خبر: الحرية أولاً !!
05 سبتمبر 2011 . الساعة 09:22 ص بتوقيت القدس
معاذ العامودي لا تعتبر العداوة والبغضاء لإسرائيل والغرب المقياس الأساسي في مدى ولائنا وتأييدنا لأي من الأنظمة العربية أو الغربية أو حتى الإسلامية, فمقياس العداوة تلك وإن كان علامة جيدة في معيار الوطنية النابع من الدعم والمولاة للقضية الفلسطينية يجب أن يكون له مقابل وهو المعيار الأساسي. لست من مؤيدي أمريكا ولا إسرائيل ولا الغرب, وأعلم جيداً أن لكل مصالحه يبحث عنها ولو على حساب الآخرين, وأن السبب الرئيسي لما تحياه المنطقة العربية من مشاكل جمة وعلاقات عقيمة, وتنمية ورفاهية ضعيفة, هي إسرائيل وأمريكا التي تحميها بقاعدة "أمن إسرائيل لا يمكن المساس به" ونجحت اسرائيل في تكبيل الشعوب باتفاقيات ومعاهدات. سنين عجاف قضتها الشعوب العربية وراء فتات القومية والناصرية وشعارات "الوقوف في وجه المشاريع الاستعمارية" لنتوه معها ونفقد جزءً كبيراً من حريتنا وننساق وراء المسميات والشعارات والعاطفة, ولم تعطينا خبزاً أو حرية وأمناً. لو كان المعيار هو العداوة للغرب وإسرائيل, لقلنا إن من أفضل الأنظمة وأكثرها وجوبًا للولاء والتأييد النظامين السوري والليبي . ليبيا تحتل التصنيف الثالث عالمياً في توفر رأس المال, وللأسف تحتل المرتبة 130 من أصل 136 عالمياً في الرفاهية والتنمية أي أن المال متوفر والتنمية والرفاهية معدومة, وبالرغم من هدر المال وضع القذافي أكذوبة "محاربة الاستعمار" في الواجهة لتضيع به أموال الليبيين, ويعيش القذافي وأبناؤه في بحر الأموال, وكان القتل والتعذيب والاعدام شبه اليومي في ليبيا حاضراً, وليتكلم الليبي في كل شيء ما عدا "الدين والسياسة" فهل يقول الليبيون "بارك الله في القذافي كان معادياً للغرب ". أما على الصعيد السوري, والذي يحسب بشار نفسه مالكاً للبلاد والعباد, يكفى ما عانى الشعب على يد أبيه حافظ من قتل وتعذيب للإسلاميين وكذلك الشيوعيين, فالسوري إن لم يكن موالياً للنظام, مسبحاً بحمده, فهو بالتأكيد ضده ولا حلول وسط . وعاشت سوريا سنيناً من القهر والظلم والتعذيب, فأعدم الأطباء, وقتل العلماء, وذبح الأبناء أمام الآباء لأنهم "أخوان مسلمين" ضد النظام, وخرج من خرج من السجون بعد قضاء عشرات السنوات بلا تهمة, لينتحر في النهاية, و الحرية الممنوحة كانت صفر, وكذلك ازداد الفساد والفقر والبطالة وانعدمت الرفاهية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية في سوريا, ولنراجع التاريخ ونقرأ الحاضر. هناك أيضا الكثير من الأنظمة العربية الموالية لأمريكا تحيا حياة اقتصادية جيدة ورفاهية عالية, ولكن الحرية فيها معدومة, والفساد الإداري والمالي يصل لأعلى مستوياته, وأنظمة الحكم استبدادية ولا يمكن تغيرها . كانت المشكلة ولا زالت تتمثل في عسكرة الأنظمة العربية, واستخدام النار والحديد في التعامل مع الشعوب, مع فساد واضح, وطبقية لم تشهد لها الليبرالية مثيل, كان ذك كله للأسف في ظل أنظمة تطلق على نفسها "نظام حكم إسلامي" . ملخص القول أن هناك معايير أساسية من خلالها نستطيع اصدار الحكم, وهي الحرية والرفاهية الاجتماعية , والمقدرة على محاسبة المسئولين وإقالتهم من مناصب "الوصاية على الشعوب" . يتسرع البعض وبشكل ملفت, بمقولة نريد "نظاما إسلاميا شاملاً " يحكم البلاد, ولكن كيف؟ والإسلام مشتت شيعا شيعاً ويخوض حروباً مع نفسه, ونشهد كل يوم انبثاق جماعة إسلامية من رحم أخرى تعارضها في الرأي والفكرة, وسط تحالفات قوية يحياها الشرق والغرب, فالصين في أفريقيا, وكذلك أمريكا في أوكرانيا وبولندا والناتو, وأمريكا اللاتينية فيما بينها, إلا المسلمين فلا زالوا يريدون تصفية الحسابات مع بعضهم, وحتى اللحظة لم يخرج نموذج إسلامي قادر على مجابهة الاشتراكية أو الليبرالية بل نماذج إسلامية صغيرة لا تكاد تجد المال الكافي لبقائها في الحكم. قبل منح الشعوب نظاماً إسلامياً كالتي تريد, يجب أن تمنح الشعوب حرية وإصلاحا سياسياً وإجتماعياً بمقدار عشر سنوات على الأقل من بعد الثورات, وبعدها تستطيع الشعوب أن تفكر, وإن اختلفنا أو اتفقنا حول نتائج الثورات العربية, فهي في النهاية جعلت مجتمعاتنا حية لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتحاسب عليها المسؤولين, ولو استطعنا الانحلال من عسكرة الأنظمة, وفصل الجيش عن الحياة المدنية الداخلية, نستطيع التفكير في أي نموذج إسلامي يستطيع المجابهة.