أحيت صحيفة "واشنطن بوست" الذكرى الثالثة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول، بمقال حمل عنوان "قتل جمال خاشقجي قبل ثلاث سنوات، هؤلاء السعوديون ما زالوا يتعرضون للإسكات".
وقالت الصحيفة في المقال لقد: "كانت عملية اغتيال زميلنا جمال خاشقجي قبل ثلاث سنوات والتي تمت بأوامر من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، جزءا من حملة بعيدة المدى تهدف لإخراس منتقدي السعودية بداخل المملكة وخارجها. وهذه الحملة مستمرة حتى يومنا هذا".
وسلط المقال الضوء على عدد بسيط من الشخصيات التي لا تزال في السجن أو غير قادرة على العيش بحرية داخل المملكة، حيث أدت المحاكمات السرية والاعتقالات والرقابة إلى خلق مناخ من الخوف.
ومن هؤلاء عبد الرحمن السدحان، عامل الإغاثة الذي عمل مع الهلال الأحمر السعودي في الرياض. وأدار حسابا باسم مستعار على تويتر نشر عبره تغريدات ساخرة عن اقتصاد السعودية. وفي مارس/آذار 2018 اعتقلته قوات الأمن السعودية بملابس مدنية من مكتبه، وزعم أن هذا حدث بعد تسريب هويته. ولم تعرف عائلته منذ عامين شيئا عما حدث له.
ثم تلقى أحد أقاربه في الرياض مكالمة منه قال فيها السدحان إنه محتجز في سجن "الحائر" قرب العاصمة. وعانت أسرته فترة أخرى من الصمت، وسط تقارير مزعجة تلقتها من أولئك الذين كانوا على اتصال بسجناء آخرين عن تعرض السدحان للتعذيب وسوء المعاملة.
وفي هذا العام، حكم عليه خلال محاكمة سرية بالسجن لمدة 20 عاما وحظر سفر لمدة 20 عامًا أخرى، وهو في صدد استئناف ذلك الحكم الصادر عليه.
وكتبت شقيقته أريج في مقال رأي في "واشنطن بوست" في أيار/مايو الماضي قائلةً: "عائلتي متعبة. لا ينبغي علينا وعلى كثيرين غيرنا قضاء أيام وسنوات في التساؤل عما إذا كان شقيقنا أو ابننا الحبيب بأمان، أو ما إذا كان يتألم، أو ما إذا كان على قيد الحياة".
رائف وسمر بدوي، الشقيقان رائف وسمر من أبرز النشطاء السعوديين. كان رائف بدوي مدونا يدعو إلى العلمانية واحترام الأقليات. واعتقل عام 2012 بتهم تشمل الردة و"إهانة الإسلام عبر القنوات الإلكترونية". وحكم عليه بالسجن 10 سنوات و1000 جلدة. تلقى بدوي 50 جلدة في الساحة العامة في كانون الثاني/يناير 2015، وفي عام 2020 أعلنت السعودية أنها ألغت عقوبة الجلد.
أما سمر بدوي فهي ناشطة سعودية دعت إلى السماح للنساء بالتصويت وقيادة السيارة وتحدّت نظام ولاية الرجل. اعتقلت إضافة مع ناشطات ومدافعين آخرين عن حقوق المرأة في تموز/يوليو 2018 - بعد مرور أكثر من شهر بقليل من رفع السعودية الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات – ووجهت لها تهمة "التواصل مع سفارات وهيئات في الخارج معادية للسعودية" و"النشاط الحقوقي غير المرخص به".
وكانت قد اعتقلت سابقًا لمدة سبعة أشهر في عام 2010 بتهمة عصيان والدها. بعد قرابة ثلاث سنوات من الاعتقال، أُطلِق سراحها من السجن في حزيران/يونيو، لكنها ما زالت ممنوعة من السفر ولم تتحدث علنا عن محنتها. أما زوجها وليد أبو الخير - الذي شغل أيضًا منصب محامي رائف - يقضي عقوبة بالسجن لمدة 15 عامًا بتهم ملفقة.
إيمان النفجان، كتبت إيمان النفجان في مقالة رأي نشِرت في صحيفة "الغارديان" عام 2011 قائلة: "كيف شعورك بأنك امرأة سعودية؟ هذا سؤال شائع أصبحت أتوقعه من الغرباء - حتى من الإخوة العرب. إن القيود التي يفرضها نظام الولاية والفصل بين الجنسين والثقافة المستمرة التي تميز على أساس الجنس تجتمع معا لخلق نمط حياة غريب وغامض يصعب تفسيره وفهمه في آن واحد".
وواجهت النفجان، وهي مؤلفة مدونة "المرأة السعودية، بشجاعة هذه العقبات في كتاباتها وعملها. ساهمت أستاذة اللسانيات في عدة منافذ إخبارية مثل قناة CNN ومجلة فورِن بوليسي وتحدثت باستمرار عن النسوية وحقوق المرأة في السعودية. اعتقلت في أيار/مايو 2018، قبل شهر من السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة بصورة قانونية". وبعد قضاء قرابة عام رهن الاحتجاز، أُفرِج عنها مؤقتا في آذار/مارس 2019 لكنها لا تزال تواجه قيودا على حريتها.
وحازت على جائزة بن/باربي لحرية الكتابة لعام 2019 إلى جانب زميلتها الكاتبة السعودية نوف عبد العزيز الجراوي والناشطة لجين الهذلول.
أمام سلمان العودة، سلمان العودة داعية وعالم إسلامي. اعتقل عام 2017 بعد يوم من مشاركته رسالة مع 14 مليون متابع له على تويتر في ذلك الوقت وتدعو إلى السلام بين القادة السعوديين والقطريين.
ورغم انتهاء الحصار الذي تقوده السعودية على قطر في كانون الثاني/يناير، إلا أن العودة لا يزال في السجن ويواجه عقوبة الإعدام بناء على 37 تهمة، من ضمنها الدعوة إلى تغيير الحكومة، و"الانضمام إلى الإخوان المسلمين والإشادة" بهم، والاعتراض على مقاطعة دولة قطر.
وواجه الرجل البالغ من العمر 64 عاما محاكمة سرية في المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض. ومنذ ذلك الحين، شهد تأجيل جلسات استماع وجلسات محاكمة متعددة. احتجز في سجن ذهبان، حيث تقول عائلته إنه نقل إلى المستشفى بسبب ارتفاع في ضغط الدم، وسجن الحائر، حيث ورد أنه احتجز في الحبس الانفرادي.
محمد فهد القحطاني، محمد فهد القحطاني محام ومؤسس مشارك لجمعية الحقوق المدنية والسياسية السعودية (حسم)، وهي منظمة حقوقية مستقلة تعرضت للحل. بسبب عمله في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة، اعتقل عام 2012 كجزء من حملة اعتقالات طالت الناشطين، وحكم عليه في 2013 بالسجن 10 سنوات ومنعه من السفر لمدة 10 سنوات أخرى.
ومن بين التهم الموجهة إليه "استخدام الإنترنت لنشر آراء وعرائض وبيانات ضد الحكومة". في عام 2018، حصل على "جائزة رايت لايفلهود" مع أبو الخير - محامي رائف بدوي وزوج سمر بدوي - وعبد الله الحامد، ناشط حقوقي وصف بأنه "نيلسون مانديلا السعودي". وتوفي الحامد العام الماضي خلال فترة سجنه بعد أن قالت عائلته إنه حرِم من العلاج والعناية الصحية في السجن.
أعلن القحطاني عن عدة إضرابات عن الطعام احتجاجا على ظروف السجن وأصيب بفيروس كورونا في سجن الحائر في وقت سابق من هذا العام.
سارة وعمر الجبري، وهما ابنا مسؤول الاستخبارات السعودية السابق سعد الجبري الذي فر من السعودية في أيار/مايو 2017 ولا يزال في المنفى.
واستهدف الشقيقان من قبل السلطات التي تسعى لإجبار والدهم، الذي كان مستشارا لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، العودة إلى السعودية. وفي حزيران/يونيو 2017، أثناء محاولتهما السفر إلى الولايات المتحدة، منعت سارة وعمر من مغادرة السعودية وجمدت حساباتهما المصرفية. في العام التالي، مثلا أمام مكتب المدعي العام واستجوِبا من دون حضور أي ممثلين قانونيين.
وتعرضا لمدة عامين ونصف، هما وعائلتهما للترهيب لكي يتم اسكاتهم. وفي آذار/مارس 2020 - بعد استجوابهما والضغط عليهما لإقناع والدهما بالعودة قبلها بعدة أيام قليلة - تعرض منزلهما للمداهمة واختفيا. ومنذ ذلك الحين اتهما بغسل الأموال والتآمر للهروب من المملكة بشكل غير قانوني، وأُخضعا لمحاكمات سرية من دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة. فشل استئنافهما هذا العام ووجد المحامون أنّ قضاياهما قد اختفت من جدول المحكمة في قاعدة بيانات وزارة العدل.