ترى المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا أن الوضع الاقتصادي العالمي لهذا العام سيكون أسوأ من الأزمة التي شهدها العالم بين عامي 2008 و2009، لكن السؤال الملح هو متى تنتهي هذه الأزمة؟
في تقرير نشرته صحيفة "أرغومنتي أي فاكتي" الروسية، ذكرت الكاتبة إيلينا تريغوبوفا أن توقعات جميع المؤسسات المالية وأصحاب البنوك والاقتصاديين لا تحمل لمحة إيجابية بشأن آفاق الاقتصاد العالمي.
ونقلت الكاتبة عن موسى فورشيك رئيس مجلس خبراء لجنة الاتحاد الروسي للصناعيين ورجال الأعمال لشؤون السياسات الصناعية، أن تخطي الأزمة سيتطلب وقتا إضافيا، لذلك يصعب تحديد تاريخ معين لنهايتها.
ستختلف جوانب الأزمة من بلد إلى آخر، لكن بشكل عام يمكن أن يعود الاقتصاد العالمي إلى النمو المستدام بحلول عام 2021، بينما سيكون الوضع غير مستقر في النصف الثاني من عام 2020، ويعتمد إلى حد كبير على شدة وموعد تطور الموجة الثانية من فيروس كورونا.
ان التي يمكنها إنقاذ نسيجها الاقتصادي وتفادي الإفلاس ستنجو من الأزمة، ويشير إلى أن الحفاظ على الأعمال التجارية والصحة النفسية للشعوب يساعد على العودة بسرعة إلى الوضع الطبيعي بعد إزالة القيود الرئيسية.
ورجح أن تشمل هذه البلدان معظم الدول المتقدمة، مثل اليابان وألمانيا وفرنسا وسويسرا وأستراليا وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة، ويعزى ذلك إما إلى عدم تكبد خسائر كبيرة جراء الأزمة، وإما اعتماد تدابير تخفف من شدة الأزمة، بما في ذلك دعم رجال الأعمال أو السكان.
ويعتقد فورشيك أن الصين -التي يبدو أنها نجحت في التغلب على الوباء وكانت أول دولة تبدأ في استعادة نموها الاقتصادي تقريبا- لن تتجاوز الأزمة بسهولة كما يعتقد الكثيرون.
ويقول إن "حقيقة تضرر سمعتها في العالم ستؤدي في المستقبل القريب إلى خسارة الشركات الصينية العديد من سلاسل الإنتاج العالمية، وتراجع الاستثمار وحتى انسحاب الشركات الأجنبية بشكل جماعي".
تضرر سمعة الصين بالعالم سيؤدي في المستقبل القريب لخسارة الشركات الصينية العديد من سلاسل الإنتاج العالمية (رويترز)
في المقابل، قد تعاني العديد من الدول النامية، بما في ذلك روسيا والبرازيل والمكسيك والهند، بشكل حاد من هذه الأزمة جراء تأخر الحرب ضد الوباء وافتقار تلك الدول للموارد اللازمة لدعم الاقتصاد بشكل كاف.
ونقلت الكاتبة عن فلاديمير كليمانوف رئيس قسم إدارة الاقتصاد في الأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، أن مسألة انتهاء الأزمة الحالية معقدة نوعا ما، ولا يمكن لأحد التكهن بتاريخها مادام هناك حديث عن موجة ثانية أو ثالثة للوباء.
وتعيش روسيا اليوم أزمتين، ترتبط الأولى بفيروس كورونا، والثانية بانخفاض أسعار النفط والحاجة إلى خفض الإنتاج، وسيؤدي ذلك إلى تأثيرات إضافية على قطاع النفط والغاز وعلى اقتصاد البلد ككل، ويرجح أن تنشأ الأزمة في الأشهر المقبلة في قطاعات أخرى، حتى في أعقاب انتعاش الاقتصاد بعد تجاوز الحجر الصحي.
وبحسب كليمانوف، سيكون من الصعب إعادة المسار السابق للتنمية المستدامة بعد الصدمة الاقتصادية إلى مستوى ما قبل الأزمة، وسوف تستغرق عملية الترميم سنوات عدة.
ترى فاليريا مينيتشوفا الأستاذة المساعدة بقسم الشؤون المالية والاقتصادية الدولية بجامعة الاقتصاد الروسية، أن كل دورة اقتصادية تمر بأربع مراحل، تتمثل في الانتعاش والذروة والركود والكساد، وفي الوضع الراهن، بالنسبة لروسيا والعالم، ستنتهي مرحلة الركود بإزالة القيود المفروضة على حركة السلع والخدمات ورؤوس المال وموارد العمل بشكل كامل.
إلى جانب ذلك، تعتقد مينيتشوفا أن هذه المرحلة سوف تستمر على الأقل حتى منتصف الخريف، وإذا حدثت موجة ثانية من الوباء سيتواصل الحجر الصحي وإغلاق المؤسسات حتى ربيع عام 2021.
وبطبيعة الحال، فإن سكان البلدان المتقدمة أكثر استعدادا لهذه الأزمة من الأزمات السابقة عن طريق اتخاذ بعض التدابير مثل تجميع المدخرات وإنشاء نظام دعم اجتماعي وانتقال العديد من الصناعات إلى العمل عن بعد وأتمتة العديد من العمليات.
وبشكل عام، ظهرت الأزمة الحالية في جميع دول العالم في وقت واحد، ولا أحد يجيد التعامل معها، كما أن الأزمة المصاحبة لانخفاض أسعار الطاقة تترك البلدان المصدرة للنفط والغاز والفحم في وضع أكثر هشاشة.
روسيا تعيش اليوم أزمتين، أزمة كورونا وأخرى ترتبط بانخفاض أسعار النفط والحاجة إلى خفض الإنتاج (رويترز)
أما خبير الاقتصاد نيكولاي نيبليويف، فيعتبر أن الأزمة ستؤثر على جميع البلدان دون استثناء، ويشير إلى أنه على الرغم من أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر ضررا في أوروبا والولايات المتحدة، غير أن تدابير الدعم الحكومية في هذه البلدان نشطة للغاية.
علاوة على ذلك، يرتبط استقرار الاقتصادات الرائدة باستقرار الغالبية العظمى من أصحاب المشاريع في البلدان المعنية، وقد أدركت الاقتصادات الرائدة في العالم مدى ضرورة دعم أرباب العمل والحفاظ على اقتصادات دافعي الضرائب من خلال الدعم الحكومي.