قرر السودان الأربعاء، تسليم الرئيس المعزول عمر البشير واثنين من مساعديه المطلوبين في قضية دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وصرحت وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي، عقب لقائها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم أسد خان، أن مجلس الوزراء السوداني قرر تسليم المطلوبين إلى المحكمة، مشيرة إلى تعاون بلادها مع المحكمة لتحقيق العدالة لضحايا الحرب.
وأجاز مجلس الوزراء السوداني بالإجماع، الأسبوع الماضي على مشروع قانون يقضي بالانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998، ما اعتبره المراقبون خطوة في طريق محاكمة البشير.
وقالت وزيرة الخارجية السودانية، إن مجلس الوزراء قرر تسليم المطلوبين للجنائية الدولية، وأجاز مشروع قانون انضمام السودان لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، مشيرة إلى أن الأمران سيعرضان في اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء للموافقة على التسليم والمصادقة على القانون.
ويقبع البشير حاليًّا في سجن كوبر بالخرطوم، إثر عزله وتوقيفه في أبريل 2019، بعد احتجاجات عارمة اجتاحت البلاد، ويحاكم في السودان بتهمة "الانقلاب العسكري" الذي قاده في 1989.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرتي توقيف بحق البشير في 4 مارس 2009 و12 يوليو 2010، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب وإبادة جماعية خلال النزاع المسلح في دارفون عام 2003، الذي قتل خلاله وفقًا للإحصائيات أكثر من 300 ألف شخص، كما أصدرت مذكرات توقيف بحق عددًا من معاونيه.
وفي يوليو الماضي، اعتمدت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية، نفس التهم الموجهة إلى البشير، إلى أحد معاونيه هو محمد علي عبد الرحمن المعروف بـ "كوشيب"، وهو أحد زعماء ميليشيات الجنجويد في السودان التي نشطت بدعم من حكومة البشير، وأحالته الجنائية الدولية إلى المحكمة، أمام دائرة ابتدائية، وكان كوشيب قد سلَم نفسه طوعا في جمهورية أفريقيا الوسطى، في مطلع هذا العام.
منذ سقوط نظام البشير وتوقيف الرئيس المخلوع في الخرطوم، زارت وفود من الجنائية الدولية السودان لبحث تسليم المطلوبين في قضايا دارفور، بعد إعادة فتح القضايا، إذ أن المحكمة ومقرها لاهاي في هولندا أوقفت القضايا في 2014، بسبب عدم التعاون في الضغط من أجل اعتقال البشير الذي كان رئيسًا للسودان وقتها.
رغم نظر المحكمة الدولية عدة جرائم بحق مسؤولين في دول مختلفة، لكنها خلال 19 عامًا فشلت في محاكمة المسؤولين الحكومين الذين أصدرت مذكرات توقيف بحقهم، وفقًا لما ذكره موقع "أفريقيا ريبورت".
وأشار الموقف إلى أن المحكمة فشلت في إثبات تهم بحق مسؤولين حكومين منهم الرئيس كوت ديفوار السابق لوران غباغبو ، الذي قاد البلاد من عام 2000 حتى عام 2011 وتمت تبرئته بعد ما يقرب من 10 سنوات من الإجراءات القضائية، وقبله نائب الرئيس السابق للكونغو الديمقراطية جان بيير بيمبا، الذي تمت تبرئته عام 2018 بعد عامين من إدانته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
عقب تبرئة رئيس كوت ديفوار السابق، اعتبر المدعون وفقًا لـ"فرانس برس" أن قضاة جرائم الحرب ارتكبوا أخطاء جسيمة باستنتاجهم أنهم فشلوا في إثبات قضيتهم ضد الرئيس السابق وشريكه في التهمة تشارلز بلي جودي.
وفي 2014، أسقط ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن الرئيس الكيني أوهورو كينياتا.
ويقول "أفريقا ريبورت" إن هذا ما يأمله عمر البشير أن يلقى مصير سابقيه بعد قرار تسليمه للمحكمة، أو تكون فرصة للمحكمة لوضع حد للانتقادات التي تستهدفها.
ويشير الموقع إلى أن غالبًا ما تُتهم المحكمة الجنائية الدولية بالتحيز غير العادل ضد الأفارقة، إذ أن جميع المتهمين بارتكاب جرائم كانوا من الأفارقة، بينما لا تحاسب قادة القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وإسرائيل.
وفي 2013، دعا وزراء خارجية دول الاتحاد الإفريقي إلى تأجيل قضايا "كينياتا" وسط مزاعم بأن المحكمة تستهدف الدول الأفريقية بشكل غير عادل، وكان هناك اقتراح بانسحاب الدول الأفريقية من المحكمة.
وقتها انتقد الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان الاقتراح الأفريقي، الذي اقترح عقب قمة في أديس أبابا.
ووصف وقتها وزير الخارجية الإثيوبي السابق تيدروس أدهانوم جيبريسوس المحكمة بأنها حولت نفسها إلى أداة سياسية تستهدف أفريقيا والأفارقة" مؤكدًا أن هذه المعاملة ظالمة.