قال كاتب إسرائيلي: "هناك مشكلتان أساسيتان في التاريخ القاسي للنكبة الفلسطينية، كما هو موصوف في كتاب البروفيسور إيلان بابيه "التطهير العرقي لفلسطين"، الأولى أن كل شيء صحيح ورد في الكتاب، والثانية أن كل شيء معروف، بغض النظر عن التفاصيل المروعة، والازدحام الشديد في الأحداث، وتأريخها".
وأضاف ران أدليست في مقاله بصحيفة معاريف، ترجمته "عربي21"، أن "قراءة الإسرائيليين لذلك الكتاب تدخل القارئ ليس فقط في جو الصدمة، ولكن أيضا على التفكير، وطرح أسئلة كبيرة تعيد للأذهان عام 1937، حين كتب ديفيد بن غوريون، أول زعيم في إسرائيل، عبارة أنه "يجب أن نطرد العرب، ونأخذ مكانهم".
وأشار إلى أنه "منذ إطلاق هذه العبارة، قاد بن غوريون المؤسسة السياسية وعمليات الجيش الإسرائيلي، التي تركزت في تدمير مئات القرى الفلسطينية، وقتل وترحيل مئات الآلاف منهم، وبإمكان كل باحث أكاديمي وصحفي ومحب لفلسطين، وعارف للتاريخ، أن يفهم أننا أمام صراع دم لا هوادة فيه".
وأوضح أن "المؤلف بابيه احتفظ بسجل دراماتيكي ودقيق ومأساوي لكل قرية أو بلدة أو حي فلسطيني في المدن التي تم القضاء عليها، بعدد يزيد على 540 قرية وبلدة، وقتل سكانها، وترحيل ما قرابته 800 ألف، وتوثق كتب التاريخ أن عصابات الهاغاناه والجيش الإسرائيلي تصرفا ضد الفلسطينيين الذين انتفضوا لتدميرهم، ما يعني أن الفلسطينيين لم يذهبوا كأغنام أمامهم".
وأكد أن "المشكلة أن هذه الحوادث المروعة التي وقعت أثناء القتال لم تكن عفوية، ولكن بقصد متعمد، من قبل قيادة الدولة، وقد ثبت أن تطهير القرى كان مخططا مسبقا، ونفذت أولى مراحله قبل حرب 1948، وأثناءها، لأن القلق الأولي تمثل بأن الدولة اليهودية لن تكون قادرة على الوجود حتى بعد قرار التقسيم، فالفلسطينيون حازوا أولوية ديمغرافية ومزايا عسكرية في السيطرة على الأرض ومئات القرى".
وكشف النقاب أنه "من الناحية العملية، فقد اتضح لاحقا أن القيادات العسكرية العليا في الجيش الإسرائيلي امتلكت "ملفات القرى" التي تم إعدادها مسبقا في إسرائيل، واستخدمت لاحقا للترحيل والهدم السريع، ومنهم "يسرائيل غليلي، موشيه ديان، ييغآل يادين"، ما يجعل هذا الكتاب الأكثر أهمية في تاريخ الصراع اليهودي الفلسطيني؛ لأنه يوثق عمليات الترحيل والسلب والدمار والقتل".
وأشار إلى أنه "من الناحية الأخلاقية، فإن إسرائيل تتجنب الحديث عما ورد في هذا الكتاب، بزعم أنه يقدم للمجتمع الإسرائيلي مرآة سوداء، ولذلك فقد دفع الثمن على ما كتبه، من حيث اتساع رقعة الكراهية نحوه، مع العلم أن كتابه يجب أن يمثل اليسار واليمين في إسرائيل، بحيث أن كل جانب يستخدمه لتبرير وجهات نظره وأفعاله، خاصة اليمين المتطرف الذي يعتبر الكتاب إثباتا لطريقته في إقامة الدولة، وتأسيسها".
وأوضح أنه "رغم مرور السنوات السبعين الماضية، فلا يبدو أن الإسرائيليين يعترفون بالنكبة والظلم الذي لحق بالفلسطينيين، وبالتالي لا توجد فرصة لإنهاء الصراع، رغم أن الاعتراف بإعادة بناء التاريخ هو الخطوة الأولى التي يجب أن نأخذها إذا أردنا إعطاء فرصة للمصالحة مع الفلسطينيين".
وختم بالقول إن "هذه التحركات من شأنها أن تعمل على تهدئة الصراع في الوحدة الجغرافية بين الأردن والبحر، بما في ذلك أي ترتيبات فيدرالية، وحينها ستؤدي إلى مستوى مقبول من الجوار، رغم أن إسرائيل لن تعترف أبدا بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين".