قرأت، أمس، تقريرا منشورا على وكالة "معا" الإخبارية حول شاليط وسيف الإسلام والقذافي، روته الصحافة العبرية على لسان أيوب قرا الوزير المرتزق في حكومة الاحتلال، يدلل على أن الحديث لا يعدو كونه أضغاث أحلام، يحاول الاحتلال من خلاله تخدير المجتمع الإسرائيلي وخداعه بأن هناك محاولات من قبل الحكومة للإفراج عن شاليط والذي سيصحبه القذافي معه في زيارته للكنيست الإسرائيلي. كلام من بدايته حتى نهايته لا تشعر فيه منطقية أو لا علاقة له بالواقع، وهو مجرد فبركة إعلامية لشخص مغمور لا يلتفت إليه أحد، ويريد من خلال ملف شاليط تسليط الأضواء عليه من خلال كلام منسوج من الخيال وهمي لا أعتقد أنه سيلاقي أي اهتمام من قبل المجتمع الإسرائيلي، بل ربما يجر على قائله النقمة وعلى من يحاول التصدر لتوافه الأمور وتصويرها على أنها سبق إعلامي أو يمكن أن ينال منها ما يحقق له الشهرة. قضية شاليط ليست بحاجة إلى القذافي والذي انتهى على أرض الواقع، وما هي إلا أيام وقصة القذافي تنتهي وتنتهي معه أربعون سنة من الضلال والأكاذيب والجرائم، وسيطوي معه كل من له علاقة به وسينتصر الشعب الليبي على جلاديه ويبدأ مرحلة جديدة من حياته. قضية شاليط ليست بحاجة إلى أضاليل وأكاذيب أيوب قرا والصحافة العبرية؛ لأنها قضية ليست بحاجة إلى مثل هذه التصريحات التي لن ينخدع بها إلا من تحدث بها ومن يحاول أن ينشر ما تحدث به، لأن قضية شاليط ذات مسار محدد ووفق رؤية محددة وتعتمد في جلها على الموقف الإسرائيلي، لأن المقاومة الفلسطينية لا تساوم في هذه القضية وقد أقفلت شروطها بالشمع الأحمر الذي لن ينفك إلا إذا استجابت الحكومة الإسرائيلية لشروطها. قضية شاليط قضية رأي عام فلسطيني وليست قضية حماس لوحدها أو قضية القوى الآسرة للجندي، رغم أن القضية بتفاصيلها وتعقيداتها بين يدي حماس؛ ولكنها لن تستطيع التنازل عنها، ولا تتحكم فيها طبيعة العلاقة بين حماس وأي من الدول العربية، وحماس هي مجرد الأمين على شاليط حتى يتم إنجاز الصفقة التي حددتها قوى المقاومة. المجتمع الإسرائيلي لن ينخدع بهذه الخزعبلات التي يتحدث عنها القرا، لأنه يعي جيدا القضية كاملة ويدرك أن المعطل لها هو الحكومة الإسرائيلية، وأن المشكلة ليست في الوسيط الذي يقوم بدور الوساطة، وفي نفس الوقت يدرك المجتمع الإسرائيلي أن حماس وقوى المقاومة أغلقت هذا الملف ولن تتفاوض على اقل ما أقفلت عليه التفاوض في الجولات الماضية، وحتى في الجولة الأخيرة توصل الوسيط إلى أن موقف حماس غير قابل للتغيير والتعديل، وأن على الجانب الإسرائيلي الاستجابة للمقاومة إذا رغب أن تنتهي هذه القضية بالإفراج عن شاليط مقابل تنفيذ الصفقة. لا القذافي ولا سيف الإسلام ولا أحلام القرا ستفرج عن شاليط، وسيبقى شاليط رهن الأسر ما لم تستجب الحكومة الإسرائيلية لشروط الصفقة هذا ما أدركه الوسطاء وأدركه المجتمع الفلسطيني وأدركه المجتمع الإسرائيلي، وعبر عنه قادته السياسيون والعسكريون، ولن تدغدغ عواطفهم هذه "الهرطقات القرّيّة" التي لا طائل منها. من يريد شاليط حيا سالما عليه أن يحقق شروط المقاومة، وأن يطلق سراح الأسرى الفلسطينيين، القضية ليست قضية وسيط ولا قضية من سيصحب شاليط معه إلى الكنيست اليهودي، القضية قضية موقف حكومة نتنياهو الذي هو من يملك مفتاح الحل، الموافقة على شروط المقاومة تعني إطلاق سراح شاليط، دون ذلك يبقى الأمر على ما هو عليه، وربما يتطور الأمر إلى ما هو أصعب وأمر.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.