كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية عن شراء السعودية تقنية تجسس من شركة “كوادريم” الإسرائيلية، تسمح باختراق هواتف “آيفون” بنقرة واحدة.
وفي هذا السياق ذكرت الصحيفة أن الشركة يقودها مسؤول سابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وهو من قام بتأسيسها قبل 4 سنوات.
كما أشار التقرير العبري إلى أن الشركة تتخذ من مدينة “رمات جام” قرب تل أبيب، مقرا لها، وتمكنت من تسويق منتجاتها عبر وسيط قبرصي ويُسمى “إن ريتش”.
وفيما أشارت “هآرتس” الى أن مقر الشركة لا توجد عليه أي علامات على الباب تشير أيضا إلى أن هذا المكتب الذي يتواجد في الطابق التاسع عشر في المقر هو موطن لشركة إلكترونية تنفذ هجمات عبر الإنترنت.
وتكشف المعلومات المسربة أن السعودية تعمل مع الشركة الاسرائيلية منذ العام 2019.
وأن الأخيرة قد قدمت للرياض خدمات ساهمت في تكميم أفواه المعترضين على سياسات محمد بن سلمان في الداخل والخارج.
كما أنه من المرجح أن الشركة الاسرائيلية منحت الرياض خدمة ارتكاب الجرائم المأساوية ولعل أبرزها اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده باسطنبول التركية.
منتجات شركة “كوادريم” الإسرائيلية التي اشترتها الرياض تركز جهودها على تقنيات تتيح اختراق الهواتف المحمولة، وجلب بيانات منها وتشغيل المحمول عن بعد كوسيلة لتتبع مالكه.
وقالت الصحيفة العبرية إن تقنية الشركة الإسرائيلية معروفة لجهات أمنية تعتبر موالية لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي تحول إلى الشخصية الأكثر تأثيرا في المملكة في السنوات الأخيرة، والمعروف عنه أنه لا يوفر أي وسيلة من أجل ترسيخ مكانته في المملكة.
وأضافت الصحيفة أن الشركة الإسرائيلية تشعر بفخر كبير كونها تمكنت من إبرام عقدٍ مع شركة في دولة لا تتمتع بالديمقراطية، باعتباره زبونا جديدا.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لها أن السعودية تعتبر زبونا جديدا وليس كالزبائن الحكوميين الآخرين الذين يحترمون الديمقراطية.
وربط المراقبون للشأن الاقليمي بين الصفقة الإسرائيلية السعودية وما تلاها من اعتقالات وقمع في السعودية غيّرت بنظر كثيرين طبيعة الحكم في المملكة.
أما توقيت إبرام الصفقة فقد كان لافتا، فقد سبقه لقاءات جمعت ولي العهد السعودي بشخصيات يهودية أميركية متنفذة.
وهو ما فهم منه البعض أن بن سلمان كان يلمح للانضمام للدول المطبعة مع إسرائيل بشكل رسمي وفاء لوعد سابق.
وتأسست شركة “كوادريم” في 2016 عن طريق ثلاثة إسرائيليين، كان اثنان منهما مختصين بالجانب التقني، وهما جاي جيفا ونمرود ريزنيك.
أما المؤسس الثالث، وهو إيلان دابلستين، فقد كان له خلفية مختلفة ومسار مختلف. كان دابلستين مسؤولاً بارزاً في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.
تكشف واجهة المبيعات التي تستهدف العملاء المحتملين، عن أن شركة Quadream استخدمت شركة مستقرة في قبرص وتسمى InReach، كي تبيع خدماتها في الخارج.
تزعم واجهة المبيعات الخاصة بشركة InReach أن أداة القرصنة الرئيسية لدى الشركة، التي تعرف بـReign لديها قدرة على اختراق هواتف آيفون دون الحاجة إلى ضغط أصحاب الهواتف على أي روابط، وهي الطريقة التي تستخدمها التطبيقات الأخرى.
أضافت الشركة أن غالبية هواتف أندرويد يمكن اختراقها عن طريق Reign أيضاً، ولكنها تحتاج أن يضغط مالك الهاتف على رابط ما.
بحسب الشركة، بمجرد إصابة الهاتف ببرمجية Reign يمكن استخراج أي بيانات من الهاتف من فيديوهات وصور ورسائل بريد إلكتروني ورسائل واتساب وأي تطبيقات أخرى، مثل تليغرام.
ويمكن كذلك أن تسمح بتشغيل الكاميرا عن بعد والتنصت عبر ميكروفون الهاتف أو تشغيل نظام جي بي إس لتتبع مالك الهاتف.
ويشار إلى أنه في أكتوبر من العام 2018، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إن السعودية وإسرائيل أبرمتا صفقة بمبلغ 250 مليون دولار اشترت بموجبها الرياض من تل أبيب منظومات أمنية متطورة، وتمّ نقلها بالفعل إلى المملكة.
ووفق “جيروزاليم بوست”، فإن بعض أنظمة التجسس، وهي الأكثر تطوراً من بين أنظمة مشابهة كانت باعتها إسرائيل إلى دول عربية، قد نقلت فعلاً إلى السعودية وتم تركيبها وبدأ العمل بها بشكل رسمي بعد أن تلقى فريق فني سعودي تدريبات لتشغيلها وإدارتها.
وحسب التقرير، وقتها فإن الرياض منذ شهر أبريل 2018 دخلت في مفاوضات جادة مع إسرائيل عبر وسيط أوروبي (لم تسمه)، من أجل إتمام صفقة شراء لأجهزة تجسس عالية الدقة والجودة.
وأضاف أن تلك المباحثات السرية جرت في عواصم غربية من بينها لندن واشنطن، مؤكداً على أن الصفقة قد أنجزت فعلياً قبل أسابيع قريبة.
ونقل التقرير عن صحيفة “هآرتس” العبرية وقتها أن “إسرائيل” أصبحت أكبر مصدر لأجهزة التجسس في العالم، حيث تمد الحكومات “الديكتاتورية” في عشرات الدول بهذه الأجهزة.
وعلى الرغم من أن إسرائيل لا ترتبط بعلاقات رسمية مع السعودية، إلا أن العلاقات بين تل أبيب ودول الخليج ما برحت تشق طريقها على أصعدة مختلفة، حسب “الجيروزاليم بوست” التي أرجعت ذلك في جزء كبير منه إلى ما وصفته بـ”التهديد المشترك للتوسع الإيراني في المنطقة”.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية أكدت في أكثر من مناسبة أن العلاقات بين الرياض وتل أبيب تأخذ منحنى تصاعدياً، بدأ بتبادل الزيارات، وتوقيع الاتفاقيات العسكرية، والأمنية، والاقتصادية بين الطرفين.