تنهدت تنهيدة طويلة " وأنا الذي بحاجة إلى مواصلتين لأصل عملي ، وليس واحدة كأبي محمد " ، متسائلا في نفسي " كم من الوقت أحتاج " ، خاصة وأن بعض السيارات تمر من أمامنا " مزدحمة بالركاب". وقفت كحال من حولي أنتظر الفرج ، مع أبي محمد ، و الحديث مستمرا بيننا ، والناس من حولنا يتمتمون بكلام يشي بالضيق ورفض المشهد القائم ، أبو محمد يقول " أحد السائقين اشترط عليه دفع شيكل آخر ، قبل أن يركب ، فرفض " . وبينما نحن كذلك ، وإذا بسائق أجرة " أبو محمود " يعرفنا يشير إلينا من بعيد ، أسرعنا إليه " كغريق تعلق بقشة" ، ركبنا ، ابتسم قليلا ، وفهم من نظرات عيوننا و ملامح وجوهنا التي أحرقتها أشعة الشمس ، ما نريد سؤاله ، فقال " الحكومة غلت السولار وما عاد توفي معنا " وأضاف " أنا سائق أجرة باليومي وكله على ظهري وظهركم " في إشارة إلى المواطن. سألته مستوضحا " "بيفرق معك زيادة نص شيقل "، أجاب " نص على نص بكبر وبكلف " ، موضحا " هذا المشوار على سبيل المثال يكلف ذهابا وإيابا تقريبا ثلاثة شواقل " ، والحمولة على أكثر تقدير " ثمانية شواقل " ، يبقى خمسة شواقل "إلي وللسيارة " وقال " قس على هذا المنوال طوال اليوم ، وأنا سائق أجرة يومي ، كيف بدي أطعمي عيالي والمدارس فتحت أبوابا و المصاريف زادت ". أبو محمد بدا متضامنا مع السائق " الغلبان " ، لكنه قال " شو ذنب المواطن يدفع شيقل زيادة " ، رد السائق " الحكومة رفعت سعر السولار ولم ترفع سعر الأجرة ، بعض السائقين زادوا على مسؤوليتهم وآخرون أضربوا عن العمل " ، أما أنا -يضيف أبو محمود " لا زدت ولا أضربت وها أنا أعمل لما يأتي الفرج ونشوف أخرتها ".وتابع " إذا توقف شغلي بوقف رزقي وأكل عيالي ". وهنا أشرنا للسائق "أبو محمود " بالتوقف ، نزلنا ونحن نقول " الله يفرجها " ودعت أبو محمد جاري الموظف ، وانطلقت إلى موقف سيارات غزة ، واتضح لي أن حركة السيارات الداخلية أصعب من التي تعمل على خط غزة ، لم يطل انتظاري حتى امتلأت السيارة بركابها السبعة ، وانطلقنا على " بركة الله ". أصبح " غلاء السولار والأجرة " ، حديث الساعة ، فالسائق الذي " اشتعل رأسه شيبا" ، أشار إلى أنه تفاجأ كثيرا بقيام الحكومة برفع أسعار المحروقات لأكثر من مرة خلال عام وبنسبة كبيرة.وقال: إن المحروقات هي السلعة الوحيدة التي استفاد منها المواطنون خلال فترة الحصار لانخفاض سعرها مقارنة مع المحروقات المستوردة من الجانب الإسرائيلي، لأنها تأتي عن طريق الأنفاق. وطالب الحكومة بإعادة النظر في قرارها وإعادة السعر كما كان. وأكد السائق وقوع العديد من المشادات الكلامية بين سائقين رفعوا التسعيرة على مسئوليتهم والركاب ، وانتقد قرار الرفع بشدة لأنه جاء في وقت تشهد فيه حركة السير ضعفا ملحوظا. وأوضح أن رفع الأسعار ساهم في انخفاض المردود المادي للسائقين بنسبة تزيد عن 25%. ونوه إلى أن سعر السولار و البنزين أرخص يكثير منه في الضفة الغربية المحتلة ، لكنه أشار إلى أن العائد والدخل اليومي للمواطن هناك أكثر منه في غزة التي تعاني حصارا اقتصاديا منذ سنوات. وعبر عن أمله في إسهام المصالحة وتشكيل حكومة جديدة في خفض أسعار المحروقات، التي لم يكن يتجاوز سعر اللتر الواحد منها قبل عام ونصف 3ر1 شيكل. وقال السائق الذي يعمل لدى أحد تجار السيارات: إن السائقين من أولى الشرائح التي يجب أن تستفيد من انخفاض أسعار المحروقات، في إشارة إلى تبرير الحكومة برفع أسعار المحروقات لتمويل برامج مساعدة العمال المتعطلين عن العمل والفقراء. لم ينس السائق الخمسيني ، أن يشكر الحكومة على رصف كثير من الطرق وترميم أخرى ، كما أشاد بالحملة المرورية التي لاحقت السيارات الغير قانونية وفتحت مجال العمل أمام السيارات القانونية ، خاصة الأجرة.أما الركاب فاختلفت رؤيتهم لتصرفات السائقين، فمنهم من يرى أن السائقين على حق، كما هو الحال مع رامي، أحد الركاب وهو موظف خاص ، الذي اعتبر أن الشيكل الذي يتقاضاه السائق كأجرة لإيصال الراكب على بعد أكثر من أربعة كيلومترات غير كاف، مطالبا الحكومة بأن تراعي الظروف الصعبة للسائقين والركاب. وأكد أن السائق لا يتحمل مسؤولية رفع تسعيرة المواصلات بل الحكومة لرفعها أسعار المحروقات. يأتي هذا الجدل القائم بين السائقين والركاب ، بينما تفتح المدارس والمؤسسات التعليمة أبوابها أمام آلاف الطلاب ، واستعداد الطلبة للذهاب إلى جامعاتهم وكلياتهم.