قال جنرال إسرائيلي، إن الانتفاضة التي اندلعت قبل 33 عاما، كانت أشبه بـ"الاختراق، وهو الوصف الصادق لما حدث" بعد أن قررت كل مدينة وقرية وحي فلسطيني المشاركة فيها والاشتباك مع الجيش والمستوطنين.
وأضاف الجنرال موشيه إلعاد، الحاكم العسكري الأسبق لمدينتي جنين وبيت لحم، ورئيس آلية التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، في مقاله بصحيفة إسرائيل اليوم، أنه "فور اندلاع الانتفاضة، دخل قاموس جديد لجميع وسائل الإعلام العالمية: مظاهرات، رشق حجارة، زجاجات حارقة، هراوات، رصاصات مطاطية وبلاستيكية، اعتقالات جماعية وهجمات مسلحة".
وأكد أنه "طيلة عشرين عامًا بين 1967-1987 ساد صمت خافت حرفيًا في المناطق الفلسطينية، وفجأة، دخلت الانتفاضة الشعبية للفلسطينيين إلى حياة الإسرائيليين مثل بركان لا يتحكمون فيه، ولا يعرفون متى سينفجر، لكن الانتفاضة اندلعت بصورة لم يرها أحد".
وأشار إلعاد، المحاضر في أكاديمية الجليل الغربي، أن "الانتفاضة الأولى هي الحادثة الأمنية الأولى التي بلغ عدد ضحاياها، قرابة مائة إسرائيلي و1500 فلسطيني، غلبت عليها الكثير من أسباب التشكل عشية اندلاعها، بسبب عدم وجود أفق سياسي، بطالة شديدة، شباب فلسطيني كبير وعاطل عن العمل، خاصة عقب إطلاق سراح 1150 أسيراً في صفقة تبادل الأسرى عام 1985 مقابل 3 أسرى من الجيش الإسرائيلي".
وأوضح أن "الفلسطينيين حين أطلقوا انتفاضتهم الأولى فسروا هذه الصفقة على أنها ضعف كبير لإسرائيل، واليوم بعد مرور كل هذه السنوات على هذه الانتفاضة فإنه يمكن التأكيد على القليل جدا حول تداعياتها، وما زالت تلازمنا بعضها حتى يومنا هذا".
وأضاف أن "الأضرار التي لحقت بقوة الردع الإسرائيلية من هذه الانتفاضة ما زالت قائمة وماثلة، لأن هناك خطا مستقيما بين نتائج حرب أكتوبر 1973، وجرأة التنظيمات الفلسطينية على إسرائيل في الأردن ولبنان خلال حقبة السبعينيات، وعودة سكان الأراضي المحتلة لذات الجرأة في أواخر الثمانينيات، حيث توقفت إسرائيل عن إخافة العرب والفلسطينيين في حرب 1967، وتوقفت مؤسستها العسكرية عن الردع".
وأكد أن "صورة الطفل الفلسطيني البالغ عشر سنوات، وهو يلقي حجرا على دبابة إسرائيلية في نابلس ستُحفر إلى الأبد، مثل داوود الفلسطيني الذي هدد جالوت الإسرائيلي، وسوف تمر بضع سنوات أخرى قبل أن تستعيد إسرائيل قوتها الرادعة".
وأوضح أن "أضرارا كبيرة لحقت باقتصاد إسرائيل منذ 1967 بسبب الانتفاضة، ففيما نشر الجيش الإسرائيلي الحد الأدنى من قوته العسكرية بالضفة الغربية، وكان يكفي جنين سيارتي جيب على الحدود، فإن اندلاع الانتفاضة في1987 تطلب إطلاق فرقة مدرعة واحدة في الضفة الغربية، وترك عشرات الآلاف من جنود الاحتياط وظائفهم، وأجبروا على التعامل مع أعمال المظاهرات المدرسية في رام الله ونابلس والخليل وغزة ورفح".
وأشار إلى أن "الاقتصاد الإسرائيلي بفعل هذه الانتفاضة تباطأ بشكل ملحوظ، واضطرت إسرائيل لإغلاق المناطق الفلسطينية، واستلزم إضافات في ميزانية لم نشهدها منذ حزيران/يونيو 1967، كما أن صورة إسرائيل تراجعت قيمتها، وسئمت عيون مشاهدي التلفزيون الغربيين من رؤية معالم الانتفاضة، كأن يظهر جندي إسرائيلي يأمر طفلًا صغيرًا بمحو شعارات من أحد جدران الحي، أو إزالة علم من عمود كهرباء".
وأكد أن "الانتفاضة عملت على تآكل مكانة إسرائيل الدولية، ودائما ما اضطررت لأن أسأل النرويجيين والسويديين والدنماركيين وباقي الدول الاسكندنافية: لماذا أنتم ضدنا؟ كل ذلك يؤكد أن مرور 33 عامًا منذ اندلاع الانتفاضة لم تشكل فترة زمنية كافية لاستخلاص الدروس، وفضلنا أن نرى المشكلة في منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج، ولم نفهم أن هناك منظمة تحرير داخلية أيضًا".
وختم بالقول إن "حرب أكتوبر 1973 واندلاع الانتفاضة الأولى 1987 حدثان متشابهان في ظروفهما ونتائجهما، وفيما تم تحميلنا مسؤولية إخفاقات تلك الحرب اللعينة، بالانتفاضة الأولى حملت إسرائيل اللوم على سكان المناطق الفلسطينية".