تمكن الشاب محمد محسن صيدم (26 عاماً) من سكان مخيم النصيرات وسط قطاع غزة من اختراع "ميدالية كورونا الذكيّة" للحفاظ على التباعد الاجتماعي، وهي عبارة عن جهاز إنذار يعلق في العنق، ويطلق إشارة تنبيه إذا حدث اقتراب من مرتديها مسافة تقل عن متر واحد.
واستغرق الشاب صيدم خريج "هندسة ميكاترونكس" نحو شهر لصناعة الميدالية من قطع إلكترونية ومجسّات لاسلكية احتفظ بها في ورشته الخاصّة ليخرج بهذا الابتكار الذي يأمل أن ينال به براءة اختراع، باعتباره يقدم جهازاً علمياً يتمتع بمميزات إضافية، وهي ميزة الشحن اللاسلكي للهواتف الذكيّة وجهاز تعقيم آلي لليدين.
وقال الشاب صيدم في حديث لموقع "القدس" دوت كوم: "بسبب أزمة كورونا وازدياد الاصابات بسبب التزاحم الشديد، خصوصاً ما أُلاحظه في مخيم النصيرات الذي أقطن فيه، استشعرت خطورة عدم التزام الناس بالتباعد الاجتماعي للوقاية من وباء كورونا المستجد، وأردت أن أساهم في تكريس الوعي بشيء عملي يساهم في تحقيق التباعد بما يحفظ صحة الناس".
وأضاف: "قمت باختراع ميدالية تعلق في العنق لتكريس مبدأ التباعد لمسافة متر بين الشخص والاخر، وذلك من خلال جهاز إنذار (مجس) يطلق إشارة تنبيه، إذا اقترب أحدهم منك مسافة تقل عن متر، كما أضفت ميزة تمكنك من شحن هاتفك الذكي، إضافة إلى حاوية لسائل معقّم تعمل بنظام حسّاس إذا اقتربت يداك منها".
وأوضح صيدم أنه اختار تصميم الميدالية من بين عدة تصميمات، لسهولة حملها على العنق، إضافة إلى منظرها الجمالي، مشيراً إلى أنها تتكون من مجس فصل المسافة، ومجس التعقيم، وقطعة برمجة، ومفتاح مع بطارية، وشحن لاسلكي، مغطاة بغطاء بلاستيكي.
وأشار إلى أن تكلفة صناعة الميدالية بلغت 80 شيكلاً، وأنه في حال تبنت جهة هذا المشروع وجرى إنتاج كميات منها فإن التكلفة ستنخفض، لافتاً إلى أنه يعمل الآن على تسجيلها كبراءة اختراع وكذلك على تبنيها من شركة تكنولوجية لصناعة كميات منها والبدء بتسويقها في قطاع غزة.
وأشار الشاب صيدم إلى أنه منذ تخرّجه من الجامعة، لم يتوقف عن محاولات الاختراع بحسب الحاجة، باعتبارها هواية ومتعة كبيرة لديه، فقبل "الميدالية" ابتكر "سيارة كورونا الذكية"، وهي عبارة عن جهاز يتم التحكم به عبر الكمبيوتر أو الموبايل، يحمل مواد معقمة تسير داخل المرافق التي تحتاج إلى تعقيم دون الحاجة لتدخل بشري، وهو ما من شأنه تقليل فرص إصابة العاملين من فيروس كورونا.
ولفت إلى أن هذه الهواية كانت لديه منذ صغره، حيث تمكن وهو في المرحلة الاعدادية من إعداد وسيلة إيضاح تعليمية عن الزلازل، وهو ما لقي تشجيعا كبيراً من معلميه، وأنه كان يستغل إجازة المدرسة للتوجه إلى ورشة لأعمامه ليمارس فيها هوايته بصناعة التقنيات التكنولوجية، فصنع وهو في عامه الـ 16 آلة للعصير، وآلة لتوليد الطاقة الكهربائية.
وأوضح أنه وبعد نجاحه بتفوق في الثانوية العامة وحصوله على معدل 91% اختار تخصص هندسة الميكرونتكس، ليتمكن من المزج بين الهواية الفطرية واكتساب أفضل المعارف العلمية في هذا العالم الواسع.
وأعرب صيدم عن فخره باختراع 25 جهازاً وأداة لتسهل الحياة وتحقق أهدافا متعددة، من خلال مشغل خاص به اقتطعه من منزل عائلته الصغير، مشيراً إلى اختراعه طابعة الحفر على الخشب بتقنية الكمبيوتر، ثم طابعة ثلاثية الأبعاد فازت بالمركز الأول في مسابقة محلية، وجهاز عصا الكفيف الذكية التي تشمل مصباحاً ضوئياً لتنبيه السائقين، ووحدة شحن كهربي، ونظام تحديد الموقع تبعا للأقمار الصناعية GPS وماكينة لحام.
وقال المهندس صيدم إنه يعكف حالياً على إعداد جهاز خاص للصناعة التحويلية، معرباً عن أمله بأن يشكل نقطة تحول في مسيرته المهنية، وفائدة كبرى للمؤسسات والمجتمع، رافضا الإفصاح عن المزيد من التفاصيل حول اختراعه الجديد.
وأكد الشاب صيدم أنه ماضٍ في طريقه، بالرغم من شح الإمكانات وظروف الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة التي تعيق وصول بعض الإمكانات والخامات، وكذلك عدم وجود جهات داعمة ماليا، كون هذه الاختراعات لها تكلفة مالية عالية بالكاد يستطيع تغطية مصاريفها، ودعا أقرانه إلى عدم الاستسلام للواقع والاستمرار بالمحاولة والتجريب وملاحقة هواياتهم وأحلامهم سعيا لتحقيقها أملاً في مستقبل وغدٍ أفضل.