20.18°القدس
19.81°رام الله
18.3°الخليل
25.09°غزة
20.18° القدس
رام الله19.81°
الخليل18.3°
غزة25.09°
الثلاثاء 08 أكتوبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.35دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.15يورو
3.79دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.35
جنيه مصري0.08
يورو4.15
دولار أمريكي3.79

بطل من هذا الزمان...

خبر: السلطة تقتل فرحة عائلة الأسير سليمان بتحرره

بدلاً من الفرح والابتهاج، عمّ الحزن وعمت الكآبة بيت المواطن "عصام سليمان" في بلدة مردة قرب محافظة سلفيت مع قرب الإفراج عن نجله "رامي" (32 عاماً) من سجون الاحتلال الاثنين 12/11/2012، بعدما تواردت الأنباء عن استعداداتٍ حثيثةٍ تبذلها أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية لاعتقاله فور إطلاق سراحه. وللأسير قصةٌ طويلةٌ مع السجون، وهو الذي أمضى فيها نحو 10 سنواتٍ حفظ خلالها القرآن الكريم، وتحول إلى رمزٍ بإضرابه عن الطعام، وضرب أروع أمثلة الصمود برفضه عرضاً بالإبعاد لقاء وقف تمديد اعتقاله الإداري. [title]أولى المحن[/title] ويعرف "رامي" لدى أهالي مردة بأخلاقه العالية وانتمائه الأصيل للوطن وحبه للبلد، كما يعرفون هدوءه وحياءه وما في سلوكه من خصال الرجال. بطل قصتنا مولود بـ 1461980، التحق بمدارس بلدته وأنهى الثانوية العامة، ليلتحق بجامعة النجاح الوطنية ويدرس في كلية الاقتصاد. في الرابع من أيلول 2001، بدأت رحلة رامي مع سجون الاحتلال، حين اقتحمت قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي البلدة وطوقت منزله وقام الجنود بتفتيشه بشكل دقيق وخرجوا مصطحبينه معهم، ليتم اقتياده إلى مركز تحقيق "بيت حتيكفا". خضع لتحقيق قاس جداً لثلاثة شهور، ثم تم تحويله للاعتقال في سجن "مجدو" لتبدأ مرحلةٌ جديدةٌ من حياة الشاب المثابر عنوانها كتاب الله عز وجل. [title]مع القرآن[/title] كانت بدايات الاعتقال شاهدةً على قراره ومشروعه لحفظ القرآن الكريم، وما هي سوى خمسة شهور قضاها كاملة ليلها مع نهارها يحفظ كتاب الله حتى تمكن من حفظه، بإتقان كامل. ورغم اهتمامه بحفظ القرآن الكريم، كان الأسير مثالاً للإيجابية في اعتقاله، فحرص على التفاعل مع زملائه الأسرى وكان دوماً يهرع لمساعدتهم. وقد عرف عنه تحمله المسئولية عن المعتقلين، فهو ممثل الأسرى في أغلب السجون التي يمكث فيها، وغالباً ما يكون المسئول عن أسرى حماس في القسم الذي يحل فيه، يشهد له الأسرى بالقدرة والكفاءة والروح العالية والصلابة أمام إدارات السجون. جاء الحكم قاسياً على رامي بالسجن 45 شهراً، ولكن حكم الله هو الذي سينفذ، فقد شاء الله له أن يُفرج عنه ضمن صفقة حزب الله في 2912004 بعد أن قضى من محكوميته 29 شهراً ليخرج رامي ويفرح الجميع باستقباله. [title]الاعتقال من جديد[/title] عاد بطلنا إلى جامعته وكله إصرار على إكمال المشوار ووضع هدفا أمام عينيه وهو إنهاء دراسته، لكن الأمر لم يكن سهلا، والطريق لم تكن مفتوحة وممهدة، فلم يمض على خروجه من سجنه سوى سبعة شهورٍ حتى عادت قوات الاحتلال لاعتقاله مجدداً ليخضع للتحقيق القاسي وما فيه من أساليب التعذيب. وصل إلى "مجدو" الذي غاب عنه لسبعة شهور، ليجد الوجوه نفسها لم تتغير، الجميع في استقباله يؤهلون ويرحبون ويمازحونه قائلين: "لم تطل الغيبة يا بطل"، وكان يرد عليهم باسما: "بعين الله يا إخوان". عاد لمصحفه ورفيق دربه ليمتن حفظه، لكن هذه المرة بصورة جديدة وبطريقة غير مألوفة، فقد قام بتسميع الأجزاء الخمسة عشر الأولى من كتاب الله برقم الآية والصفحة واسم السورة، قاضياً مع المصحف الحكم الذي قضت محاكم الاحتلال بحقه به لمدة (18) شهراً، وأفرج عنه في آذار 2006. [title]لا يساوم[/title] خرج للنور وانشغل بتجهيز بيت الزوجية، باحثا عن عمل يؤسس به بيته وحياته، لكن الاحتلال كان له بالمرصاد، فاعتقله للمرة الثالثة في 17/5/2007 وأصدر بحقه حكماً بالسجن مدة 40 شهراً. انتهت فترة الحكم المفروض على بطلنا، لكن اعتقاله لم ينته، فقد قام الاحتلال بتحويله إلى الاعتقال الإداري وجرى تمديده شهراً تلو شهرٍ. أبدى رامي صلابةً شديدةً وصمودٍ لا يقهر في مواجهة الاعتقال الإداري، وأبدت سلطات الاحتلال تعنتاً كبيراً في التعامل مع ملفه حتى عرضته على جهاز "الشاباك" الذي ساومه بالإفراج عنه شريطة الإبعاد إلى خارج الضفة الغربية، وهو الأمر الذي رفضه الأسير بشدةٍ قابلاً بما يدفع من ثمنٍ باهظٍ لقاء الثبات على حقه بالوطن. [title]بطل الإضراب[/title] ولطول فترة الاعتقال التي قضاها تحول رامي إلى شاهد عيانٍ عاصر الكثير من قضايا الحركة الفلسطينية الأسيرة، ولعل من أهمها إضراب الكرامة الذي كان أحد رموزه وأبطاله العناد. كان بطلنا قد أنهى عاماً كاملاً في الاعتقال الإداري الذي حول له بعد انتهاء محكوميته حين بدأ الإضراب، وبعد أسبوعٍ واحدٍ من تمديد اعتقاله للمرة الثالثة لمدة ستة شهور بلغت حالة رامي الصحية حد الخطر جراء استمرار إضرابه عن الطعام، فنقل يوم 1452012 إلى المستشفى وهو يعاني من انخفاض في دقات القلب هددت حياته، لكنه رغم ذلك آثر مواصلة الإضراب مفضلاً الاستشهاد على الاستعباد. [title]أجهزة السلطة تنتظره[/title] ومع اقتراب الإفراج عنه، يحتدم التنافس بين جهازي "الأمن الوقائي" و"المخابرات العامة" التابعين للسلطة، على الأحقية في اعتقال الأسير "سليمان" والتحقيق معه فور الإفراج عنه الاثنين المقبل (1211)، في خطوةٍ حولت فرح عائلة رامي بحريته إلى غصةٍ وعذابٍ. ويطلق أبناء عائلته ومحبوه في قريته مردا ورفاق قيده الذين عايشوه مرارة السجن الصرخة تلو الصرخة علها تجد الصدى هنا في رام الله لوقف معاناة هذا الشاب وسحب القرار باعتقاله من جديد. في سلفيت يقولون إن الأسرى المحررين من أمثال رامي مكانهم :"العيون والقلوب لا السجون"، أما عائلة رامي فتدعو الله أن يكفيه الاعتقال مجدداً وهي بذلك أسعد السعداء وإن لم تحظ بمكانٍ في قلب السلطة أو بين حدقات عيونها. عشر سنواتٍ هي ما قضاها رامي في مجموع اعتقالاته في سجون الاحتلال، تبلغ هذه السنوات ثلث أعوام حياته، تتساءل عائلته عنها قائلةً أنه يكفي الإنسان أن يمضي ثلث عمره في السجون آملةً أن تقتنع أجهزة السلطة بهذه الحقيقة لتكف يديها عن الأسير البطل.