يفترض أن تستمر الحكومة الإسرائيلية الجديدة المشكلة من تحالف هشّ من قوى سياسية متنوعة، حتى عام 2025، لكن محللين سياسيين يرون أن فرص تعثرها مبكرا واردة مع مواجهتها تحديات حقيقية، على رأسها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وهذا من دون احتساب أفخاخ محتملة من بنيامين نتنياهو، الذي يستعد لاستغلال أي زلات من الائتلاف للعودة إلى المشهد السياسي، والدفع في اتجاه انتخابات جديدة، في محاولة لاستعادة منصب رئيس الوزراء الذي شغله لمدة 12 عاما متتالية.
وعلى الرغم من احتفال آلاف الإسرائيليين برحيله الأحد، يشكك الكثيرون بقدرة الحكومة الجديدة على الاستمرار طويلا في الحكم، بينما تضم ثمانية أحزاب تمثل اليسار واليمين المتطرف والوسط والعرب.
وفي استطلاع للرأي أجرته القناة 12 في التلفزيون الإسرائيلي، توقع 43 بالمئة من الإسرائيليين أن يتم حلّ الحكومة "بسرعة"، بينما رأى 30 بالمئة أنها ستصمد "لفترة طويلة"، فيما اعتقد 11 بالمئة أنها ستكمل فترة حكمها لمدة أربع سنوات.
من أجل البقاء، يتعين على الحكومة الجديدة بقيادة نفتالي بينيت، الذي يمتلك أضعف قاعدة برلمانية لرئيس وزراء في تاريخ إسرائيل (ستة مقاعد من 120 مقعدا)، التركيز على الإنعاش الاقتصادي، وتجنب القضايا الخلافية الجوهرية، بحسب المحللين.
واستثمر بينيت، المليونير ورجل الأعمال السابق في قطاع التكنولوجيا، أوراق اعتماده الاقتصادية في خطاب ألقاه أمام البرلمان الأحد، متعهدا بأنه سيقوم بتوظيف 15 بالمئة من القوى العاملة الإسرائيلية في قطاع التكنولوجيا الفائقة خلال أربع سنوات، مقابل 10 في المئة حاليا".
وتقول المحللة السياسية داليا شيندلين إن التحدي الأكبر أمام الحكومة هو "تمرير الميزانية، وهو أمر لم تتمكن إسرائيل من القيام به خلال العامين الماضيين، وستكون هناك خلافات حول الأمور التي ستعطى أولوية على الصعيد الوطني".
وتتابع: "ليس هناك خلاف جدي حول قضايا مثل كيفية إنعاش الاقتصاد ووزارات الصحة والبيئة، ما ستفعله الحكومة هو التركيز على هذه القضايا، وربما تجنب التعرض لقضايا أكثر إثارة للجدل، مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والدين والدولة".
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بن غوريون، غاي بن بورات، أن الحكومة يمكن أن تجد نفسها أمام قضايا حساسة، مثل تطوير المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والأوضاع في قطاع غزة المحاصر من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقد يتعين على الحكومة الجديدة اتخاذ قرار بشأن مصير مستوطنة عشوائية يجب إخلاؤها مثلا في الضفة الغربية المحتلة، الأمر الذي سيثير غضب المستوطنين الذين مثّلهم بينيت في يوم من الأيام.
إلى جانب ذلك، يبقى مصير وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي مع حركة حماس في قطاع غزة بعد صراع دموي استمر 11 يوما، هشا.
ويقول بن بورات: "المسألة الفلسطينية ستزعج الحكومة الجديدة، التي ستعمل على تجنبها بقدر الإمكان، لكن لا أعتقد أنها ستنجح طويلا في ذلك"، مضيفا: "أي محاولة من الحكومة لحل قضايا كالمستوطنات أو الاحتلال قد يعني انفجارها".
ويتابع: "بالنسبة إلى بينيت، البراغماتية هي طريقة للبقاء".
ويقول المحلل السياسي المتخصص بالشؤون الإسرائيلية، صالح النعامي، إن الحكومة الجديدة "لن تختلف كثيرا عن سابقتها في قضايا مثل اتفاق وقف النار وإعادة إعمار غزة وصفقة تبادل الأسرى، لأنها قضايا مرتبطة برأي المؤسسة الأمنية، وهذه المؤسسة ثابتة في الحكومتين".
إلا أنه يرى أن حكومة بينيت "قد تعمل على تحسين الوضع الاقتصادي في غزة بشكل محدود تحت الضغط الأمريكي".
في واشنطن، نأى الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أجرى مكالمة هاتفية مع بينيت مساء الأحد، بنفسه عن سياسة سلفه الجمهوري دونالد ترامب.
ودعمت إدارة ترامب توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وانسحبت من الاتفاق النووي مع إيران، العدو اللدود لإسرائيل.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، غاييل تالشير، أن أحد أكبر التحديات أمام الحكومة الجديدة هو "كسب ثقة الحزب الديمقراطي وإدارة بايدن، وهذا يعني انتهاج لعبة مختلفة بالنسبة إلى إيران والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني".
ويقول مدير المعهد الديمقراطي في إسرائيل يوهانان بليسنر: "يتوجب على الحكومة الجديدة تجنب مفاجأة الإدارة الأمريكية بمناورات في الضفة الغربية والمستوطنات".
لكن من خلال النأي بنفسها عن إرث نتنياهو، يمكن للحكومة الجديدة أن تثير غضب اليمين المتشدد، الذي سيسعى زعيم الليكود للحصول على دعمه لإخراج الحكومة الجديدة عن مسارها والعودة إلى السلطة.
ويقول تالشير: "نتنياهو لا ينظر لنفسه كشخص سيتقاعد في سن الـ71 ، سيكون زعيم معارضة هجوميا للغاية"، وسيخرج "كل أسلحته" للدفع في اتجاه انهيار الحكومة مبكرا.