أثار قرار النيابة العامة لمحكمة أمن الدولة الأردنية، الخميس، بالإفراج عن 16 موقوفا بالقضية المرتبطة بولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، بعد توجيه ملكي بذلك، تساؤلات حول أسباب هذا الإفراج وتداعياته، وما إذا كان يمثل خطوة أولى للإفراج عن باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، المقربين من السعودية.
وجاء قرار النيابة بعد أقل من ساعة على توجيه من ملك الأردن عبد الله الثاني للمسؤولين، باتباع "الآلية القانونية المناسبة" للإفراج عن الموقوفين بالقضية.
وبحسب وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، فإن توجيه الملك جاء ردا على "مناشدة عدد من الشخصيات من عدة محافظات بالصفح عن أبنائهم الذين انقادوا وراء هذه الفتنة".
وقال الملك: "كأب وأخ لكل الأردنيين، وبهذا الشهر الفضيل، شهر التسامح والتراحم، الذي نريد فيه جميعا أن نكون محاطين بعائلاتنا، أطلب من الإخوان المعنيين النظر في الآلية المناسبة، ليكون كل واحد من أهلنا، اندفع وتم تضليله، وأخطأ أو انجر وراء هذه الفتنة، عند أهله بأسرع وقت".
وأضاف أن "ما حدث من سوء تقدير واندفاع وراء فتنة مؤلمة، ومن غير تفكير بالنتائج، لا يهزنا، فبلدنا قوي بوجودكم، وثقتي بمؤسساتنا ليس لها حدود".
ولاحقا، قال النائب العام لمحكمة أمن الدولة، القاضي العسكري العميد حازم المجالي، إنه "فيما يتعلق بالمتهمين باسم عوض الله والشريف عبدالرحمن حسن بن زيد، لم يتم الإفراج عنهما ارتباطا باختلاف أدوارهما وتباينها، والوقائع المنسوبة إليهما، ودرجة التحريض التي تختلف عن بقية المتهمين الذين تم الإفراج عنهم".
ويرى مطلعون على ملفات التحقيق، أن الإفراج عن الموقوفين الـ16 "يحمل دلالات على التراجع عن توجيه الاتهامات لهم، إذ كان من المرجح أن يتم منع محاكمتهم، أو أن يخرجوا بالبراءة".
وقال المحامي الأردني علاء الحياري، إن الرواية المتعلقة بالإفراج عن الموقوفين لم تكن واضحة، "سوى أن المدعي العام تواصل مع أعضاء هيئة الدفاع، طالبا منهم أن يخبروا أهالي موكليهم بأنه تم الإفراج عنهم".
وأضاف أن عملية الإفراج جاءت بعد توجيهات ملكية بالنظر في الآلية المناسبة التي تتيح للموقوفين العودة إلى أهاليهم في شهر رمضان، مضيفا أن "السند القانوني لهكذا خطوة إما أن يكون إخلاء سبيلهم بموجب كفالات، وهذا ما لم يتم، وإما الرجوع عن قرار التوقيف، ويبدو أن هذا هو الذي جرى بالتحديد".
ورأى الحياري أن توجهات التسامح كان الأولى أن تنصرف للقضايا الأقل خطورة من هذه القضية المرتبطة بـ"زعزعة الأمن الوطني بالتعاون مع أطراف إقليمية"، بحسب الرواية الرسمية، ممثلا على ذلك بـ"قضية نقابة المعلمين التي حُلَّت وحُول مجلسها إلى القضاء، وقضية معتقلي 24 آذار الذين يحاكمون بتهم مختلفة، وفُرضت عليهم كفالات مالية أو عدلية مقابل إخلاء سبيلهم إلى حين انتهاء قضيتهم".
وحول الحديث عن غلق ملف القضية المرتبطة بالأمير حمزة، رأى أن القضية ما زالت منظورة أمام القضاء، ولم يصدر أي قرار بمنع محاكمة الموقوفين فيها، ولا بتحويلهم إلى المحكمة المختصة، مستبعدا أن يكون الإفراج عن الموقوفين الـ16 مقدمة للإفراج عن رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد؛ "لأن موضوعهما أكبر من ذلك"، على حد تعبيره.
وكانت النيابة العامة العسكرية في الأردن قد أعلنت، الأربعاء، أن عدد المعتقلين فيما يعرف بـ"قضية الفتنة"، والتي ارتبطت بالأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الأمير حمزة، بلغ 18 شخصا.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" عن مصدر في النيابة العامة العسكرية بمحكمة أمن الدولة، قوله إن القضية ستحال للمحكمة بعد إتمام المراحل النهائية للتحقيق، وإجراء المقتضى القانوني.
وأعلن النائب العام لمحكمة أمن الدولة الأردنية، العميد القاضي العسكري حازم المجالي، أنه تبين بنتيجة التحقيقات "احتواؤها على أدوار ووقائع مختلفة ومتباينة للمتورطين بها، والتي كانت ستشكل تهديدا واضحا على أمن واستقرار المملكة"، وفق قوله.
وقالت هيئة الدفاع عن المعتقلين، في تصريح صحفي الثلاثاء، إن كافة تصرفات الموقوفين وأفعالهم وعلاقاتهم مع الأمير حمزة بن الحسين "لم تخرج عن إطارها الاجتماعي وحيز الصداقة والمجاملات، ولم يشكّل أي منها أي مساس بأمن الدولة الداخلي والخارجي، أو استقرارها، أو بأي ركن من أركان المنظومة الدستورية الوطنية".
وتعليقا على توجيه الملك بالإفراج عن الموقوفين، قال الأمين العام للحزب الوطني الدستوري، أحمد الشناق، إن "هناك سعيا ملكيا منذ البداية لوأد الفتنة، وإغلاق الملف، حتى لا تذهب البلاد لاتجاهات صعبة".
وأضاف أن الملك عبدالله الثاني كلّف الأمير الحسن بتولي موضوع الأمير حمزة، وفصله عن بقية الموقوفين، ثم وجه رسالة للشعب الأردني مفادها أن الفتنة وئدت، وأن الأمير حمزة في قصره تحت رعايته، ثم وجّه اليوم لقرار الإفراج، ما يعني أننا ذاهبون إلى إغلاق الملف بالكلية.
وأوضح الشناق أن "الدولة تدرك أن المنطقة مقدمة على تحولات كبيرة جدا، سواء على مستوى القضية الفلسطينية، أو فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية على مستوى الإقليم، وبالتالي فإن الأردن بحاجة إلى توحيد الصف الداخلي لمواجهة هذه المرحلة الحرجة".
ولفت إلى أن خطوة الإفراج عن الموقوفين الـ16 تأتي أيضا استجابة لعرائض مقدمة من شيوخ ووجهاء عشائر، طالبوا فيها بالإفراج عن أبنائهم في شهر رمضان بعفو ملكي، مرجحا أن يكون إطلاق سراح الموقوفين خطوة لصدور عفو من الملك ينهي هذا الملف.
وفيما إذا كان الإفراج خطوة أولى لإطلاق سراح باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، اللذين يحملان الجنسية السعودية إلى جانب الأردنية، وتربطهما علاقة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ قال الشناق إن "من المبكر الحكم على ذلك".
وتابع: "وضع عوض الله والشريف حسن بالغ الحساسية؛ بسبب ما قيل عن وجود علاقة لهما باتصالات خارجية، ولكونهما يحملان جنسية دولة أخرى، ولأهمية استكمال كافة الإجراءات التحقيقية معهما".
وحول انعكاس قرار الإفراج على حالة الحريات العامة في البلاد، لفت الشناق إلى إسقاط محكمة الاستئناف مؤخرا حكما بسجن فتاة اتهمت بـ"إطالة اللسان" على الملك، عقب اتصال هاتفي أجراه معها العاهل الأردني، مضيفا أن ذلك "يقدم مؤشرا كبيرا على انفراج متوقع حول قضايا إطالة اللسان وتقويض الحكم، ورسالة بأن الأردن ذاهب إلى انفراجات داخلية".
وكانت الأجهزة الأمنية الأردنية قد اعتقلت في 3 نيسان/ أبريل باسم عوض الله وآخرين؛ "لأسباب أمنية"، فيما تحدثت تقارير إعلامية أجنبية عن مؤامرة للإطاحة بعاهل الأردن.
وفي 4 أبريل/ نيسان الجاري، أعلن الأردن عن "تحقيقات أولية" أظهرت تورط الأمير حمزة (41 عاما) مع "جهات خارجية"، في "محاولات لزعزعة أمن البلاد"، و"تجييش المواطنين ضد الدولة"، وهو ما نفاه الأمير.
إلا أن الملك عبد الله الثاني ارتأى التفاهم مع أخيه في الإطار العائلي، وعدم إحالته إلى محكمة أمن الدولة، بخلاف البقية البالغ عددهم 18 شخصا.