعل الشعبي على ضفتي النهر، وهو البلد العربي الأقدر على تغير معادلة الأمن القائمة على طول الحدود، لذلك جاء تصريح الملك عبد الله الثاني محرضاً للشعوب العربية، ومحبطاً مثبطاً للإسرائيليين غير المقدرين لعواقب الضم على مستقبل وجودهم في المنطقة.
ملحوظة: إذا كان تأجيل اجتماع القيادة في رام الله يهدف إلى الترتيب لعقد اجتماع الإطار القيادي للمنظمة خارج فلسطين، فنحن بخير، وما دون ذلك، فالويل لفلسطين من قياداتها!