16.68°القدس
16.44°رام الله
15.53°الخليل
19.59°غزة
16.68° القدس
رام الله16.44°
الخليل15.53°
غزة19.59°
الأربعاء 04 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.11دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.11
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

خبر: تركيا.. درس في الإنسانية!

رغم الأهمية الكبرى التي يمثلها الموقف التركي الأخير بطرد السفير الإسرائيلي من تركيا وتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع دولة الاحتلال إلى الحدّ الأدنى، رداً على جريمة الأخيرة ضد أسطول الحرية العام الفائت، وإصرارها على رفض الاعتذار لتركيا ولشعبها عن تلك الجريمة، إلا أن ما استوقفني في تلك الخطوة التركية الشجاعة هو بعدها الإنساني، وذلك في إطار علاقة الدولة التركية، بقيادة حزب العدالة والتنمية مع شعبها، وكيف أنها تحترم حقوقه إلى أبعد حدّ، وتنتصر لكل قطرة دم له، ولا تساوم على حقوقه ولا تفرط فيها حتى لو كلّفها ذلك توتر علاقاتها السياسية مع دول عدة، وحتى لو أثار غضب العالم عليها. تركيا دولة تعلم أهمية الاستثمار في الشعب والجمهور، وتعي قيمة أن تظل على علاقة تصالح وودّ دائمين معه، كما تعرف في المقابل النتائج الوخيمة التي تترتب على إدارة الظهر له، وغضّ الطرف عن نداء مظلوميه وحاجات ضعفائه، فالحزب الحاكم الحالي (العدالة والتنمية) جاء مصلحاً عهد الفساد السابق، واستحقّ أن يبقى على سدّة الحكم كل هذه السنوات التي تلت فوزه الأول في الانتخابات، ولم يجد المواطن التركي رغبة بتغييره لأنه وجده ملبياً لطموحاته، وواقفاً على مصالحه، ومراعياً لها، قبل اهتمامه بأي شأن آخر داخلياً كان أم خارجيا. وفي الدرس التركي عِبَر يستحسن أن يتمعن فيها جيرانها العرب سواء أكانوا أحزاباً أم أنظمة حاكمة، فهو يقدّم أنموذجاً رائداً للحزب الذي لا يبدّل جلده بعد وصوله للحكم، تماماً كما يقدم أنموذج النظام المتصالح مع شعبه والمحترم إرادته وحقوقه، والمدافع الأمين عن حياضه ودمه وكرامته، ولعلّ الجار السوري هو أول المدعوين لتعلم أبجديات احترام كرامة الإنسان، بل حتى آدميته من النظام التركي، لأن النظام السوري يبدو أستاذاً في الشعارات والخطابات، وفي الإعلاء من قيمة حزبه الحاكم، وبيع الناس وعوداً وجرعات معنوية حول الكرامة، فيما هو على أرض الواقع يطبق سياسة الغاب في تعامله مع بني شعبه، وفي عدائه المطلق لهم، وإنكاره حقوقهم الأساسية في الحياة والحرية والعيش الكريم. كم يبدو نادراً عدد من يعون عِبَر مدرسة الربيع العربي، وكم تبدو الأنظمة متناسخة ومتشابهة ولا تتفوق على بعضها إلا في الإجرام والكذب والإفلاس، لأن الصدق مع الذات واحترامها قبل أي شيء آخر لم يعد قيمة عربية كما يبدو، ولأن فهم النظام الحاكم لدوره الأساسي مقتصر في ديارنا على الخطابات الصفراء التي تطلقها أبواق الرسميين وتداعب بها خيال شعوبهم حتى تقتل فيهم الإيمان بأن إصلاح الخلل ممكن عبر آليات التغيير السلمية المعهودة! ألف شكر لتركيا لأنها لم تفرط بدماء شهدائها التسعة، وبرّت بوعدها الذي قطعه نظامها لحظة وقوع المجزرة، ولأنها خالفت توقعات الكثيرين الذين ظنوا أن تقادم الأيام سيبرد الدم في العروق التركية وينسيها شهداءها، ولأنها كرّمت بطولة ذلك النفر المعطاء من بنيها الذي خاض مسيرة كسر الحصار عن غزة، وألف شكر أخرى لها على تلك الصفعة التي سدّدتها لعنجهية دولة الاحتلال التي ألفت تعاملاً مغايراً من جيرانها العرب، وأولهم من ظلوا يتعاملون مع اعتداءاتها المباشرة عليهم وفق منطق: سنرد في المكان والزمان المناسبين، فيما كانوا في حقيقتهم أكثر خيبة من أن يرفعوا طرفهم في وجه (إسرائيل)، بينما رأيناهم أسوداً متوحشة على شعوبهم فقط، وفي مواجهة العزّل والمستضعفين وطالبي الحرية!