كشف تقرير ماليزي عن أدلة تشير إلى "نهب" ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، وأخيه "منصور"، ثروة أخيهما المريض "خليفة"، رئيس الإمارات، في قضية تفجرت خلال التحقيقات بتورطهما في "أكبر عملية سرقة بالتاريخ"، التي تعرض لها الصندوق السيادي الماليزي، بفقدانه أكثر من 6.5 مليار دولار.
وكشف موقع "ساراواك ريبورت" عن أدلة تم تقديمها لمحكمة لندن، في إطارت التحقيقات بقضية الصندوق السيادي الماليزي، تفيد بأن وكالة تدعى "لانسر" كانت قد ساعدت خليفة بن زايد في بناء محفظته العقارية الخاصة بالعاصمة البريطانية، وسرعان ما تطورت المحفظة إلى سلسلة كبيرة من العقارات الفخمة في المدينة.
وقد وصفت الصحف البريطانية لسنوات ما يحدث في هذه العملية بكلمات مثل الإسراف والبذخ المتهور للغاية.
وأشارت ملفات المحكمة إلى أن حاكم الإمارات الثري لم يكن في الواقع يستخدم هذه المساكن الفخمة أو العقارات الفخمة التي تستخدم عددا كبيرا من الموظفين بدون وجود ضيف.
ولا تبتعد هذه الملفات عن قصة النزاع بين الشيخ المسرف ومدراء الشركة الوكيلة بشأن "سرقة" الكثير من الأموال عبر الرسوم والرواتب الخلفية، ولكن "لانسر" نفت هذه المزاعم وقالت إن الشيخ كان على علم بالعمولات.
وعلاوة على ذلك، فقد أعربت الشركة عن حيرة تجاه التغيير المفاجئ لموكلها، لتنكشف فضيحة أخرى تتعلق بالشيوخ، إذ أكدت "لانسر" أنها لم تتمكن من التواصل مع مكتب خليفة في أبو ظبي منذ فترة طويلة، ولكن الأمور تدحرجت بعد ذلك باتجاه الدعوى القضائية.
وقد أُصيب الشيخ خليفة بسكتة دماغية في عام 2014، ومن النادر مشاهدته في الأماكن العامة منذ ذلك الحين، ولذلك تساءلت الشركة عن ما إذا كان خليفة هو الذي يقاضيهم أم "الكيانات" التي تتولى شؤونه.
وجادل محامو المدعي بأن الأمر غير ذي صلة، ولكن المسألة اخترقت جدران السرية وأثارت مخاوف مثيرة حول ما يحدث في المكتب الخاص لحاكم أبو ظبي المعزول الآن ومن هو المسؤول، في الواقع.
وكشف التقرير أن صاحب الدعوى، في الواقع، كان عبارة عن تحالف من 24 شركة شبه وهمية مسجلة في جزيرة "فيرجين آيلاند"، بسبب رغبة الشيخ في عدم الكشف عن هويته، ما أثار تساؤلات أخرى بشأن الأرباح والضرائب.
والمهم في الأمر، أن المعلومات التي تم تقديمها للمحكمة كانت مثيرة لدرجة أنها قد تثير صدمة في الإمارات والعالم، على حد تعبير الموقع، بما في ذلك ماليزيا التي كانت لديها "جرعة" خاصة نتيجة التعامل مع شيوخ الإمارات.
وقد حصلت المحكمة على معلومات من المدعى عليهم بأن الشيخ خليفة لم يعد هو العميل الذي وقع على الخطابات والصفقات، وأنه منذ إصابته بالسكتة الدماغية لم يعد قادراً على اتخاذ قرار بنفسه.
وقد اعترفت أبو ظبي بأن الشيخ خليفة قد تقاعد منذ مرضه وأنه لم يظهر في الأماكن العامة، إلا أن الإيحاء بأنه قد يكون مصابا بعجز عقلي لا يمكنه من اتخاذ قرارات رئيسية كحاكم للإمارة والدولة سوف يأتي بمثابة معلومات صادمة.
وتشير المعلومات التي حصل عليها تقرير "ساراواك" إلى أن تراجع الحاكم خليفة قد ظل سرا محروسا بشكل وثيق بين الدائرة الداخلية لعائلة آل نهيان، التي اختارت التظاهر بأن يبقى الأخ الأكبر قائدا للبلاد.
ووفقا للتقرير، فإن مقاطع الفيديو والصور على الإنترنت التي تم نشرها عن خليفة تشير بحد أدنى إلى آثار مدمرة لنزيف دماغي كبير وسكتة يعتقد أن الرجل البالغ من العمر 71 عاما قد عانى منها في عام 2014.
ومن الصور المثيرة للاهتمام، تلك التي تم تداولها لمحمد بن زايد وهو يُقبل شقيقه، الذي ظهرت يده بطريقة مثيرة للانتباه، وكان لا يستطيع إغلاق فك وجهه.
ونظرت المحكمة في وثيقة مثيرة وقعها خليفة بنفسه في حزيران/ يونيو 2015 أمام كاتب عدل رسمي في أبو ظبي، وهي وثيقة تعلن باسمه عن قرار تسليم السيطرة على كل ثروته وإدارتها وجميع ممتلكاته إلى لجنة يرأسها منصور، وهي لجنة تتألف من اثنين من أبناء خليفة، وهما محام يدعى "فرج عبد الله أحنش" ووزير شؤون الرئاسة.
وهذا النقل للسلطة على الممتلكات الشخصية للحاكم هو دليل واضح بالنسبة للمحكمة على أن القرارات المتعلقة بممتلكات خليفة تأتي في الواقع من رئيس اللجنة فرج، ولكن المدعى عليهم قالوا إن التوقيع المذكور على الوثائق ليس توقيع خليفة.
وتجدر الإشارة إلى أن للشيخ خليفة ابنين، هما سلطان ومحمد، وست بنات، يفترض أن يكونوا الأوصياء المباشرين على ثروته في حال لم يكن قادرا على متابعة شؤونها، فضلا عن القضايا المتعلقة بها أمام المحاكم، وهو ما يثير شكوكا بشأن الشركات الوهمية التي تتابع القضية.
وللشقيقين علاقة في فضيحة عملية السرقة من الصندوق الماليزي، عن طريق جلب الأموال بفضل "ضمانات وهمية" تم تنظيمها من شركة "آبار" الإماراتية.
وقال التقرير إن بنك "غولدمان ساكس" كان قد وافق على دفع غرامة بمليارات الدولارات عقابا على دوره المنحرف في الصفقة، كما تمت إدانة رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق في بعض التهم الموجهة له في المحاكم الماليزية.
وفي هذه الأثناء، كان الذراع اليمنى للشيخ منصور في شركة آبار، خادم القبيسي، يقضي عقوبة بالسجن في أبو ظبي منذ أن كشفت التقارير عن دوره كأداة لرشاوى تصل إلى أكثر من نصف مليار دولار، ودوره في عمليات التسهيل غير القانونية والسرقات من خلال شبكة مزيفة من الشركات والبنوك.
وبلغ إهمال منصور إلى حد الإخفاق في ملاحظة أن عشرات الملايين قد ذهبت لخدمة يخته الفخم، وخدمات استثمارات مثيرة للجدل من بينها الاستثمار في مشروع "هاكسان" الذي يُعد من أكبر النوادي الليلية في مدينة القمار والكازينوهات لاس فيغاس.
وكشف التقرير عن تسجيلات هاتفية بين منصور وشقيقه الأكبر ولي العهد يوافق فيها على المساعدة في التستر على فضيحة نجيب عبد الرزاق، وأشار الموقع إلى أن شركة "آبار" قد وافقت بطريقة مخادعة بعد الكشف عن المكالمة على تسديد ماليزيا بمدفوعات ضخمة وفوائد تصل إلى 6 مليارات دولار.
وقد حاولت أبو ظبي منع الفضيحة من الانتقال إلى محكمة علنية خوفا من الإحراج، ولم تكن حذرة بشأن نزاع منفصل في المحكمة العليا في لندن، وهو نزاع تحول إلى قضية أكثر إثارة، يرتبط باستيلائهما على ثروة أخيهما المريض.