تساءل كاتب وصحفي إسرائيلي، عما إذا كان قرار رئيس السلطة محمود عباس بالعودة للتنسيق الأمني، استغلالا للتحول في الرئاسة الأمريكية أم "نزولا عن الشجرة"؟.
وقال الكاتب عاموس هرئيل، في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" وترجمته وكالة "فلسطين الآن": "إن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة أعطى، الثلاثاء الماضي، ثماره الأولى في الشرق الأوسط، فقد استغلت قيادة السلطة الفلسطينية استبدال الإدارة المتوقع في واشنطن في 20 كانون الثاني المقبل لتبرير خطوة كانت مطلوبة منذ زمن، وهي استئناف التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل في الضفة الغربية. واتُخذ هذا القرار مع تنفس الصعداء من جانب جهاز الأمن الإسرائيلي. فقد اعتبر غياب التنسيق في الأشهر الأخيرة مثل شوكة في الحلق".
وأضاف "هرئيل": "تدهور العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية كان نتيجة دعم إدارة ترامب لمواقف حكومة نتنياهو على مدى السنوات الأربع من ولاية الرئيس التارك في البيت الأبيض. وقلص رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل بالتدريج رداً على الخطوات الأمريكية والإسرائيلية. وقد وصلت هذه الأمور إلى الذروة في هذه السنة عند طرح الرئيس ترامب لصفقة القرن في كانون الثاني الماضي، والدفع قدماً بخطة نتنياهو لضم المستوطنات في أيار الماضي، وهي الخطة التي تم حفظها في نهاية المطاف خلال الصيف بذريعة شق الطريق أمام اتفاقات التطبيع مع الإمارات والبحرين".
وتابع: "توقفت السلطة الفلسطينية عن تسلم أموال المقاصة للضرائب التي جبتها إسرائيل لصالحها، وهو مبلغ تراكم ليصل إلى حوالي 2.5 مليار شيكل، رداً على قرار إسرائيل منع تحويل دعم مالي للسجناء الفلسطينيين الأمنيين. في أيار الماضي، قطع عباس جميع قنوات التنسيق الأمني والمدني. في الواقع، تم إيجاد طرق التفافية، وتم الحفاظ على قنوات اتصال لحالات الطوارئ، مثل إنقاذ إسرائيليين دخلوا بالخطأ إلى مناطق السلطة في الضفة الغربية وتورطوا هناك. ولكن الأغلبية الحاسمة من العلاقات جمدت، واللقاءات بين الطرفين لم تعقد تقريباً".
وأوضح "هرئيل": "السلطة الفلسطينية هي التي دفعت معظم الثمن، الأموال التي رفضت تسلمها هي بحاجة إليها في زمن الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تمر بها، وقطع التنسيق المدني قاد إلى استئناف العلاقة المباشرة بين مئات آلاف سكان الضفة والإدارة المدنية الإسرائيلية بصورة اعتبرت كنوع من الاعتراف بالاحتلال".
ولفت إلى أنه "مثلما توقع الجيش، فوراً بعد فوز بايدن قبل أسبوعين تقريباً، استغل عباس الانقلاب السياسي الأمريكي للنزول عن الأشجار، على الأقل عن الشجرة الأولى. يتوقع أن يمهد استئناف التنسيق الطريق لتسلم الأموال المعلقة، ومن ثم التخفيف من ضائقة السلطة، التي اشتدت إزاء زيادة عدد الإصابات بكورونا في الضفة. القرار يبشر أيضاً، للمرة الأولى منذ فترة طويلة، بأن السلطة مستعدة لتحسين وضع سكان الضفة بقدر معين. في المقابل، من المرجح أن استئناف التنسيق سيؤثر بشكل سلبي على جهود المصالحة بين السلطة وحماس، لأن هذا الأمر قد يقود إلى استئناف اعتقال نشطاء حماس في الضفة".
وبين أنه "ستظهر سياسة بايدن كما يبدو في الساحة الفلسطينية خلال الأشهر المقبلة، عندما تتوقف السلطة عن تبرير خطواتها ورفضها لأي اتصال مع إسرائيل أو الولايات المتحدة. ولكن لن تكون هناك مفاوضات بناءة قريبة، حتى بعد أن يوافق ترامب على إخلاء البيت الأبيض، سواء بإرادته أو بالإكراه. الشرق الأوسط بشكل عام، وبالتأكيد المشكلة الفلسطينية بشكل خاص، لن تكون على رأس سلم أولويات الإدارة القادمة، التي سيكون عليها قبل كل شيء إنقاذ أمريكا من أضرار أزمة كورونا الصحية والاقتصادية الشديدة. أما في السياسة الخارجية، فتعدّ المنافسة الاستراتيجية مع الصين موضوعاً أكثر إلحاحاً. ولن يكون لبايدن ورجاله أي أوهام عظمة فيما يتعلق بقدرتهم على حل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بشكل نهائي وبسرعة".