يعيش الشارع الفلسطيني بكافة شرائحه حالة من الهيجان والغضب تجاه قيادة السلطة الفلسطينية وحكومة سلام فياض لعدم قدرتها على صرف الرواتب منذ 60 يوما تقريبا، إلى جانب عدم استلام رواتبهم كاملة منذ خمسة أشهر، فيما شهدت مناطق عدة إضرابات ومسيرات احتجاجية وسط تعطيل المدارس الحكومية وإغلاقها. وأجمعت النقابات والاتحادات باستثناء القطاع الصحي على عدم الدوام اليوم الأربعاء 19/12/2012 وغداً الخميس احتجاجاً على عدم تلقيهم رواتبهم، ما يعني أن الشلل شبه التام سيسود الوزارات والمؤسسات والمرافق الحكومية في هذين اليومين خاصة بعد انضمام القطاع التربوي الذي يشكل النسبة الأكبر، وإعلانه الامتناع عن الدوام اليوم وغداً. ونفذ العاملون في الوظيفة العمومية ظهر أمس اعتصاماً أمام مؤسساتهم في مختلف المحافظات تلبية لدعوة نقابتهم. ووضع تأخر صرف الرواتب عشرات آلاف الموظفين أمام مصاعب كبيرة، من بينها عدم تمكن عدد كبير منهم من الوصول لأماكن عملهم. وندد المعتصمون بالحصار الاقتصادي الذي تفرضه (إسرائيل) على شعبنا بوقف تحويل أمواله المستحقة من العائدات الضريبية والبدء بإجراءات تحويلها لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية. ورفع المشاركون يافطات كتب عليها شعارات مثل: لا صمود بدون الراتب، وتأخر الرواتب مسؤولية من؟ كيف نعمل ونحن لا نملك ثمن مواصلات للوصول إلى أماكن العمل، وغيرها من الشعارات التي تعبر عن الأزمة الخطيرة التي يمرون بها. وقرر مجلس النقابات العمال في الوظيفة العمومية بالضفة الغربية تقليص أيام الدوام الرسمي للعاملين إلى ثلاثة أيام والإضراب يومي الأربعاء و الخميس. [title]غضب الموظفين[/title] وخلقت أزمة الرواتب للعاملين في الوظيفة العمومية حالة من الركود الاقتصادي في الأسواق الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. ولم تقتصر الشكاوي على المعلمين فأكثر من 81 ألف موظف في أجهزة ودوائر ووزارات السلطة الفلسطينية لم يتلقوا رواتبهم منذ 60 يوما تقريباً، إلى جانب عدم استلام رواتبهم كاملة منذ خمسة أشهر، وكانت الحكومة تعتمد على تجزئتها بسبب عدم تمكنها من صرفها كاملة. يقول الموظف محمد خميس، لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]"، كان من الأجدر أن تستفتي القيادة المواطن وتوضح له حقيقة الأمر بان الذهاب الى الأمم المتحدة يعني عدم حصوله على الراتب". وأوضح خميس: "القيادة أكدت قبل توجهها للأمم المتحدة أنها عملت أو تعمل على تدشين شبكة أمان عربية بقيمة 100 مليون دولار كبديل للمساعدات الأجنبية التي ستتوقف إذا توجهت القيادة للأمم المتحدة، لكننا نكتشف اليوم أن لا وجود لشبكة أمان عربية ولا حتى فلسطينية". أما الموظفة خديجة سليمان، تقول: "حكوا اتحملوا المسؤولية معنا، كيف نتحمل المسؤولية؟ بقول لفياض: بدك اتحمل ليش هو راتبي أبو 2000 شيكل زي راتبك يا فياض أبو 21000 دولار شهرياً. وأضاف: "كيف أتحمل وإحنا طول عمرنا وإحنا متحملين بكفي سرقه ما أشبعت أنت وغيرك حرام عليكم، خليتوا الواحد يمد أيده للي يسوى وما يسواش ارحمونا أرحمونا". ويتابع الموظف بالقول:" أولادنا الواحد مش قادر يعطيهم مصروف المدرسة، ولا يجيب الهم أكل إلا إذا ربنا رحم وأعطاك". [title]المدارس تُغلق أبوابها[/title] فيما تبحث وزارة التربية والتعليم مقترحا بتبكير العطلة الشتوية قبل الانتهاء من تقديم امتحانات الفصل الأول. وأكد وكيل وزارة التربية محمد أبو زيد إن الوزارة في حالة انعقاد دائم وتتابع إضراب قطاع التعليم ومن ضمن المقترحات التي جرى طرحها في اجتماع الوزارة تبكير العطلة الشتوية لإنقاذ الفصل الدراسي. ونفى الوكيل المساعد في وزارة التربية جهاد زكارنة لمراسلنا، أن تكون الوزارة اتخذت قرارا بهذا الخصوص، لكنه كشف عن اجتماع وجلسات نقاش على مستوى لجنة السياسات العليا وقيادة الوزارة مقررة اليوم لبحث مسائل كثيرة تتعلق بالظروف التي يمر بها قطاع التعليم. وأوضح زكارنة أن الاجتماع سيبحث سيناريوهات تتعلق بالتعويض ودوام الطلبة وقضايا عديدة لها صلة بإضراب المعلمين. [title]ركود اقتصادي[/title] وتأخير الرواتب لم يقتصر على الموظفين فقط بل تعداها إلى التجار وأصحاب المحال التجارية الذي يشكون من ركود اقتصادي كبير في السوق وعدم البيع منذ بداية الموسم الشتوي. يقول إبراهيم اللفتاوي صاحب محل بيع ملابس أطفال في رام الله إن الأوضاع الاقتصادية في البلد أدت إلى تكدس البضائع في المخازن وعدم بيعها، مشيراً إلى أن محله كان يبيع أضعاف البضاعة الموجودة كل عام في مثل هذا الوقت. ويتابع اللفتاوي "الموظفون يشكلون معظم الزبائن، وعدم وجود سيولة معهم يجعل الصرف على الغذاء أولوية عن الملابس والكماليات". ويؤكد اضطراره إلى تسريح عاملات كن يعملن في محله إلى حين تحسن الأوضاع، مشيراً إلى أن الحال بدأ يسوء من بعد عيد الأضحى مع عدم انتظام الرواتب، ووصل ذروته مؤخرا. وتعليقا على ذلك، يقول المحلل والخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم إن الرواتب تكاد تكون مصدر دخل لأكثر من 200 ألف أسرة في فلسطين، وانقطاع الرواتب لمدة 20 يوما فهذا يعني أن القدرة الاستهلاكية للمواطنين ستتراجع والسيولة ستجف بالاقتصاد، وبالتالي بطء الحركة الاقتصادية وركود عام، وكل ذلك يؤدي إلى مضاعفة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الشعب الفلسطيني منذ أكثر من عامين. وأوضح عبد الكريم لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]"، أن النمو في الاقتصاد الفلسطيني في السنوات السابقة كان مرده الإنفاق الحكومي، وتأثير توقفه على الاقتصاد يعتمد على الفترة الزمنية التي تنقطع فيها الرواتب، فإذا استمر الوضع لفترة طويلة لا شك أنه سيخلق حالة إرباك عميقة ولربما شلل تام. ويتوقع عبد الكريم أن لا تستمر الأزمة لفترة طويلة لأسباب لها علاقة بحرص الجميع على استقرار المنطقة وعدم دفع الفلسطينيين لخيارات أخرى. وحول الحلول الممكنة، يوضح عبد الكريم "ستوجد حلول قريبة سواء بالضغط على (إسرائيل) من قبل الدول الأوروبية لتحويل الأموال، أو استلام مساعدات من أوروبا مباشرة، أو أن تقرر الدول العربية تنفيذ شبكة الأمان". [title]السلطة لا تملك حلاً[/title] فيما أعتبر البروفيسور عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، بأن القيادة الفلسطينية لا تملك الأمر ولا الحل. وأكد قاسم لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]"، بأن الذي يتحكم بالأمور هو الخارج الذي لا يعطي السلطة المساعدات الكافية، حتى يجعل الشعب يفكر شهرياً، دفعوا راتب ولا لأ؟! ويرى قاسم: "وبدلاً من أن نفكر بالاستيطان والاحتلال، لأ نفكر بالراتب، وبالتالي هم يخلقوا مشكلة ، ويريدون أن يقولوا لنا، إذا لم تحصلوا منا على مساعدات ، ستجوعون، ويجب أن تنسوا تماما الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني". و أكد أن هناك اقتراحات لحل الأزمة ووصفها بأنها "ليست سريعة المفعول ، ولكنها بحاجة إلى تضحية" ومنها: قاطعة البضائع الإسرائيلية التي لا تلزمنا، وبهذا يمكن أن نوفر مليارين دولار سنوياً. والحد من الاستيراد لتمكين المنتج الفلسطيني المحلي.وتخفيض الاستهلاك، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في الزراعة والمشاريع الاقتصادية الصغيرة لأنه لن يسمح لنا ببناء مصانع، وأخيراً تقليل نفقات الحكومة، حتى تستطيع توفير الرواتب للموظفين.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.