20°القدس
19.89°رام الله
18.86°الخليل
23.28°غزة
20° القدس
رام الله19.89°
الخليل18.86°
غزة23.28°
الجمعة 22 نوفمبر 2024
4.68جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.68
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.71
معتز عبد العاطي

معتز عبد العاطي

مصر تردُّ الجميل.. صيادو غزة

تسيرُ مراكبُهم المُهترئةِ محمّلةً غمامًا مُحمّلًا بالهمِ، تُمطرُ عَلى أجسادِهم المُتعبةِ في عبابِ بحرِ غزّةَ، غزَتهم الأخطارُ مِنْ كُل جانبٍ، يطوفُ عليهمُ قِرْشُ الغريبِ والقريبِ، يلتهمُ أجسادَهم قبلَ رغيفِ خُبزهِم، يُداوون جراحَهم بملحِ البَحرِ، فأربعةُ عشر عامًا من الحصارِ والعذابِ، تكفّلتْ بأنْ تمحُو البسماتِ من على شفاههِم، وتُقطّع شبكاتِ قلوبِهم، وتمزّق سُبلَ عيشِهم.

"حسن ومحمود الزعزوع" صيادان فلسطينيّان من غزة، هدرتْ بهما أمواجُ بحرِ المتوسّطِ، ليتخطوّا حدودَ الشقيقة "مصر" رفقة شقيقهما "ياسر" بمسافةٍ قصيرةٍ، فلم يتوانَ الجيشُ المصريُ عن إطلاقِ الرصاص نحوهما وقتلهما، وإصابة "ياسر"، ولم تنته الحكايةُ بعد، بل تعالتْ صيحاتُ والدة الصيادين الثلاثة، لتصعقَ آذانَ الظالمين في كل مكانٍ، وتُدمر عائلاتُ بأكملها، فلقد رحلَ من كان يجلبُ قوتَ يومِهم بلا عودةٍ.

يومٌ حزينٌ تشرقُ شمسُه البائسةُ على دماءٍ ساخنةٍ أريقت في بحرِ المتوسّط، دون أدنى رحمةٍ، في مكانٍ اعتقد الصيادون الفلسطينيون، أنه آمنٌ بضيافةِ مصر، وكون أن القاربَ صغيرٌ ويمكن مراقبته وما يحملُ، فإنها جريمةٌ مكتملة الأركان، أليس بالإمكان اعتقالهم والتحقيق معهم، ومعرفةُ الظروف الذي دفعتهم لاجتياز الحدودِ

صيادو غزة الذين تتلقاهُم زوارقُ الاحتلالِ من جانبٍ، وأخطارُ البحرِ من جانبِ آخر، وقصر مسافاتِ الصّيد، والاعتقالات المتكررة بحقهم التي تمارسها قواتُ الاحتلال الإسرائيلي، وتمنعهم من الوصول لأماكن الصيد، وتطلق النار تجاههم، وتدمر مراكبهم، وتستهدفهم بالمياه العادمة، في سياسة إطباق الحصار على أهل غزة، وكل شيءٍ حيٍ ينبض بالحياةِ فيها، ها هُم يُقتلون برصاص الجيش المصري، ولم تكن هذه الحادثة الأولى، بل كانت حوادث عديدة تعرض فيها الصيادون الفلسطينيون للقتل والاعتقال من الجانب المصري.

في بدايةِ عامِ 2019، تاه مركبٌ مصري بين أمواجِ البحرِ التي اقتادتهم لشواطئ غزة، فلم يتردد صيادو غزة بجهدٍ ذاتي، من الوصول إليهم رغم المخاطرِ والأهوال، وأنقذوهم بكلِ حُبٍ وشغفٍ للحياةِ والأخوة، وتم استقبالهم رسميًا في غزة، وأكرمتهم غزة وأعادتهم لأهلهم سالمين غانمين، فالجيش المصري ردّ الجميلَ بالرصاص والقمع والقتل دون ترددٍ.

ماذا يا ترى لو كان المركبُ إسرائيليًا، هل سيجرؤ الجيش المصري إطلاق النار عليه؟، ولكنّ المركب لضعفاءِ فقراءِ تائهين من غزة، الذي يسلّط الإعلام المصري جام غضبه على أبنائها، واستخدام مصطلحات "الإرهاب، داعش، جماعات مسلحة، هجمات إرهابية، جماعة بيت المقدس" وربطها بأهل غزة، ليزرعوا الحقدَ في نفوس الجيش المصري، الذي يعد قتل الفلسطينيين عملًا وطنيًا لأنه قتل إرهابيين.

وما زال الإعلام المصري ينفث سمومه، ويبرر الحادثة بأنها دفاعًا عن أمن مصر القومي، ويمجّد ببطولة القتل والإجرام، في مسلسلٍ رخيصٍ مستمرٍ ضد أهل غزة وعمالها وصياديها.

تمضِي الحادثةُ، وتبقى دعواتُ المكلومين في غزة، والمظلومين، وأهالي الضحايا، يلعنون الظالمين، ويتوجهون صوب السّماء، راجين بأن ينتقم المُنتقم الجبار لآهاتهم وصيحاتهم وعذاباتهم، بسبب رصاصات القتلة والمجرمين.

 

 

 

 

 

 

 

المصدر / المصدر: فلسطين الآن