لم تكد شركة فيسبوك تخرج من مأزقها مع الحكومة الأسترالية، بشأن الدفع مقابل المحتوى الإخباري، حتى بدأت تلاحقها اتهامات جديدة قديمة تتعلق بـ"تضليل" المعلنين لتعظيم أرباحها.
وعلى وقع استمرار أزمة تحديث سياسة الخصوصية في تطبيقها "واتساب"، باتت الشركة مضطرة لدفع 650 مليون دولار، لتسوية نزاع قانوني يتعلق بـ"الخصوصية" لـ 1.6 مليون مستخدم للموقع الأزرق في ولاية إلينوي الأميركية، بعد نزاع قضائي دام قرابة 6 أعوام.
وتعود قصة القضية إلى عام 2015، عندما واجهت فيسبوك دعوى قضائية، بشأن جمعها بيانات "بيومترية" بشكل غير قانوني، للتعرف على الوجوه في انتهاك لقانون الخصوصية في إلينوي الصادر في عام 2008.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير التقني في أمن المعلومات، الولي ولد الداه، إن "ما تم تجريمه في ولاية إلينوي ليس استثنائيا، ولكن الاستثنائي هو وجود قوانين واضحة تشمل هذا النوع من الانتهاكات".
وأضاف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "فيسبوك تستخدم نفس التقنيات وذات النمط التجاري حيثما تتواجد خدماتها ولكن في أغلب دول العالم لا توجد وسائل قانونية تسمح برفع قضايا جماعية كما هو الحال في أغلب الولايات الأميركية، مما يعطي لمثل هذا النوع من الدعاوى وزنا أكبر".
وأكد ولد الداه، أن "شركة فيسبوك إذا لم تغير من سلوكياتها وتحدث تغيرا جذريا في نموذجها الاقتصادي سوف تجد على المدى المتوسط تحديات لا يمكن تخطيها".
وبينما حققت عملاق التواصل الاجتماعي في عام 2020، إيرادات تقارب 86 مليار دولار، وتخطت أرباحها 29 مليار دولار، بزيادة بنسبة 58 في المئة، تواجه الشركة اتهامات بأنها كانت على علم بأن تقديراتها لعدد مستخدميها غير موثوقة ومرتفعة بشكل "اصطناعي"، لكنها تجاهلت الأمر لجني المزيد من العائدات الإعلانية.
وفي هذا الشأن يقول الخبير التقني، محمد علي السوسي، إن "إصرار فيسبوك على غض النظر عن هذه المعطيات المغلوطة كان بهدف المحافظة على عائدات مرتفعة من الإعلانات".
وأوضح السوسي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "هذه العائدات كانت ستكون أقل لو تعامل المعلنون مع أرقام حقيقية وأكثر واقعية، وهو ما دفع العديد من الشركات إلى تقديم قضايا ضد فيسبوك بسبب هذا التلاعب، الذي بات واضح المعالم بعد شهادات موظفي فيسبوك التي نشرتها وسائل الإعلام".
وفي السياق ذاته، يقول خبير وسائل التواصل الاجتماعي المصري، أحمد بسيوني، إن "هذه الاتهامات تلاحق فيسبوك منذ أعوام 2016 و2017 و2018، وفي 2019 بدأت مجموعة من الشركات تمنع عرض إعلاناتها على فيسبوك وإنستغرام بسبب الأرقام غير الدقيقة".
وبيّن بسيوني، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "90 في المئة تقريبا من أرباح فيسبوك تأتي من الإعلانات وهي المصدر الرئيسي والمهم، ما قد يدفع الشركة لتسوية الأمر بتعويضات بعيدا عن المحاكم، لأن خسارة هذه القضايا ستكلفها أزمة ثقة ربما تستمر لسنوات"، مشيرا إلى أن "حجم التعويضات قد يقدّر بمليارات لكل المعلنين في فيسبوك وعددهم يصل إلى ملايين حول العالم".
ويتوقع الخبير التقني السوسي، أن تتراجع عائدات الإعلانات على فيسبوك حتى منتصف هذا العام على الأقل، مؤكدا أن "عدم ثقة المعلنين سيجعل الشركة في مأزق إلى أن تتضح نتائج التحقيقات وتغلق القضايا التي تم رفعها".
ويرى السوسي أن "مقدار الثقة في هذه المنصة انخفض بشدة لدى جمهور كبير من الشباب"، معللا ذلك بـ"الفضائح والمشاكل التي تلاحقها منذ خمس سنوات، بداية بمشكلة تحديث سياسة خصوصية واتساب، مرورا بأزمة الدفع مقابل المحتوى في أستراليا، فضلا عن عاصفة كامبريدج أناليتيكا التي انفجرت قبل 3 سنوات، مع فضائح أخرى تتعلق بالخصوصية وبانتشار الأخبار المفبركة".
واختتم الخبير التقني حديثه، قائلا: "فيسبوك تعتمد في الخروج من مثل هذه الأزمات على الحديث عن ارتفاع عدد مستخدميها بشكل متواصل وعلى الاستخدام الذي بات يشبه الإدمان لمنصاتها، وعليه فهذه الأزمة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة".