على الرغم من الهدوء النسبي الذي ساد المدن الفلسطينيّة "المختلطة" بشكلٍ خاص وفي سائر فلسطين بشكلٍ عام، ما زالت المؤسسة الإسرائيليّة بأذرعها المتعددة تلاحق الشباب في مدينة اللد وتحتجز نحو 40 منهم بتهم مختلفة كحيازة قنابل صوت وإلقاء حجارة والمشاركة في أعمال شغب وتخريب ممتلكات عامّة وتحريض واعتداء على الشرطة وحيازة سلاح.
وتنتهج السلطات الإسرائيلية سياسة ملاحقة الشبان والتضييق عليهم عن طريق اعتقالهم من أجل ثنيهم عن المشاركة بأي حراك أو فعالية سياسية خاصة في أراضي 48، فيما تتعمد منعهم من لقاء محاميهم بعد الاعتقال، دون أي التزام بالأعراف الدولية والإنسانية.
منذ اندلاع الاحتجاجات الأخيرة في مدن الداخل الفلسطيني التي انطلقت مساندة لأهالي الشيخ جراح والمسجد الأقصى، لم تتوان الصحافة الإسرائيلية في التحريض على الفلسطينيين واصفة الأحداث بـ"العنف الزائد" و"الإرهاب"، وفي ذات الوقت تتعمد تجاهل أعمال العنف اليهودي، حتى وصل الأمر إلى اقتحام المستوطنين المدينة وقتل الشاب موسى حسونة، فيما تكمن المفارقة في أن قاتل الشاب حسونة حر طليق، بينما جرى اعتقال عيد حسّونة شقيق الشهيد موسى حسّونة بالإضافة إلى عشرات الشباب الذين يقبعون في السجون الإسرائيليّة تحت ذمّة التحقيق حتى اليوم.
وقال أحد محامي الدفاع تيسير شعبان في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه لا يوجد أي توثيق لما يتعرض له المعتقل بفترة تحقيق "الشاباك"، رغم أن المعتقل يحرم من أبسط حقوقه،عدا عن منعه من لقاء محاميه وتعرضه لظروف تحقيق صعبة داخل الزنازين وحرمانه من النوم والأكل والشرب والضوء لأسابيع، إضافة إلى استخدام أساليب الإهانة والتخويف بحقه.
وأضاف شعبان، أن المعتقل يتعرض لمضايقات وحرمان وإهانات من كل حلقات المؤسسة الإسرائيلية، سواء خلال اعتقاله أو في فترة التحقيق معه أو خلال نقله بواسطة "البوسطة" ، أو من خلال المحكمة، مؤكدًا "نحن المحامين نتعرض أيضًا لمضايقات خصوصًا عدم التعاون أو التجاوب لطلباتنا ومنها إدخال أدوية للسجناء المرضى، بالإضافة إلى بث "الشاباك" أخبارا كاذبة للإعلام والجمهور عن مجريات التحقيق".
هذه الشهادة من المحامي تيسير شعبان هي نقطة في بحر العنصريّة الصهيونيّة المتغطرسة التي ابتدأت من أول يوم تم فيها احتلال مدينة اللد في تمّوز من عام 1948 ومستمرة حتى يومنا هذا، ولكن بحلّة غير عسكريّة، بل مدنيّة وقضائيّة شرسة لا تترك فرصة للفلسطينيّ ان يدافع عن حقوقه الأساسيّة والطبيعيّة التي تنص عليها القوانين الدوليّة ومراكز حقوق الإنسان في العالم.
من جهة أخرى، قبلت المحكمة المركزيّة في مدينة اللد طلب محامي الدفاع الفلسطينيين بتأجيل الجلسات حتى آخر شهر آب/أغسطس المقبل، وذلك من أجل دراسة الملفات العديدة الموجهة ضد شباب اللد، حيث ستقدم النيابة العامة بالتعاون مع "الشاباك" لوائح اتهام بحق الشبان من أجل الانتقام منهم على خلفية الأحداث التي شهدتها المدينة خلال أحداث الشيخ جراح وعدوان غزة.
من جهتها، تقول الناشطة حنان نفّار في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الأحداث الأخيرة في اللد لها صلة مباشرة مع كل ما يحصل في الشيخ جرّاح والمسجد الأقصى المبارك وغيرها من قضايا مرتبطة بعضها في بعض، فمدينة اللد مرّت بمشاريع تهويد منذ النكبة وآخرها حركة الاستيطان التوراتيّ التي عزّزت وجودها في العشر سنوات الأخيرة وبالتحديد منذ انسحابهم من قطاع غزّة.
وأشارت إلى أن هناك مخططا لتعزيز المشروع الاستيطاني التهويدي في المدينة على حساب الفلسطينيين وهويتهم العربية، وتضيف نفار في هذا السياق "إن أزمة السكن المتراكمة في المجتمع الفلسطيني في اللد تأتي بسبب تفضيل البلدية بناء مشاريع سكن وتسهيلات بيروقراطيّة للمجتمع اليهودي المحلي وغيره، مقابل تعنّتها في عدم إعطاء تراخيص بناء للفلسطينيين بهدف إفراغ المدينة وتشجيع اليهود من السكن فيها لضمان التفوق الديمغرافي.