في سابقة قضائية، تقدم مواطن من قرية "بورين" جنوب مدينة نابلس، بأول دعوى قضائية في محكمة الصلح بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، ضد مستوطن يمنعه من استكمال بناء بيته، بذريعة أن البيت يقع في منطقة تابعة للمستوطنة، المقامة أصلا على أراضي القرية.
وبحضور محام للمدعي وممثل عن وزارة العدل الفلسطينية، تقدم الشاب منتصر نافع منصور من بورين بدعوة ضد حارس مستوطنة "براخا"، الذي يهدم له بيته منذ نحو ثماني سنوات كلما شيده، رغم أنه يقع في المنطقة المصنفة "ب" الخاضعة إداريا لسيطرة السلطة الفلسطينية، مطالبا بتعويض مادي يصل إلى 200 ألف دولار.
وعبّر منصور عن أمله أن تكون هذه الدعوى بداية لتحرك قضائي واسع ضد المستوطنين خاصة من سكان بورين الذين يتعرضون بشكل مستمر لهجمات من عصابات المستوطنين، كما يمنعون الأهالي من التوسع في البناء، خاصة في الجبال وفي الأراضي القريبة من المستوطنات.
سند قانوني
جدير بالذكر أن طلب التعويضات ينحصر بالأفعال الواقعة عن المنقولات والأضرار الواقعة على الأموال عموما دون طلب التعويض عن اغتصاب الأرض الفلسطينية الذي ينبغي الخلاص منه في إطار تحرير الأرض طوعا أو قسرا وهي القضية الوطنية الفلسطينية الأصلية المدعومة بقرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في نهاية حكم الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي يحمل الرقم 2334 والقاضي بعدم شرعية الاستيطان بما فيه الاستيطان في القدس الشرقية.
وأكد محامو الادعاء أن هذه دعوى فردية غير متعلقة بالحق الجمعي للشعب الفلسطيني، مشيرين إلى أن قانون أصول المحاكمات المدنية يؤهل القضاء الفلسطيني من حيث الاختصاص وأن إمكانية التبليغ متاحة، ومنها التبليغ بواسطة النشر بالصحف، وأن أمر تنفيذ القرارات القضائية بحق المستوطنين ممكنة، وسيتم الإعلان لاحقا عنها حيث نتدرج في إطار أحكام القانون الدولي والاتفاقيات ذات العلاقة.
وحسب خبراء قانونيون فإن الدعوى أمام القضاء الفلسطيني مقبولة قانونا وفقا لقواعد القانون الدولي الخاص، كون الضرر واقع على الأرض الفلسطينية والفاعل بوصفه أجنبي عن هذه الأرض هو مرتكبها ويتحمل مسؤولية التعويض وفقا للقواعد القانونية الفلسطينية والمقارنة في العالم أجمع.
صلاحيات المحاكمة
وهذا ما أكد عليه وزير العدل الفلسطيني محمد شلالدة، الذي نفى خلال زيارته لمديرية وزارة العدل في نابلس أن يكون القضاء الفلسطيني لا يملك صلاحيات تخوله بملاحقة المستوطنين في المحاكم الفلسطينية، مشيرا إلى أن التشريعات المطبقة في فلسطين، واستناداً لقانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، تجيز ملاحقة الأجنبي، وهو ما ينطبق على المستوطنين، الذي يقيمون ضمن الولاية الإقليمية الفلسطينية على الأرض المحتلة.
وتابع "بعد رفع الضحايا قضايا أمام محاكم البدايات الفلسطينية في مختلف المحافظات، ستجري مخاطبة الاحتلال الإسرائيلي كدولة محتلة بالمثول أمام القضاء الفلسطيني، وفي حال رفض الطرف الآخر اختصاص المحاكم الفلسطينية، سيتم اتباع الإجراءات الرسمية في المحاكمة العادلة وإصدار أحكام غيابية وفقاً للقوانين والتشريعات الفلسطينية".
وشدد الشلالدة، على أن القضاة الفلسطينيين وعند البت في ملفات الضحايا، لن يستندوا فقط للتشريعات الفلسطينية، وإنما للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضمت لها فلسطين، والتي وقعت عليها دولة السلطة القائمة بالاحتلال.
وبيّن أن كل دولة ملزمة وفق النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن تقوم بمقاضاة من ارتكب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، استناداً لنص المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنص على أن الدول ملزمة بسن تشريعات وطنية في قوانينها، لملاحقة مرتكبي جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة أو جنسيتها.
ملفات عالقة
وأكد أن القضية ليست محصورة في اعتداءات المستوطنين، حيث تقوم وزارة العدل وبموجب قرار صدر عن الحكومة الفلسطينية بتشكيل فريق وطني بمتابعة ملفات عدة، ومنها، ملف جثامين الشهداء المحتجزة في ما تسمى بمقابر الأرقام، حيث ستطالب سلطات الاحتلال بالمسؤولية المدنية وبجبر الضرر والتعويض عن المأساة التي يتعرض لها ذووهم، إضافة لملف الشركات الأجنبية العاملة في المستوطنات وعددها أكثر من 200 شركة، وملفات خاصة بملاحقة المستوطنين مزدوجي الجنسية أمام قضاء الدولة التي يحملون جنسيتها.