أطلق الفلسطينيون في الأيام الأخيرة حملة واسعة لمقاطعة صفحات التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، خاصة "المنسق" المسئول عن التواصل مع الفلسطينيين، الذي يقدم نفسه منجزا لمعاملاتهم الشخصية، لكنه في حقيقته مدخل خطير للتجنيد الأمني، ونجحت الحملة بوقف متابعة عشرات آلاف الفلسطينيين لهذه الصفحات.
تتزامن الحملة الفلسطينية لمقاطعة "المنسق" الإسرائيلي، مع ما تشهد الأراضي الفلسطينية في الأشهر الأخيرة من تكثيف العمل الأمني الإسرائيلي للحصول على المعلومات الاستخبارية الخاصة بقدرات المقاومة، مما يشير لأهمية المعلومات، وخطورتها على الأمن الإسرائيلي، وتستغل بذلك مختلف الوسائل والأساليب، وصولا لما يبذله "المنسق" عبر صفحاته على شبكات التواصل، وخدماته ذات الطابع الإنساني المضلل.
تسعى المخابرات الإسرائيلية عبر "المنسق" للحصول على معلومات أمنية وعسكرية، للتعرف إلى مقدرات المقاومة التسليحية، وبما يعانيه قطاع غزة من إشكاليات داخلية، ويستخدمها الاحتلال في بناء رؤيته للتعامل مع الوضع القائم هناك.
كما يجتهد هذا "المنسق"، ومن خلفه طواقم متخصصة متفرغة، للتواصل مع مختلف الشرائح الفلسطينية، عبر أسماء وهمية بغرض جمع معلومات مختلفة متنوعة، كل في مجاله، ويستهدف منها ضرب صمود الشعب الفلسطيني، مما يتطلب تطوير أساليب أجهزة أمن المقاومة للتصدي لمحاولات إسقاط المواطنين في وحل التخابر مع الاحتلال، بعد الكشف عن حالات تعرض ابتزاز من صحفيين ورجال أعمال ومرضى.
لا يتورع "المنسق" الإسرائيلي وهو يجمع المعلومات الاستخبارية الخطيرة من الأراضي الفلسطينية عموما، وقطاع غزة خصوصا، عن تجنيد عملاء له، وإنشاء شبكات للتجسس، لتكون عينه وأذنه على المقاومة الفلسطينية، التي انطلقت بتجنيد الأفراد والتسليح والتدريب والعمل الفدائي.
يشير العمل المكثف الذي يقوم به "المنسق" الإسرائيلي عبر بواباته الخدماتية إلى ما تسجله الأجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة من شل قدرة عملاء الاحتلال، وإضعافهم بشكل غير مسبوق، مما جعل المخابرات الإسرائيلية تعيش حالة من العجز، ومحدودية القدرة على التحرك داخل القطاع، أو جمع المعلومات الاستخبارية.
لم يعد سرًّا أن زيادة مستوى وحجم عمل "المنسق" الإسرائيلي في الآونة الأخيرة يتزامن مع ما تعانيه المخابرات الإسرائيلية من فقر في المعلومات الأمنية، وتراجع في بنك الأهداف داخل غزة، واتضح ذلك من خلال العدوان الإسرائيلي المتكرر على القطاع، بفعل فقدان المنظومة الأمنية الإسرائيلية للكثير من مواردها البشرية وعملائها، وجعلها تلجأ لطرق غير تقليدية في تجنيد العملاء، والحصول على المعلومات الأمنية.
وهكذا لم يعد خافيا على الفلسطينيين الدور الخطير الذي يقوم به مكتب "المُنسق" عبر استغلاله كغطاء للحصول على المعلومات، عبر ابتزاز أصحاب الحاجات المُلحة، ومقايضتهم بالحصول على المعلومات، مقابل منحهم تصاريح السفر والعمل والدراسة والعلاج، كمُقدمة لاستدراجهم نحو مستنقع العمالة.