بعد نحو عام على تمرير مجلس النواب الأميركي قرار عزله الأول، يجد الرئيس السابق دونالد ترامب، نفسه، محور محاكمة ثانية غير مسبوقة في مجلس الشيوخ، وذلك بالتزامن مع اجتماع لمجلس مدينة بالم بيتش في فلوريدا، قد يقرر مدى مشروعية إقامة ترامب الدائمة في منتجعه الخاص للغولف، مارالاغو.
وسيتعين على أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، تحديد إن كان ترامب قد حرض على هجوم ضد مقر الكابيتول، عندما اقتحم مئات من أنصاره مقر الكونغرس، يوم 6 يناير، واصطدموا مع الشرطة، محاولين منع انعقاد جلسة رسمية للمصادقة على فوز الرئيس جو بايدن في الانتخابات.
محاكمة غير مسبوقة
تجربة مشرعي مجلس الشيوخ الأميركي ستكون غير مسبوقة، إذ يجب عليهم اتخاذ قرار بشأن عزل رئيس سابق لم يعد في منصبه، رغم أنه لا يزال يشكل مركز ثقل في حزبه.
ويسعى الديمقراطيون، من خلال المحاكمة، إلى منع ترامب من تولي أي منصب فدرالي في المستقبل، في حال توصلوا إلى إدانة الرئيس السابق، وهو أمر غير مرجح.
الملياردير الجمهوري وحلفاؤه يشددون على أن المحاكمة في ذاتها غير دستورية، إذ بإمكان مجلس الشيوخ إدانة رئيس في منصبه وإقالته، لكن لا يمكنه القيام بذلك تجاه مواطن عادي.
لكن رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، التي شكلت فريقا من 9 ديمقراطيين لإدارة إجراءات العزل وتوجيه التهم لترامب، تصر على ضرورة إجراء المحاكمة، معتبرة أن الفشل في إدانته سيضر بالديمقراطية الأميركية.
وتحتاج إدانة ترامب إلى أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، ما يعني أنه سيتعيّن على 17 جمهوريا الانشقاق عن صفوف باقي أعضاء الحزب والانضمام إلى جميع الديمقراطيين البالغ عددهم 50 سناتورا، وهو احتمال يبدو شبه مستحيل في الوقت الراهن.
ولا يرغب الجمهوريون، الذين يبدو أنهم منقسمون بشأن مستقبل الحزب، في مناقشة مسألة المحاكمة المثيرة للجدل طويلا، في حين يفضل العديد من الديمقراطيين طي الصفحة سريعا، بهدف إفساح المجال أمام الكونغرس لإقرار مقترحات لإدارة بايدن تحظى بأولوية، مثل خطة الإنقاذ الاقتصادي لمواجهة تداعيات كوفيد-19.
بالتزامن مع إجراءات المحاكمة في مجلس الشيوخ، سيبحث مجلس مدينة بالم بيتش بولاية فلوريدا، مدى قانونية إقامة الرئيس السابق الدائمة، في منتجعه الخاص للغولف المعروف باسم "مارالاغو".
وقد اشترى ترامب العقار في بالم بيتش عام 1985، وحوله إلى ناد خاص، أصبح بمثابة منزله الشتوي خلال سنوات رئاسته الأربع الماضية.
ويتساءل الجيران عما إذا كان ممكنا أن يصبح النادي منزل ترامب الدائم، وأرسل سكان بالم بيتش المجاورين، في ديسمبر الماضي، رسالة إلى زعماء البلدة، أشاروا فيها إلى اتفاق موقع عام 1993، يقولون إنه يحظر على أي شخص العيش في العقار بشكل دائم، بدعوى أنه ناد اجتماعي.
وبينما لا يُعرف بالضبط ما هو على جدول أعمال اجتماع مجلس المدينة المقرر، الثلاثاء، إلا أن مدير بالم بيتش، كيرك بلوين، كان قد أشار سابقا إلى أن الاجتماع يمكن أن يناقش أمر إقامة ترامب الدائمة في مارالاغو.
وقال بلوين إن الأمر "يخضع للمراجعة القانونية من قبل محامي المدينة جون سكيب راندولف. المحامي يراجع اتفاق إعلان الاستخدام وقواعد الأوامر الخاصة بنا، لتحديد إذا كان بإمكان ترامب العيش في مارالاغو".
لكن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، قالت قبل أيام، إن المحامي راندولف أوصى مجلس المدينة في مذكرة خاصة، بالسماح لترامب بالعيش في مارالاغو.
وكانت "منظمة ترامب" أكدت في بيان سابق صدر في ديسمبر الماضي، أنه "لا توجد وثيقة أو اتفاق يحظر على ترامب استخدام مارالاغو كمقر إقامة".
الكاتب المقيم في بالم بيتش، لورانس ليمر، الذي ألف كتابا عن المنتجع، دافع عن حق ترامب في الإقامة هناك، وقال: "يجب أن يُنسب إليه الفضل في عدم العبث بمارالاغو"، متوقعا ألا تتحدى المدينة ترامب إذا قرر العيش فيها.
وأضاف ليمر أن ترامب يحب الاختلاط بأعضاء النادي وضيوفه وجعلهم "يداعبون غروره"، وهو أمر لن يعيشه في مكان آخر.
ويوضح ليمر أن "البعض يقولون إن ترامب ليس لديه الحق القانوني في الإقامة القانونية في مارالاغو"، ويتساءل: "هل كان هذا الحق القانوني يوما مشكلة بالنسبة لترامب؟"