23.27°القدس
23.23°رام الله
21.64°الخليل
26.48°غزة
23.27° القدس
رام الله23.23°
الخليل21.64°
غزة26.48°
الأحد 28 يوليو 2024
4.71جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.98يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.08
يورو3.98
دولار أمريكي3.66

فهل يسيرُ "كامل" على طريقـه؟

خالد عُرابي.. رجل المخابرات الذي حاز على تقدير قيادة القسّام

الوكيل خالد عرابي
الوكيل خالد عرابي
ساري عيسى - فلسطين الآن

تلعب مصر دور الراعي الرئيس للملف الفلسطيني وتولي له أهمية كبيرة نظرًا لكونه الملف الأهم والأبرز في المنطقة، ويرجع هذا الاهتمام لبعدين أساسين؛ أولهما البعد الجغرافي والتصاق مصر بالحدود الفلسطينية الجنوبية (أمنها القومي)، والثاني يتمثل بالبعد السياسي ما يعزّز مكانتها أمام العالم ويضعها ضمن الدول التي لها ثِقل على صعيد السياسة الخارجية.

وظلّ جهاز المخابرات المصرية العامة -على اعتبار أنه المؤسسة الأمنية الأولى في مصر التي تعنى في مثل هذه القضايا- يتابع الملف الفلسطيني بكل تشعباته منذ أن أُوكلت له هذه المهمة عام 1993، وقد ازداد نشاطه في ظل تعقيدات المشهد السياسي الفلسطيني؛ سيما عقب سيطرة حركة "حماس" على زمام الإدارة في قطاع غزة، بعد رفض حركة "فتح" وأجهزة السلطة لنتائج الانتخابات التي تمخض عنها فوز الأولى بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي عام 2006، وما تلاه من أحداث فاقمت من الحالة السياسية وأفرزت حكومتين (الضفّة-غزة).

كما أفرد جهاز المخابرات مكتبًا/ جناحًا يرأسه ضابط يسمى "مسؤول الملف الفلسطيني"، ومهمته متابعة كل الشؤون الفلسطينية عن كثب، والعمل على حل القضايا العالقة والشائكة سواء على الصعيد الداخلي الفلسطيني (فتح-حماس)، أو على صعيد الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

كُثر هم من ترأسوا أو كُلفوا بمتابعة الملف الفلسطيني بجهاز المخابرات العامة المصرية، لكن بعضهم كان له بصمة واضحة لصالح القضية الفلسطينية؛ فمن هو رجل المخابرات الذي حاز على تقدير قيادة كتائب القسّام؟

خالد عُرابي

خالد عُرابي، وكيل جهاز المخابرات المصرية ومسؤول الملف الفلسطيني إبان ثورة 25/ يناير (أطاحت بنظام حسني مبارك) وفترة تولي المجلس العسكري لزمام الأمور في مصر عام 2011، النجل الأكبر للفريق إبراهيم عُرابي رئيس أركان حرب القوات المسلحة ورئيس الهيئة العربية للتصنيع الأسبق.

الفريق إبراهيم عرابي
الفريق إبراهيم عرابي

ورغم أن المعلومات حوله شحيحة حاله حال كل الذين يعملون في أجهزة المخابرات والتي عادة ما تكون حياتهم محاطة بالسّرية؛ إلا أن بروزه وارتقائه في جهاز المخابرات ومتابعته للملف الفلسطيني كشف بعضًا عن سِيرته.

فقد عُرف عنه اهتمامه الكبير للقضية الفلسطينية ومتابعته الحثيثة لكل تفاصيلها، ودعمه لجهود المصالحة الفلسطينية، وكذلك تقديره لفصائل المقاومة وتفهمه لمطالبها خلال جولات الحوار المتعاقبة التي جرت تحت إشرافه في العاصمة المصرية القاهرة.

المصالحة الفلسطينية

فعلى صعيد المصالحة الفلسطينية، سعى عُرابي جاهدًا على تقريب وجهات النظر بين حركتي "فتح" و"حماس"، رغم الفجوات الكبيرة والتعقيدات التي تلف هذا الملف، وأشرف على سلسلة من اللقاءات والمباحثات الشاملة بمشاركة كافة الفصائل والقوى الفلسطينية؛ لتكلّل مجهوداته بالنجاح في 4 أيار/ مايو 2011 ويتم توقيع اتفاقية "الوفاق الوطني الفلسطيني" في القاهرة، بحضور كل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك خالد مشعل.

وصحيحٌ أن المصالحة لم يكتب لها النجاح حتى هذا الوقت؛ إلاّ أن كل الاتفاقات والتفاهمات التي وُقعت بين الحركتين، بدءًا من إعلان الدوحة (2012)، مرورًا بإعلان الشاطئ (2014)، وصولًا إلى اتفاق القاهرة (2017)، وليس انتهاء بالتفاهمات الحالية -رغم تعثرها- كانت ولا تزال تقوم على أساس بنود اتفاق 2011 الذي أشرف على انجاحه اللواء خالد عُرابي.

صفقة التبادل

أما فيما يتعلق بملف التفاوض (غير المباشر) بين المقاومة والاحتلال، حول الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي أسرته المقاومة في عملية "الوهم المتبدد" عام 2006 لمبادلته بأسرى فلسطينيين؛ فقد كان لعُرابي دور كبير في الإشراف على هذا الملف، رغم التعقيدات الكبيرة التي أحاطت به، والتي تمثّلت بتصميم المقاومة على تنفيذ مطالبها من جهة، والتعنت والمراوغة من قبل فريق التفاوض الإسرائيلي من جهة أخرى.

 حيث تبنى اللواء عُرابي أحد أهم مطالب قيادة المقاومة المُتمثل في الإفراج عن قائمة بأسماء الأسرى الصادر بحقهم أحكام مؤبدة وعددهم (450) أسيرًا، بالإضافة للإفراج عن أسرى القدس والـ 48 الذين رفض الاحتلال التفاوض عليهم في بداية الأمر بحجة أنهم يمتلكون هويات إسرائيلية.

وهذا ما أكده نائب قائد هيئة أركان كتائب القسّام مروان عيسى، في ظهوره الإعلامي الأول والوحيد على شاشة "الجزيرة" قبل نحو أسبوعين، والذي تحدّث خلاله عن كواليس صفقة "وفاء الأحرار"؛ حيث كشف عن تحرك مصري قاده الوكيل خالد عُرابي وطاقمه الأمني المكلف بالملف الفلسطيني في نيسان/ أبريل 2011 -بعد تعثر المفاوضات- ملمحًا إلى أن هذا الجهد كان مقدمة لمفاوضات "ماراثونية" أحدثت اختراقًا في المفاوضات فيما بعد، وأفضت للتوقيع النهائي على الصفقة وفقًا لشروط المقاومة.

الكشف عن جهود عُرابي وخصّه بالاسم من قبل القيادي مروان عيسى، يدلّل على أهمية الدور الكبير الذي لعبه الرجل في ملف الصّفقة، والقدرة العالية التي كان يتمتع بها في إدارة المفاوضات التي وُصفت بالشّاقة والمعقدة، كما دلّل على مدى التقدير والاهتمام الذي حظي بهما من قبل قيادة القسّام، لجهوده بالإشراف على هذا الملف وتفهمه لمطالبهم المشروعة.

يذكر أن عُرابي قد وافته المنية في شهر يوليو/ 2011 أثناء أدائه مناسك العمرة في مكة المكرمة -أي قبل تنفيذ الصفقة بنحو ثلاثة أشهر- وقد شهد عزاؤه تواجدًا كبيرًا لشخصيات هامة أبرزهم المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة آنذاك، في حين سارعت مختلف الفصائل والقوى الفلسطينية إلى نعيه تقديرًا لدوره في متابعة الشأن الفلسطيني، ولجهوده الكبيرة في ملف المصالحة وحرصه على تحقيق الوحدة الوطنية.

ويبقى السؤال المطروح الآن، هل سيسير مدير المخابرات المصرية الحالي عباس كامل وطاقمه المكلف بالملف الفلسطيني على خطى الوكيل خالد عُرابي، وينجح في إحداث اختراق حقيقي في الملف الأبرز والأكثر تعقيدًا، خاصة في ظل ما يرشح من أنباء عن تعثّر المفاوضات نتيجة إصرار الاحتلال الإسرائيلي على ربط ملف "تبادل الأسرى" بإعادة الإعمار وتخفيف الحصار عن غزة؟

 

فلسطين الآن