قالت صحيفة إسرائيلية الثلاثاء، إن اتفاق التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة، مختلف تماما عن اتفاقيتي السلام السابقتين مع مصر والأردن.
وذكرت صحيفة "هآرتس" أنه "على عكس معاهدات إسرائيل مع مصر والأردن، فإن الاتفاقية الأخيرة مع الإمارات، ليست في الحقيقة صفقة سلام، إنما تهدف إلى محاولة إجراء تعديل جيوسياسي إقليمي".
ولفتت الصحيفة إلى أنه عقب الإعلان الرسمي عن اتفاقية التطبيع بين تل أبيب وأبوظبي، فقد بدأت علاقات دبلوماسية مفتوحة، لافتة إلى أنه "بعد مرور 48 ساعة، تم بالفعل توقيع أول صفقة تجارية بين الطرفين، بشأن التعاون في إيجاد لقاحات ضد فيروس كورونا المستجد".
وأكدت الصحيفة أن هذه الصفقة التجارية "يبدو أنها كانت قيد الإعداد أو جرى الاتفاق عليها قبل وقت طويل من الاختراق الدبلوماسي"، مشيرة إلى أن التطبيع الأخير لحقه "انفتاح مفاجئ للمكالمات الهاتفية المباشرة بين الجانبين".
تطبيع مختلف
وأفادت الصحيفة الإسرائيلية بأن "هناك حالة تنافس إسرائيلية وإماراتية في إرسال التهاني بالعربية والعبرية (..)، وبدأ سبعة آلاف حساب إماراتي في متابعة وزارة الخارجية الإسرائيلية بموقع تويتر"، مشددة على أن هذا الاتفاق يختلف كثيرا عن اتفاقيات السلام التي وقعتها إسرائيل بالماضي.
وأوضحت "هآرتس" أن الاتفاقات السابقة "لم يتبعها هذا النوع من الحب المفتوح"، مبينة أنه "بعد عقود طويلة من السلام على طول الحدود المصرية والأردنية، لا تزال علاقات إسرائيل معهما، مقتصرة على العلاقات الأمنية السرية، وتفتقر إلى الدفء والانفتاح"، وفق تعبيرها.
وقالت الصحيفة إنه "رغم عدم تحديد الجدول الزمني للتطبيع الإماراتي مع إسرائيل، إلا أن هذا التطبيع مختلف تماما، ويبدو أنه أكثر سهولة"، مضيفة أن "الطرفين استكملا علاقاتهما الموجودة أصلا بالسابق، إدراكا لمصالحهما المشتركة".
وضمن مقارنة الصحيفة الإسرائيلية الاتفاقية الجديدة مع اتفاقية مصر، فقد أشارت إلى أن "تل أبيب خاضت خمسة حروب مروعة مع مصر في ربع قرن"، معتبرة أن "السلام حتى وإن كان باردا فإنه كان يعني بالنسبة لإسرائيل إخراج أكبر دولة عربية من صف الأعداء، مع تداعيات أمنية واقتصادية كبيرة".
وتابعت الصحيفة: "بالنسبة لمصر كان الاتفاق، لا يحظى بشعبية في الداخل، ولكنه تمثل في عودة شبه جزيرة سيناء، وبناء علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة".
ترتيب جيوسياسي
أما في ما يتعلق باتفاقية السلام مع الأردن، فإنها جاءت عام 1994، بعد أكثر من ربع قرن من الصراع، وفق ما أوردته "هآرتس" التي نوهت إلى أن "آخر صدام كبير مع عمّان كان خلال معركة الكرامة عام 1968".
وأردفت الصحيفة: "اتفاق السلام مع الأردن لم يقتصر على وقف القتال بين الطرفين، لكنّه مكّن الأردنيين من الشراكة القوية لتحديد طبيعة حل الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وأكدت الصحيفة أن إعلان الأسبوع الماضي عن تطبيع العلاقات مع الإمارات "قصة مختلفة للغاية"، مشيرة إلى أنه "من الغريب أن نسمي الاتفاقية بالسلام، لأن الجانبين لم يكونا في حالة حرب مع بعضهما البعض".
واستدركت: "لكن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، فإن التطبيع الإسرائيلي والإماراتي لا يحمل علاقات دافئة فحسب، بل إنه خطوة من أجل إعادة ترتيب جيوسياسي أوسع بكثير في المنطقة"، منوهة إلى أن "الارتباط بين إسرائيل ودول الخليج بدأ بشكل جدي منذ عقدين ونصف، عقب اتفاقية أوسلو، وكان من شبه المؤكد أنه سيخرج للعلن بحال لم تتعثر عملية السلام مع الفلسطينيين".
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم ذلك فقد "ظلت الروابط خلف الكواليس قوية، ونمت بشكل قوي خلال العقد الماضي، بعد تصدر التهديد الإيراني كقضية مشتركة".
وأوضحت الصحيفة أن اتفاقي مصر والإمارات مع تل أبيب، اعتمدا على فصل الصراع العربي عن الفلسطيني، رغم ترويج الرئيس المصري آنذاك أنور السادات على أن اتفاقية كامب ديفيد، تتضمن أيضا التزاما إسرائيليا بإجرا محادثات "الحكم الذاتي" مع الفلسطينيين، لافتة إلى أن اتفاقية السلام الأردنية كانت في سياق فلسطيني كامل.
ورأت أن "ما فعله محمد بن زايد، هو إعلان تخل عن الصراع الفلسطيني مع إسرائيل، وهو ثاني زعيم عربي بعد السادات يرفض القضية الفلسطينية، ولا يدفع لها أكثر من مجرد الكلام"، مؤكدة في الوقت ذاته أن الزعيم الإماراتي ذهب إلى أبعد من السادات، في اتفاقيته الأخيرة.
وتوقعت الصحيفة أن يمثل التطبيع الإماراتي خطوة أمام دول أخرى بالمنطقة، للانضمام إلى نفس المسار، مشيرة إلى أن "نتنياهو وابن زايد يأملان في تحقيق أشياء أكثر من علاقة المنفعة المتبادلة بين الطرفين".
وختمت الصحيفة بقولها: "الصفقة الإسرائيلية الإماراتية هي محاولة لتأسيس مجموعة من الدول ذات التفكير المماثل بالشرق الأوسط، وتحقيق تعديل جيوسياسي إقليمي لمواجهة إيران من ناحية، وتعزيز التكنولوجيا وإقامة العلاقات التجارية من ناحية أخرى".