تنازعَ الهُدْهُدُ والغرابُ على حُفرةِ ماءٍ، فَادَّعَى كُلٌّ منهما أنَّ الحُفرةَ له، واختصَمًا، ولم يستطيعا حلَّ الخلافِ بينَهُمًا، وبعدَ نزاعٍ طويلٍ، اتَّفَقَا على أنْ يَحتَكِمَا إلى قاضي الطيرِ، فَذَهَبَا إليهِ، وًسَرَدَا عليه قصتَهُمَا، فَطلبَ مٍنهُمَا البينةَ - مَن يملكِ البينةَ تَكُنْ له الحفرةُ - فنظرا لبعضِهما، وَالتَزَمَا الصَّمتَ.
وعندًما طالَ صمتُهُما، عًلِمَ القاضي بأن لا بينةَ لِأيِّ واحدٍ منهما، فما كانَ من القاضي إلَّا أن حكمَ بِالحفرةِ للهدهد.
فَقَالَ لَهُ الهُدْهُدُ متعجبًا: لِمَ حكمْتَ لي بِالحفرةِ؟!
فَرَدَّ القاضي قائلًا: لقدِ اشتُهِرَ عَنكَ الصِّدقُ بينَ النَّاسِ، فَقَالُوا: "أصدقُ مِنْ هُدْهُدٍ".
فَسَكَتَ الهدهدُ لحظةً، ثُمَّ قالَ: إنْ كان كما قُلْتَ فَإنِّي
- وَاللهِ - لسْتُ مِمَّنْ يشتهرُ بِصفةٍ، ويفعلُ خلافَهًا، فَهذهِ الحفرةُ لِلغُرابِ، وَلِأَنْ تَبقَى لي هذهِ الشُّهرةُ، أفضلُ من ألفِ حفرةٍ!
العِبرَةُ:
سُمعتُكَ سًتَعيشُ أكثرَ مِنكَ، فَحَافِظْ عليها، واجعلْها تدافعُ عَنكَ في حَيَاتِكَ، وَحَتًّي بعدَ مَمَاتِكَ.