حصلت الطفلة العراقية الموهوبة "حوراء سلام بيان" الطالبة في الصف الرابع الابتدائي بمدرسة الموهوبين في محافظة النجف على شهادة عالمية من "جامعة ويسليان" (Wesleyan University) الأميركية بعد اجتيازها دورة في علم النفس بتخصص "الشيزوفرينيا" (انفصام الشخصية)، وذلك عبر منصة "كورسيرا" (Coursera) العالمية الإلكترونية.
ودرست خلال هذه الدورة طبيعة الاضطراب النفسي والعوامل البيولوجية المتعلقة بالفصام وعلاجه، ونالت درجة امتياز رغم كونها باللغة الإنجليزية ومخصصة لطلبة الدراسات الجامعية.
خيال واسع
تقول الطالبة حوراء (10 سنوات) إنها سألت والديها عن مدارس الموهوبين بعد أن سمعت بها مصادفة وأعجبت بها وقررت دخولها، حيث خضعت لاختبارات في الذكاء والعلوم والرياضيات تمكنت من اجتيازها بنجاح.
وتضيف للجزيرة نت أن هوايتها منذ الصغر كانت اقتناء القصص، وأنها تمتلك خيالا واسعا لكتابتها، ثم تطورت موهبتها أكثر، ولديها قصص خيالية وأخرى توعوية.
وتوضح ذلك بالقول إن "فكرة الإلهام تأتيني فجأة عندما أشاهد التلفاز أو أتحدث مع أختي، فمباشرة أمسك القلم والورقة وأبدأ الكتابة، وتلقائيا تتسلسل الأفكار فأكون بعالم وحدي في غرفتي، وكتبت قصصا كثيرة منها فتاة المليون سنة وعبقري العلوم وغيرها".
وعن نيلها الشهادة قالت إنها اشتركت في أكثر من دورة تدريبية وتابعت المحاضرات بشغف كبير، وفي آخر أسبوع خضعت لاختبار نهائي واستطاعت اجتيازه بامتياز وبدرجة 100% وذلك يوم الثاني من يوليو/تموز الجاري، معربة عن فخرها بالحصول على هذه الشهادة العالمية.
وعن طموحاتها تؤكد حوراء أنها تريد أن تكون عنصرا فعالا في المجتمع وأن تصبح عالمة نفس مرموقة، وتتمنى تأليف كتاب عن علم النفس بعد حصولها على شهادة الدكتوراه.
كما تحث الأطفال على القراءة والمطالعة في أوقات الفراغ حتى لو كانت صفحة واحدة باليوم، لتطوير الذات، وتنصح بعدم استخدام الهواتف الجوالة إلا بالأشياء النافعة.
وشكرت أهلها على الدعم الذي تلقته منهم في بداية مسيرتها، وكذلك دعم هيئة رعاية الموهوبين ومدرستها وكل من كان له دور بمساندتها.
حوراء طالبة في الصف الرابع الابتدائي بمدرسة الموهوبين في محافظة النجف (الجزيرة)
اكتشاف المواهب
بدوره يقول والدها سلام بيان إنه لاحظ موهبتها منذ الصغر، إذ كانت تحب قراءة القصص والروايات ولديها اهتمامات مميزة تختلف عن بقية الأطفال، ومنذ كان عمرها 3 سنوات لاحظ فيها شخصية قيادية، وكانت لديها فعاليات ومشاركات في مرحلة الروضة والابتدائية، وبعد ذلك انتقلت إلى مدرسة الموهوبين لتنمية موهبتها لأنها تحب أن تكتشف الأشياء التي فيها غموض ولديها خيال واسع وتوقعات نحو المستقبل.
ويبيّن للجزيرة نت أن ابنته وصلت إلى الجامعة الأميركية عن طريق مدرسة الموهوبين في النجف التي أعطتهم هذه المنحة بعد انتهاء الامتحانات النهائية.
وينصح بيان أولياء الأمور بالعمل على اكتشاف مواهب أطفالهم وتوفير المتطلبات والبيئة الملائمة لهم، لتنميتها حتى لا تضيع هذه الملكات والقدرات، فمواهب الطفل تبدأ بالظهور من عمر 3 سنوات، على حد قوله.
رعاية الموهوبين
ويقول المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية، حيدر فاروق، إن حوراء لديها موهبة في موضوعات كثيرة تخص علم النفس، وكذلك الترابط الفكري والإدراكي مع الجانب البدني، كما أن هنالك مواهب إبداعية أخرى كثيرة في العراق والوزارة دائما ما تفتح أبوابها للموهوبين.
ويوضح للجزيرة نت أن الغاية من مدارس الموهوبين المنتشرة في عموم العراق هي إعداد مفكرين وعلماء ضمن الاختصاصات التي يمتلكون مواهب فيها، وكل من لديه موهبة ويريد التسجيل في هذه المدرسة يلتحق بدءا من الصف الرابع الابتدائي بعد أن يخضع لاختبار لقبوله في هذه المدارس.
من جانبه يقول عباس البعاج، مدير مدرسة الموهوبين في النجف، إن مشاركة حوراء في برنامج الجامعة الأميركية فخر للعراق إذ حازت درجة 100%، وهذا إنجاز غير طبيعي قياسا بعمرها الصغير.
وفي حديثه للجزيرة نت يشير البعاج إلى أن وضع البلد الاقتصادي يفرض على وزارة التربية إمكانات مادية قليلة، ولكن الدعم المعنوي موجود من الوزير وسائر المسؤولين، مشددا على أن استثمار طاقات الموهوبين بحاجة إلى رعاية الدولة لا الوزارة فقط، داعيا رئاسة الوزراء للاهتمام بمن يمتلكون المواهب في المجالات العلمية والفنية والرياضية وفي الاختصاصات كافة.
حيدر فاروق يقول إن للطالبة حوراء موهبة في اختصاصات كثيرة بما يخص علم النفس (الجزيرة)
ثروة وطنية
من جانبها أكدت المعاونة العلمية في مدرسة الموهوبين بالنجف، زينب محمد، أن الطلاب الموهوبين ثروة وطنية وكنز لا ينضب في المجتمع، بل هم عامل أساسي من عوامل النهوض بالبلد.
وتضيف للجزيرة نت أن مدارس الموهوبين هي مدارس تنمّي المواهب بصورة فعلية بكوادرها من أصحاب الشهادات العليا ومن أصحاب الكفاءات في الاختصاصات التربوية، فضلا عن دور المناهج الدراسية في بناء وتطوير الموهبة لدى الطالب وهي مناهج مخطط لها وهادفة ومتواصلة في مراحلها وحلقاتها وجوانبها وهي إثرائية تربوية عملية، إضافة إلى أن إتاحة الفرص للطلبة بالخوض في مشروع قادة التحول الرقمي يساعدهم على تطوير مواهبهم.
وأشادت المعاونة العلمية بالطالبة حوراء التي تميزت بعلاقاتها مع أقرانها وأسلوبها في التعامل معهم، وأنها ذات شخصية قيادية وقادرة على التأثير في محيطها، فضلا عن ميلها إلى قراءة الكتب والاطلاع وكون طموحاتها وأحلامها أكبر من عمرها، ومهارتها في كتابة المقال باللغة الإنجليزية، وأضافت أن هذه المواهب تسهم إلى حد كبير في تحديد وتحقيق مستقبل الطالب الموهوب الذي يملكها.
وتوضح أن الدورة التدريبية التي اجتازتها حوراء بتفوق تتضمن بحث العوامل البيولوجية والنفسية المتعلقة بالفصام وعلاجه، ومنها السمات الرئيسة للأعراض وتصوير الدماغ (MRI) و(fMRI) والكيمياء العصبية، بالإضافة إلى البيانات والنظريات العلمية النفسية المتعلقة بالإدراك والعاطفة والسلوك في مرض فصام الشخصية وأساليب العلاج الجسدية والنفسية الاجتماعية الحالية القائمة على الأدلة.
واختتمت بالتأكيد أن مدارس الموهوبين مستمرة في تطوير المواهب ودعم ومتابعة جميع طلبتها وتوفير الأجواء وتكثيف البرامج المناسبة.