نقلت صحيفة "العربي الجديد"، اليوم السبت، عن مصادر مصرية خاصة مطلعة على الوساطة التي يقوم بها جهاز المخابرات العامة، بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، والاحتلال الإسرائيلي، عن ضغوط إسرائيلية على الوسيط المصري، في إطار الدور الذي يقوم به في صفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس"، والاتفاق الخاص ببدء عملية إعادة إعمار القطاع، والتوصل لاتفاق تهدئة طويل المدى.
وقالت المصادر، لـ"العربي الجديد"، إن هناك ترويجاً من الجانب الإسرائيلي، ومزاعم متكررة، بعدم فرض مصر ضغوطاً بالقدر الكافي على حركة "حماس" وفصائل قطاع غزة لتمرير اتفاق صفقة الأسرى، بالشروط الإسرائيلية، بما في ذلك عدم الاستجابة لشروط "حماس"، التي تتضمن إطلاق سراح أشخاص تتهمهم تل أبيب بالتورط في عملية قتل جنود ومستوطنين إسرائيليين.
وأضافت المصادر أن الوفد الأمني الإسرائيلي الأخير الذي زار القاهرة، عبّر عن تلك الادعاءات والمزاعم، من خلال آراء بعض أعضائه، الذين قالوا إن مصر تملك الكثير من أوراق الضغط التي تستطيع من خلالها إجبار "حماس" على المضي قدماً في الصفقة وتقديم تنازلات، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن لأسباب خاصة بالقاهرة، حسب الادعاءات.
وكشفت المصادر عن منحنى جديد يتمثّل بتلويح تل أبيب، بإمكانية إشراك أطراف تصفها بـ"المناوئة للقاهرة"، في الوساطة الخاصة بصفقة تبادل الأسرى، إذ أبلغ منسق شؤون الأسرى والمفقودين في حكومة الاحتلال يارون بلوم، خلال اتصال جرى أخيراً، مع مسؤول ملف فلسطين في جهاز المخابرات العامة المصري اللواء أحمد عبد الخالق، إبداء تركيا استعدادها للجانب الإسرائيلي للمشاركة في الوساطة الخاصة بصفقة الأسرى، من خلال ما تملكه من علاقات قوية ووثيقة بحركة "حماس".
وقالت المصادر إن القاهرة تقرأ الرسالة في سياق المناورة، للضغط عليها، لتسريع وتيرة المفاوضات بالشروط الإسرائيلية، كاشفة عن أن مصر أدارت سلسلة اتصالات أخيراً في محاولة لحصار المحاولة الإسرائيلية للضغط عليها في هذا الصدد.
وكشفت المصادر أن مسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة المصري، استفسروا من نظرائهم الأتراك عن هذا الأمر، في إطار مسار أمني مشترك بين البلدين لإدارة المفاوضات الاستكشافية الخاصة بالتهدئة وتطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة، وهو "ما نفاه الجانب التركي بالكلية"، على حد تعبير المصادر، التي أكدت أن ملف صفقة الأسرى ليس على رأس الملفات المعنية بها تركيا، نظراً لإدراكها طبيعته الخاصة.
وبحسب المصادر، فإنه خلال اتصال بين المسؤولين في جهاز المخابرات العامة أخيراً وقيادة حركة "حماس"، أكد مسؤولو الحركة، عدم علمهم بأي مقترحات في هذا الشأن، مشيرين إلى أنهم لم يتعاطوا مع أي جهود في إطار مفاوضات الصفقة، سوى في إطار الأطراف الحالية، والمتمثلة في مصر وقطر عربياً، وألمانيا والنرويج أوروبياً، ومشددين في الوقت ذاته على أن هناك توافقاً لدى كافة الأطراف المعنية بالملف الفلسطيني بقيادة القاهرة لتلك المفاوضات وتنسيق الجهود الخاصة بها.
وكشفت المصادر أن المجلس الوزاري المصغر في الحكومة الإسرائيلية، فشل أخيراً، في التوصل لاتفاق بشأن المقترحات التي خرجت بها المفاوضات غير المباشرة التي أدارتها القاهرة، بين الوفدين الأمنيين من "حماس" والاحتلال الإسرائيلي.
وقالت المصادر إن "هناك خلافات حادة داخل أروقة صناعة القرار في إسرائيل بشأن محددات إتمام الصفقة، نظراً لاعتبارات سياسية داخلية هناك، وسط تمسك المتشددين في الحكومة الإسرائيلية بمزيد من الضغط على حماس لتقديم تنازلات وعدم الاستجابة للمطالب الأمنية التي طرحتها".
وأشارت المصادر إلى أنه على الرغم من الصعوبات التي تواجهها الصفقة، التي تعوّل عليها مصر بشكل كبير لتحقيق إنجاز إقليمي عبر إتمامها، إلا أن هناك تقدماً ملحوظاً جرى أخيراً، عبر إقناع القاهرة للجانب الإسرائيلي بالسماح بإدخال بعض احتياجات قطاع غزة اليومية، وفتح المعابر تدريجياً، وزيادة مساحات الصيد، لمنع اندلاع أي مواجهات أو تصعيد عسكري.
وكشفت المصادر أنّ الاتصالات المتبادلة بين الجانبين المصري والإسرائيلي بالتنسيق مع "حماس"، أسفرت أخيراً عن التوصل لشكل الآلية الجديدة لإدخال المنحة القطرية للقطاع، والتي تتضمن نقل المبالغ عبر البنوك الفلسطينية العاملة في غزة، على أن تتسلّمها اللجنة القطرية من تلك البنوك، وتودعها في بنك البريد بالقطاع، بحيث يتم توزيعها بعد ذلك. ويتضمن الاتفاق قيام سلطات الاحتلال، بمراجعة أسماء المستفيدين من المنحة، للتأكد من أنهم ليسوا على علاقة بالمقاومة.
أما في ما يخص الأجزاء الأخرى من المنحة، فتتضمن الآلية الجديدة تحويل 10 ملايين دولار لمصلحة شراء وقود لمحطة توليد الكهرباء عبر الأمم المتحدة، و10 ملايين دولار أخرى لمصلحة مشروع النقد مقابل العمل (إجراء مؤقت للحماية الاجتماعية يوفر فرص عمل بأجر نقدي) لتحسين الوضع الاقتصادي في القطاع.