كثرت في الآونة الاخيرة هجمات المستوطنين ضد الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وذلك من خلال التواجد الكثيف لجيش الاحتلال الاسرائيلي لمساندة النشاطات التي ينفذها المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين.
العديد من الشواهد في هذا السياق وردت في الصحافة الصهيونية خلال الفترة السابقة، أكدتها تقارير محلية وأجنبية، يقوم جيش الاحتلال بتنفيذ العديد من الاجراءات ضد الفلسطينيين لصالح حماية المستوطنين في الضفة الغربية، مثل: الحواجز الطيارة، ومهاجمة القرى بشكل شبه يومي، وغض الطرف بشكل كبير عن اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين ومزارعهم وقراهم، في محاولة زرع الترهيب في محيط المستوطنات.
الأهم في هذا السياق ان الملاحقة التي يشنها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين تجبرهم على التخلي عن تقديم اي شكاوى ضد المستوطنين خوفا من عودة المستوطنين مرة اخرى والاتيان على كل ما تبقى من مصالح الفلسطينيين في المناطق المتاخمة للمستوطنات، هذا يدفع المستوطنين للتمادي بشكل كبير في تنفيذ هجماتهم ضد كل ما هو فلسطيني في الضفة الغربية .
آخر هذه الحوادث عندما قام خمسة أطفال فلسطينيين، تتراوح أعمارهم بين 9 و 13 سنة، على الاقتراب من بعض المنازل في البؤرة الاستيطانية في حفات ماعون أثناء قطفهم لنبتة جونديليا الصالحة للأكل. قامت قوة عسكرية تضم على الأقل قائدين برتبة رائد بنقلهم بسرعة إلى مركز الشرطة في مستوطنة كريات أربع.
بعد ثلاثة أيام، اعتدى حوالي 10 مستوطنين ملثمين على عائلة فلسطينية بالهراوات والحجارة بالقرب من البؤرة الاستيطانية في متسبيه يائير، مما أدى إلى إصابة الأب سعيد عليان بجروح بالغة في فكة.
ليس من المستغرب - بالنظر إلى السلوكيات السابقة لجيش الاحتلال – أن المستوطنين تهربوا حتى الآن من الاعتقال والعقاب.
ناهيك عن الدعم الذي تقدمة دولة الاحتلال للمستوطنين في محاولة منها لتثبيتهم داخل اماكن تعتبر استراتيجية الضفة الغربية بهدف الحيلولة دون قيام اي كان سياسي فلسطيني بالقرب من المستوطنات، او حتى امكانية التواصل هذه الكائنات داخل الضفة الغربية.
كثفت دولة الاحتلال خلال العامين الماضيين عملية الاستيطان في الضفة الغربية على الرغم من صدور قرارات دولية تدينه بقوة ابتداء من عام 2017 خلال ادارة الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما وانتهاء بالسياسة الحالية التي اكد عليها الرئيس الحالي جو بايدن.
أحد أهم أشكال التكامل بين المستوطنين ودولة الاحتلال هو ملاحقة لمجتمعات الرعاة والزراعة التي تعتبر من أكثر الفئات حرمانًا في المجتمع الفلسطيني، في محاولة لطردهم من منازلهم.
ودشنت دولة الاحتلال في الآونة الاخيرة مشروع يعتبر من اخطر المشاريع داخل الضفة الغربية حيث سمحت اقامة بؤر زراعية قريبة من المستوطنات بهدف بسط السيطرة على الأراضي الفلسطينية بشكل اوسع، و منع أهالي الريف الفلسطيني من الاقتراب منها، وهذا يعرف بالاستيطان المتدحرج حيث ان مساحة هذه الاراضي قابلة للزيادة والتوسع في اي وقت على حساب الاراضي الزراعية الفلسطينية.
وتحدث زئيف حيفر - أحد مهندسي المشروع الاستيطان - قائلًا "لا يشغل المبنى مساحة كبيرة لأسباب مالية. لقد استغرقنا أكثر من 50 عامًا للوصول إلى 100 كيلومتر مربع".
من ناحية أخرى، فإن مزارع الماشية والأراضي الزراعية "تسيطر على أكثر من ضعف مساحة الأرض للمجتمعات المبنية ... يمكن لمزرعة واحدة حماية عدة كيلومترات مربعة من الأرض".
يستخدم المستوطنون في هذه البؤر الاستيطانية نظامًا من العنف والترهيب ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في الجوار، واعتادوا رعي قطعانهم في المنطقة، وكل ذلك بدعم كامل من دولة الاحتلال.
يقوم المستوطنين بدوريات في مناطق واسعة بعيدة عن المزارع، يعتدون على الرعاة والمزارعين الفلسطينيين ويطردونهم، وذلك بهدف ضم المزيد من الأراضي.
يرجع تخلي العديد من الفلسطينيين ببساطة عن تقديم شكاوى بشأن هذه الهجمات، بعد أن تعلموا من التجربة أن قانون الاحتلال لا يوفر لهم أي حماية.
نشر تقرير لإحدى المنظمات "الاسرائيلية" أنه تم إنشاء حوالي 40 "مزرعة استيطانية" في الضفة الغربية خلال العقد الماضي. من المعروف أن هذه المشاريع هي قرصنة مدعومة من دولة الاحتلال عبر اتباع استراتيجية العنف والهجمات المستمرة لإخراج الفلسطينيين من المزيد والمزيد من أجزاء الضفة الغربية، من أجل تمهيد الطريق لتوسيع المستوطنات.
يرتدي المستوطنين في بعض الأحيان زيًا عسكريًا تابع لجيش الاحتلال دون أن يحرك ساكنًا.
إن إنشاء هذه "المزارع" والعنف المدعوم من قبل دولة الاحتلال جزء لا يتجزأ من سياستها التي تمنع أي تنمية فلسطينية في الضفة الغربية.
وكجزء من هذه السياسة، شنت دولة الاحتلال حملة هدم واسعة النطاق ضد مجتمعات الرعاة الفلسطينيين مثل خربة حُمصة، التي تم هدمها ست مرات حتى الآن.