14.44°القدس
14.16°رام الله
13.3°الخليل
18.77°غزة
14.44° القدس
رام الله14.16°
الخليل13.3°
غزة18.77°
السبت 23 نوفمبر 2024
4.64جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.86يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.64
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.07
يورو3.86
دولار أمريكي3.7

الصحافي معاذ حامد بعد تحقيق "الموساد" معه في إسبانيا: أخشى الانتقام

وكالات - فلسطين الآن

كان يمكن لأي صحافي في فلسطين أن يعتقل إدارياً ولمدة مفتوحة من دون لائحة اتهام. هذا هو الاحتلال وهذه هي أدواته. لكن ما وقع لمراسل "التلفزيون العربي" في إسبانيا، الصحافي معاذ حامد، لم يكن أقل من فضيحة، إذ إن ضابط استخبارات إسرائيلياً هو من تولى التحقيق معه في مؤسسة أمنية في العاصمة مدريد، وباللغة العربية، حيث لم يكن الضابط الإسباني سوى موظف تجهيزات لتحقيق أجنبي على أرضه، مع ضحية أعزل يأمل في لجوء آمن.

"بالوثائق... هكذا يستهدف الموساد فلسطينيي الخارج في دول أوروبية" عنوان التحقيق الذي أعده معاذ حامد لصالح صحيفة "العربي الجديد" يوم 30 ديسمبر/ كانون الأول عام 2019. وهو تحقيق مزعج بالتأكيد، إذ يتتبع بالوثائق والتسجيلات الصوتية محاولة الموساد تجنيد الفلسطينيين في الدول الأوروبية، عبر عروض عمل وهمية وغيرها، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمنظمات الخيرية، بغية التجسس على التنظيمات الفلسطينية والناشطين في أوروبا.

عمل حامد في تركيا، ثم قرر اللجوء إلى إسبانيا. حدث هذا في إبريل/ نيسان عام 2019، أي قبل ثمانية أشهر من قراره بنشر التحقيق الذي جهزه في تركيا. لماذا إذاً لم ينشر التحقيق قبل وصوله إلى إسبانيا؟ قال معاذ حامد إن تحقيقه كان جاهزاً قبل عام من تاريخ نشره، لكن عدم شعوره بالأمان في تركيا أجّل النشر، مضيفاً "ظننت أن إسبانيا ستكون المستقر الآمن، لأفاجأ بأنني أتعرض لتحقيق استخباري بسبب تحقيق صحافي".

من الغريب استدعاء صحافي لاجئ إلى مقر "الحرس المدني الإسباني"، وهو جهة أمنية عسكرية مهمتها حراسة الموانئ والطرق السريعة ومقرات الشخصيات السياسية، وملاحقة مهربي المخدرات والإرهابيين. الجهة المتوقع أن تستدعي شخصاً لسؤاله عن ملف لجوئه هي "الشرطة الوطنية".

لكن اللاجئ، حتى لو كان صحافياً متعلماً يتقن لغات عدة يبتعد عن أي احتمال لصدام مع مؤسسة من مؤسسات الدولة التي سمي لاجئاً فيها. حين يتلقى معاذ حامد اتصالاً ودعوة لشرب فنجان قهوة سينحي فوراً سؤال الجهة الأمنية "أنتم لستم الشرطة الوطنية. ما علاقتكم بي كلاجئ؟"، وهذا ما حصل في 9 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وهو يعرف، كما بالتأكيد تعرف محاميته، أن "الحرس المدني" ليس جهة الاختصاص. ما جال في خاطر حامد هو أن جهاز المعلومات في "الحرس المدني الإسباني" تلقى معلومات من الموساد. ربما يريدون التأكد من أنه لا يشكل خطراً على أمن إسرائيل التي اعتقلته سابقاً، وهو اليوم لديه اعتماد حكومي كصحافي محترف.

في مقر الحرس الأمني كان حامد أمام ضابطين إسبانيين: نيكولاس وخافيير، ودارت جلسة مطولة. وبخبرة حامد الذي عرف السجون الإسرائيلية في اعتقال إداري مرات عدة، انتبه إلى أن أحد الضابطين يسأل والثاني يراقب لغة جسده، وردود أفعاله. كل ذلك، كان يمكن اعتباره طريقة تحقيق معروفة في العالم، قبل أن يأتي التحقيق الثاني بحضور ضابط موساد إسرائيلي، يوم 11 فبراير/ شباط الماضي، لينكشف الغطاء كلياً عن الفضيحة.

نسأله: "بعد ظهور الضابط الإسرائيلي، هل انتبهت إلى أن الضابطين الإسبانيين في اللقاء الأول كانا يسألان أسئلة استخبارية"؟ يجيب: بالطبع. تعرضتُ في البداية لأسئلة عادية، لكن في نهاية اللقاء بدت الأسئلة غير منطقية، بل أستطيع القول غير احترافية، مثل لو رأيت السفير الإسرائيلي في مؤتمر صحافي، كيف يمكن أن تتصرف؟ ورددت بأنني أعمل في مؤسسة إعلامية محترمة، وأنا معتمد لدى الدولة الإسبانية رسمياً، لذلك أدرك وألتزم بتقاليد مهنتي، ثم سئلت "لو رأيت ضابط استخبارات إسرائيلياً، ماذا يمكنك أن تتصرف جسدياً؟ وسخرت من السؤال ليس فقط للأسباب المهنية التي ذكرتها، بل لأن مراسلاً تلفزيونياً يراد له أن يعرف برمشة عين شخصاً، ويحدد مهنته، فما بالك بأن يكون رجل استخبارات، وظيفته أن يكون مجهولاً".

وأكد حامد "لدي صراع سياسي مع إسرائيل، هذا لا أخفيه، بدءاً بالعنوان الكبير للصراع مع احتلال وصولاً إلى التعبير عن موقف صغير، كالذي حدث حين كنت أتلقى فصلاً دراسياً في اللغة الإسبانية، وكانت تدرس معي مجندة إسرائيلية. عرفتها من حسابها على (فيسبوك) وهي ترتدي البزة العسكرية وتحمل سلاحاً. كل ما في الأمر أنني طلبت بوضوح أن تجلس في أبعد زاوية عني، أثناء تلقي الدرس".

جهاز المعلومات في الحرس المدني الإسباني، قال حامد، هو الاسم الملطف للاستخبارات. وما هو غير طبيعي وانكشف بشكل فاقع هو أن يأتي ضابط موساد مدعياً أنه ضابط استخبارات بلجيكي من أصل فلسطيني واسمه عمر. من السهل على أي فلسطيني معرفة لهجة الإسرائيلي حين يتحدث العربية، ومن المؤكد أنه سيرفض إظهار هويته كما طلب حامد، لينكشف الأمر، أمام الضابط الإسباني خافيير الذي لم يكن يريد التورط في هذا المأزق.

نعم. بدا خافيير واقعاً في حيص بيص، وبوجه من أمسك بجرم مشهود. لقد انكشف حجم دوره، حتى إن "ضابط الموساد طلب مني أن أتجاهل خافيير وألا أتحدث بالإنكليزية، وتركنا الضابط الإسباني نتحدث بالعربية".

وعن مستوى ردود الفعل في وسائل الإعلام الإسبانية ومواقع التواصل الاجتماعية، قال حامد إن تقرير صحيفة "ببليكو" حول القضية أحدث هزة كبيرة، وكان الخبر من الأكثر تداولاً في مواقع التواصل الاجتماعي في إسبانيا لنهار كامل، وكثير من التعليقات اعتبرت أن الموساد يحكم العالم، وأن إسبانيا لا تزال فاشية، في إشارة إلى استمرار نهج نظام فرانكو (الجنرال فرانشيسكو فرانكو ديكتاتور إسبانيا من 1939 حتى 1975).

وأقر حامد، بأنه يشعر حالياً بالخوف أكثر من أي وقت سابق، مشيراً "هذا اليوم تلقيت اتصالاً من وكالة الأنباء الفرنسية، ومن مدير العلاقات الدولية في الكتلة اليسارية الموحدة في البرلمان الإسباني. من الواضح أن القضية أفلتت من أي قيود، وباتت تمس سمعة جهاز دولة. لكن في الجانب الآخر، هناك مراقبة دؤوبة لهاتفي المحمول. أخشى بسبب الضغط على (الحرس المدني) من عمل انتقامي سري".

وأضاف "لك أن تتخيل أيضاً حجم الضغط على زوجتي التي تعيش في قلق دائم كلما غادرت المنزل، وعلى طفليّ عبيدة (خمس سنوات) وسوار (سنتان). في النهار لا أعاني بشكل عميق، لكن في الليل تهاجمني كوابيس، ومنها أن أعتقل في غمضة عين وأرحّل إلى فلسطين، حيث تنتظرني أسهل التهم التي يعرفها طفل فلسطيني: الخطر على أمن إسرائيل".

ذكر تقرير صحيفة "ببليكو" أن السفارة البلجيكية مدركة بالفعل أن عميلاً واحداً على الأقل للموساد يتظاهر بأنه جاسوس للاستخبارات البلجيكية في إسبانيا، لكن حامد أوضح "وقع التباس في التقرير. هذه قراءة الصحافي الذي كتبه. لم يرد أي تصريح من السفارة، ولا من أي مؤسسة وطنية. الجميع لزموا الصمت".

وأكد معاذ حامد أن مكتب اللجوء لم يتواصل معه إطلاقاً، و"لم يتلق ولو حتى مكالمة أو استفساراً بسيطاً"، كاشفاً أنه يفكر في الرحيل من إسبانيا "إذا ما حلت القضية حتى الصيف المقبل. لقد ظننت أن إسبانيا بلد أوروبي آمن لي. لا يبدو الأمر كذلك"، مشيراً إلى أنه لا يتوقع استدعاءه مجدداً، و"إذا استدعيت فينبغي أن يحضروا أمر محكمة. لن أتحرك من دون محاميتي".

المصدر: العربي الجديد