الغالبية في الشارع الفلسطيني تُشكِّك حتى هذه اللحظة في إمكانية انجاز المصالحة وإجراء انتخابات وعودة الأمور إلى طبيعتها، لا يلتفتون إلى البشريات التي يزفها لهم السياسيون بين الحين والآخر، ليس هناك ثقة بقدرات المتحاورين على تجاوز الواقع الصعب الذي نعيشه منذ الانقسام اللعين، وهم على حق لأن ما يحدث الآن تكرر مرات كثيرة والاختلاف الوحيد والجوهري هو الواقع الصعب الذي تعيشه السلطة الفلسطينية، فإن طرأ تحسن على علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي مع الاحتلال سيتم تجميد أو إلغاء كل ما تم إنجازه بين الفصائل.
مما يعزز شكوك المتشائمين - وهم الغالبية - ما يسمعونه من آراء سلبية صادرة عن قيادات كلا الجانبين، سواء من فتح أو من حماس. قيادي منهم يقول إن الخلافات تقع بين فتح وحماس عند تفسير البنود وليس عند وضعها، وهذا يعني أن الخلافات قادمة لا محالة ، هذا ما قد يتبادر إلى ذهن المواطن العادي، ولكن ما تم بين فتح وحماس حتى هذه اللحظة تخطى بنود الاتفاقيات ولم يقف عند تفسيرها، وعلى سبيل المثال فإن الانتخابات على أساس النسبية الكاملة مخالف لما ورد في الاتفاقيات، ولكن الطرفين أرادا تجاوز هذه المسألة دون ضجيج، وإذا أردنا الدقة والشفافية في الحكم نقول إن حماس تنازلت لحركة فتح ولفصائل اليسار التي طالبت مرارا وتكرارا بتعديل هذا البند، أي أن المشكلة في البنود نفسها وليس في فهمها، والأمثلة من هذا النوع كثيرة ولكن لا مجال لذكرها.
قيادي آخر يقول انه مع القرار الذي تتخذه حماس ولكنه شخصيا ضد اللقاءات لأن البرامج متناقضة، نحن نحترم الآراء الشخصية ولكن لا يحق للمسئول الإفصاح عن وجهة نظره الشخصية لأن القواعد تتأثر بالآراء الشخصية للقيادات، وكذلك فإن الآراء الشخصية لا بد وان تلعب دورا مهما في بلورة القرارات لدى الحزب أو الفصيل، ولذلك فإن طرح الآراء الشخصية يساهم في رفع أو خفض نسبة التشاؤم أو التفاؤل لدى الشارع الفلسطيني، وللعلم فإن التناقض الوحيد هو مع المحتل الإسرائيلي، أما الاختلاف النظري بين المشروعين المهادن والمقاوم فيمكن تجاوزه بالعمل ضمن القواسم المشتركة وهو قيام دولة فلسطينية على حدود 67 مع استمرار المقاومة الشعبية ودون التنازل عن الثوابت أو الاعتراف بشرعية الاحتلال، أما عمليا فأعتقد أنه لا خطر على مشروع المقاومة لأن المشروع الآخر انتهى وطوته سياسة نتنياهو وترامب وجامعة الدول العربية .