تشير تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، إلى أن "حزب الله" سيبادر إلى خوض جولة تصعيد "محدودة" مع جيش الاحتلال باستخدام صاروخ مضاد للدبابات وقذائف هاون، وربما عمليات قنص جنود، وذلك لأول مرة منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، في حين قدّر جيش الاحتلال أن باستطاعة إيران تطوير قنبلة نووية خلال عامين.
وذكر التقييم أنه للمرة الأولى منذ حرب تموز/ يوليو 2006، رصدت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية استعداد "حزب الله" لـ"تصعيد محدود" على غرار جولات التصعيد مع الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة، دون الانجرار إلى حرب واسعة. وأضاف أن "حزب الله" يرغب في "السير على الحافة" لإغلاق حساباته المتراكمة مع "إسرائيل"، لدفع الأخيرة إلى تقليص هجماتها على أهداف تابعة للتنظيم في سورية.
وحسب التقديرات، سيستمر التصعيد لعدة أيام (بين يومين إلى ثلاثة) دون إلحاق الأذى بالمدنيين أو إطلاق النار على العمق الإسرائيلي؛ والسيناريو المحتمل الذي تتوقعه الاستخبارات العسكرية، هو هجوم على الحدود بصاروخ مضاد للدبابات أو قنص يستهدف قوة تابعة لجيش الاحتلال، والتي ستهاجم بدورها أهدافا تابعة التنظيم ، وسيرد "حزب الله" مجددا بإطلاق قذائف هاون على قواعد لجيش الاحتلال.
وبحسب التقديرات السنوية لجيش الاحتلال فإن "إيران لم تقم بعد بتخصيب اليورانيوم بالمستوى الذي يسمح لها بتطوير قنبلة نووية" إذ "لم يتخذ النظام الإيراني بعد قرارًا في هذا الشأن".
ووفقًا للتقديرات التي استعرضها جيش الاحتلال خلال الفترة الماضية أمام قيادته السياسية فإنه "من اللحظة التي تبدأ فيها إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، ستكون قادرة على صنع قنبلة نووية في غضون عامين تقريبًا".
ويعتقد جيش الاحتلال أن "إيران لم تتوقف عن انتهاك الاتفاق النووي الموقع عام 2015، غير أنها تواجه صعوبة في تطوير مكونات ضرورية لتطوير قنبلة نووية، بما في ذلك قاعدة تفجير وصاروخ إطلاق مناسب (لحمل الرؤوس النووية)".
ولفتت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إلى أن أهم الأسباب التي أدت إلى تباطؤ البرنامج النووي الإيراني تتمثل باغتيال العالِم النووي، محسن فهر زادة. وتشير التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أن "فخري زادة جمع حوله كل العوامل ذات الصلة المتعلقة بمشروع إنتاج قنبلة نووية"، كما تشير التقديرات إلى أن "إيران ما زالت تواجه صعوبة في العثور على بديل له".
ويقدر جيش الاحتلال أن طهران مهتمة بالعودة إلى الاتفاق النووي، وبحسب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، تامير هايمان، فإن "إيران وصلت إلى أدنى مستوى لها على نحو غير مسبوق بعد الإجراءات التي اتخذناها في السنوات الأخيرة. وفي ظل وضعها الحالي، فإن الاتفاق الذي وقعته عام 2015، هو سبيلها الوحيد للخروج من الأزمة".
ويعتقد جيش الاحتلال أن "محاولات إيران للتموضع عسكريا في سورية مستمرة، لكنها تعيد النظر في طبيعة الخطوة ونطاقها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الأضرار التي لحقت بالأنشطة الإيرانية من جراء الهجمات الإسرائيلية وهجمات الأجهزة الأمنية حول العالم التي تعمل ضد تمركز إيران في سورية واليمن ولبنان والعراق". وقدّر جيش الاحتلال أن "الضربة الأشد في هذا الصدد"، كانت اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، مطلع عام 2020.
وبحسب جيش الاحتلال، فإن "اغتيال قاسم سليماني غيّر الواقع في الشرق الأوسط وألحق ضررا بالغا بتطلعات إيران لتشكيل محور ‘شيعي‘ واسع في المنطقة"؛ واعتبرت التقديرات الإسرائيلية أن "سليماني كان الشخصية الأبرز في مشروع بسط النفوذ الإيراني خارج حدودها. وأن إيران تواجه صعوبة في إيجاد بديل مناسب له، الأمر الذي أضر بجهود النظام في ترسيخ وجوده في سورية".
وتشير التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى أن "إيران قلصت من حجم تواجد رجالها في سورية، وأبقت على عدة مئات من المستشارين والمسؤولين"، وأن "ذلك يعود إلى حجم الأضرار التي ألحقت بها" من جراء الهجمات الإسرائيلية. "كما يجد الإيرانيون صعوبة في إدخال أنظمة متطورة من الأسلحة إلى سورية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الضربات الجوية، التي نُسب بعضها إلى إسرائيل".
وجاء في التقديرات الإسرائيلية أن "إيران تعمل على تحويل غرب العراق إلى نقطة لجمع المعدات لتسهيل نقل الأسلحة والوسائل القتالية إلى سورية ولبنان - لكن حتى في هذه الحالة، فإن الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل على الشحنات ومستودعات الأسلحة في العراق تمنع ذلك".
وشددت التقديرات الإسرائيلية على أنه "رغم الأضرار التي تلحق بها، فإن إيران غير مستعدة للتنازل عن مشروع التموضع العسكري في سورية والعراق"، وقال هايمان "المحور يواصل محاولته للتموضع من أجل الإضرار بإسرائيل عبر هضبة الجولان. جهودنا العديدة تنجح في إلحاق الضرر بهذه القدرة وتقليصها".
"حزب الله يسعى إلى ‘الانتقام‘"
هذا، وادعت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إلى أن "حزب الله" مرتدع من احتمال نشوب حرب مع "إسرائيل"، والتوقعات الإسرائيلية تشير إلى ان هذا الوضع (حالة الردع الإسرائيلي لحزب الله) سيستمر خلال العام الجاري.
وفي الوقت ذاته، تشير التقديرات إلى ارتفاع احتمال وقوع اشتباكات محدودة على الحدود مع لبنان؛ وأن يبادر حزب الله إلى مواجهات محدودة وقصيرة مع "إسرائيل"، ويعود ذلك، بحسب جيش الاحتلال إلى "تصميم (الأمين العام لحزب الله) حسن نصر الله، على الرد على الضربات" الإسرائيلية، وعلى رأسها مقتل أحد عناصره في غارة إسرائيلية على مواقع في محيط مطار دمشق، في تموز/ يوليو الماضي.
واعتبرت التقديرات العسكرية الإسرائيلية أن "من أهم إنجازات ‘حزب الله‘ في السنوات الأخيرة، خلق معادلة يرد ‘حزب الله‘ بموجبها على أي هجوم يتعرض له أحد عناصره وذلك باستهداف جنود إسرائيليين"، وأشارت التقديرات إلى "فشل محاولتي ‘حزب الله‘ للرد على مقتل أحد عناصره في الغارة الإسرائيلية على محيط مطار دمشق، لذلك لا يزال نصر الله مصرا على الرد".
وبحسب التقديرات فإن "‘حزب الله‘ واصل عملية التسلح وعززها خلال الفترة الماضية، ويواصل نصرالله الدفع باتجاه إتمام مشروع تحسين دقة الصواريخ، استعدادًا لمواجهة محتملة مع إسرائيل"، غير أن جيش الاحتلال يُقدر أن عدد الصواريخ الدقيقة التي بحوزة "حزب الله" ليس كبيرًا. و"لا تؤثر على ميزان الردع في هذه المرحلة".
وقال هايمان: "نحن نعمل باستمرار ونتعامل مع تهديد الصارويخ الدقيقة، وعلى الرغم من أنه تهديد لا ينبغي الاستخفاف به، إلا أننا نقدم استجابة جيدة بعدة طرق، علنية وسرية"، وأضاف "بفضل القدرات الاستخباراتية العالية، تمكنا من مهاجمة مئات الأهداف في إطار ‘المعركة بين الحربين‘، والحفاظ على تفوق إسرائيل الإقليمي".
وعلى الصعيد الفلسطيني، تتوقع شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أن تستمر "حماس" في استثمار معظم جهودها في الساحة المدنية في قطاع غزة الذي يواجه صعوبات اقتصادية وأوضاع إنسانية صعبة.
2021... عام للترقب
وتتمثل التحديات الرئيسية لجيش الاحتلال لعام 2021، بحسب "أمان"، "في المواجهات عند المناطق الحدودية والتعامل مع محاولات حماس لضرب الحاجز الذي أقامه جيش الاحتلال تحت الأرض" في المناطق الحدودية مع غزة، لإحباط محاولة حفر الأنفاق من القطاع، بالإضافة إلى "إطلاق النار من قطاع غزة والتصدي لعمليات ضد إسرائيل في غزة ومرتفعات الجولان".
ويرى جيش الاحتلال أن عام 2021 سيكون عاما من الترقب في الشرق الأوسط، وذلك في ظل التغييرات المتوقع في الاستراتيجيات الأميركية التي قد تتخذها الإدارة الجديدة في البيت الأبيض. مشيرا إلى الترقب الإيراني لرفع العقوبات الأميركية، وترقب "حزب الله" لرفع العقوبات البنكية المفروضة على مسؤولي التنظيم وحصول لبنان على قروض مالية دولية، فيما أشار إلى التوقعات الفلسطينية في الحصول على دعم الرئيس الأميركي جو بايدن، واستئناف العلاقات مع البيت الأبيض.