أبى الشهيد الشيخ عاطف حنايشة أن يغادر الدنيا إلا أن يكون قدوة يحتذى به ونموذجًا يقتدى به، داعية في المنابر، وكالعطر في السمعة والصيت والأخلاق، ومقاومًا رافضًا لظلم الاحتلال وعنجهيته.
بهمة الرجال وشجاعة الأبطال، يقف الشيخ عاطف أمام قوات الاحتلال المدججة بالسلاح، يشد بين يديه مقلاعه ويرجمهم بحجارته ومقاومته، دفاعًا عن دينه ووطنه الذي روى بدمه الطاهر أرضه ورايته.
ولد الشهيد عاطف يوسف حنايشة "أبو بكر" (47 عاما) في بلدة بيت دجن، ودرس في مدارسها وعاش في أروقتها، وارتوى وتشبع من مساجدها دعوته وأخلاقا، وألف الناس صوته الشجي في الآذان، كونه يعمل كمؤذن وخادم لمسجد موسى بن نصير في البلدة.
وخلال الأسابيع الماضية حرص الشهيد حنايشة على أن يكون حاضرا في المسيرات التي تنظمها فعاليات البلدة رفضا للبؤرة الاستيطانية التي أقيمت على أراضي القرية مؤخرًا.
لم يكتف حنايشة بحضور الفعاليات، بل إنه كان ممن تصدر المشهد وفي مقدمة من تصدى لجنود الاحتلال بصدره العاري وحجارته التي أرعبت الجنود قبل أن يباغتوه اليوم برصاصاتهم الحاقدة ولتستقر في رأسه ويرتقي شهيدا، وليصبح الشهيد الأول في المسيرات التي تشهدها البلدة منذ عدة أشهر.
تاريخُ تضحيات
وللشهيد تاريخ مليء بالتضحيات، فهو أسير من سجون الاحتلال ومعتقل سياسي في سجون السلطة عدة مرات، كما أنه تعرض لإصابة بعد أن أطلق الاحتلال النار عليه في انتفاضة الأقصى، واستقرت رصاصة في قدمه لتكون شاهده على تضحياته وعمق انتمائه وحبه لدينه ووطنه.
ومن المعروف عن الشهيد بين أبناء بلدته حرصه الدائم على العمل والإنجاز والسعي لتوفير لقمة العيش لأبنائه الخمسة، وثابر في السنوات الأخيرة حتى استطاع إنجاز منجرته الخاصة به.
وضجت صفحات التواصل الاجتماعي بعني الشهيد والحديث عن مناقبه وصفاته، واستحضرت ماضيه وحاضره.
فارس مغوار
كتب الأسير المحرر طلال أبو عصبة قائلا: "يترجل اليوم فارس مقدام مغوار بطل من أبطال بلدة بيت دجن، من أبطال فلسطين إنه الشهيد عاطف حنايشة أبو بكر إمام مسجد موسى بن نصير، إنه اصطفاء الله للمخلصين من عباده".
وأضاف: "عرفناك يا أبا بكر من أهل الإيمان والإقدام والخلق الحسن، فهنيئا لك الشهادة، وهنيئا لك صحبة النبيين والشهداء، هنيئا لك وأنت تغادر الدنيا مقبلا على الله بجهاد الصهاينة المغتصبين، فقد كنت في مسيرات مواجهة الاستيطان في مقدمة الصف، لم تتخلف ولم تتراجع وكنت مثالا للثبات والإصرار على انتزاع الحق".
وتابع: "إن استهداف الصهاينة لك هو استهداف للأحرار في هذه البلدة، هو استهداف لنفس الثورة الذي لن يخبو إلا بالتحرير واسترجاع الحقوق".
وبدوره قال الناشط والأسير المحرر علاء حميدان: "هذا الرجل كتلة من الصدق والإخلاص ولا نزكيه على الله تعالى".
ملحمة شرف
أرض وتراب بيت دجن شرق نابلس، كما كل تراب فلسطين، يشهد تضحيات أبناء حركة حماس ودفاعهم عن كل ذرة فيها بأوقاتهم وأجسادهم ودمائهم، كسدٍ منيع أمام مخططات الاحتلال الاستيطانية.
وبدورها نعت حركة حماس شهيدها الشيخ حنايشة، وتوجهت بالتحية لأهالي بيت دجن على تصديهم لمحاولات قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال السيطرة على أجزاء من أراض البلدة، وأكدت بأن دماء الشيخ عاطف اليوم تكتب ملحمة شرف وبطولة ستظل تذكرها الأجيال.
وشددت على أن تفعيل المقاومة بأشكالها كافة هو القادر على لجم الاحتلال ووقف مخططاته، واقتلاع خيام المستوطنين التي أصبحت تنتشر كالأورام السرطانية فوق أراضينا في الضفة المحتلة.
كما ونعى القيادي في حركة حماس عبد الحكيم حنيني شهيد بلدته، والذي ارتقى إلى العلا بعد إطلاق قوات الاحتلال النار عليه خلال دفاعه عن أراضي قرية بيت دجن الحبيبة.
وقال حنيني: "إننا اليوم ننعى أخا حبيبا عرف بدماثة خلقه وحبه للخير وعصاميته، كما عانى من اعتقالات الاحتلال والإصابة بالرصاص خلال انتفاضة الأقصى واليوم يتوج مسيرة عطائه من أجل فلسطين بالشهادة دفاعا عن الأرض التي يحاول قطعان المستوطنين السيطرة عليها".