توافق اليوم الثلاثاء 12/10/2021م الذكرى السنوية العاشرة لصفقة وفاء الأحرار التي أبرمتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة مع الاحتلال الصهيوني برعاية مصرية على عدة مراحل؛ كانت أبرزها بتاريخ ١٨/١٠/٢٠١١.
وبدأت الصفقة فعلياً في الثاني من أكتوبر من عام ٢٠٠٩ حين أفرج الاحتلال عن ٢٠ أسيرة مقابل شريط مصور للجندي الصهيوني الأسير لدى المقاومة منذ عام ٢٠٠٦ "جلعاد شاليط"، حيث أظهر الشريط أنه على قيد الحياة وبصحة جيدة ما دفع عائلته للضغط على حكومة الاحتلال آنذاك للإفراج عنه مقابل أي ثمن!
واستمرت الوساطات المصرية بعد ذلك لإنجاز صفقة يتم خلالها الإفراج عن الجندي مقابل مئات الأسرى؛ وهو ما كان الاحتلال يرفضه منذ أسر الجندي؛ ولكن المقاومة بصمودها أرغمته على أن يدفع ثمنا باهظا ويفرج عن ١٠٢٧ أسيرا وأسيرة مقابل "شاليط" وحده، واعتبرت الصفقة الأولى من نوعها من حيث التوزيع الجغرافي والفصائلي للمحررين والتفاوض والأسر والاحتجاز الذي تم على أرض فلسطين.
وتم تنفيذ الصفقة صباح يوم الثلاثاء الثامن عشر من أكتوبر من عام ٢٠١١ والذي جاء بعد ساعات من إعلان قادة حركة حماس على رأسهم رئيس مكتبها السياسي في حينه خالد مشعل؛ والناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام أبو عبيدة؛ أن المقاومة تمكنت من التوصل لصفقة تبادل مشرّفة وإرغام الاحتلال على الإفراج عن الأسرى والأسيرات معظمهم من أصحاب المحكوميات العالية.
تفاصيل ومراحل
قضت الصفقة أن تقوم المقاومة بتسليم الأسير الجندي الذي أسرته في عملية الوهم المتبدد مقابل أن يفرج الاحتلال عن 1027 أسيرا فلسطينيا من سجونه، وتشمل الصفقة كل الأسيرات الفلسطينيات وعلى رأسهن الصحفية الأردنية أحلام التميمي التي كانت محكومة بالسجن المؤبد عدة مرات، كما شملت قيادات فلسطينية تقضي محكوميات عالية في السجون الصهيونية تصل إلى 745 عاما، كما أنها تتضمن الإفراج عن أقدم سجين فلسطيني محمد أبو خوصة وأسرى من مختلف ألوان الطيف الفلسطيني؛ حيث تضم أسرى من الضفة الغربية وقطاع غزة وأسرى من فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وأسرى من الجولان السوري ومسيحيين؛ واعتُبرت أضخم ثمن دفعه الاحتلال في مقابل جندي واحد؛ كما أنها باهظة جدا من الناحية الأمنية والعسكرية لأنها تشمل إطلاق أسرى شاركوا في قتل 570 صهيونيا ما حدا برئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو للقول بأن الموافقة على الصفقة هو أصعب قرار اتخذه في حياته.
وفي صبيحة ذلك اليوم وجهت كتائب القسام عشرات من السيارات رباعية الدفع متطابقة الشكل إلى معبر رفح، وكان شاليط في إحداها، ودخل في تمام الساعة 10:05 صباحاً إلى الجانب المصري من معبر رفح والقائد أحمد الجعبري قابضا على يده إلى جانب مجموعة كبيرة من مقاتلي القسام؛ وحين اطمأن الاحتلال على "شاليط" أفرج عن نصف الأسرى المحررين ثم تحفظ الجانب المصري على الجندي ليتم الإفراج عن النصف الثاني في المرحلة الأولى من الصفقة والذين بلغ عددهم ٤٧٧ أسيرا، ودخل الأسرى الفلسطينيون المحررون إلى معبر رفح يستقلون عدداً من الحافلات ملوحين بعلامات النصر.
أما المرحلة الأخيرة فشملت الإفراج عن 550 أسيراً فلسطينياً في ١٨ ديسمبر ٢٠١١ استكمالاً للصفقة، توجه 505 منهم إلى الضفة الغربيةفيما توجه 41 إلى قطاع غزة.
الدفعة الأولى التي شملت 477 أسيرًا وأسيرة، معظمهم من أصحاب المحكوميات العالية والقدامى الذين أمضوا عشرات السنين داخل السجون، ومن بينهم:
• (131) أسيرًا من غزة عادوا إلى بيوتهم بغزة .
• (47) من الضفة الغربية إلى بيوتهم بالضفة الغربية دون قيود .
• (51) من الضفة الغربية إلى بيوتهم بإجراءاتأمنية وتقييد حركتهم ومطلوب منهم التوقيع شهريا في أقرب مركز للشرطة.
• (12) من القدس ، بينهم (8) من القدس إلى بيوتهم دون قيود، بالإضافة إلى ( 4 ) أسرىإفراجات إلى بيوتهم بإجراءات أمنية.
• (6) من المناطق المحتلة عام 1948 وإلى بيوتهم.
• (1) من هضبة الجولان السورية.
• (163) من الضفة والقدس تم ترحيلهمإلى غزة، بينهم (15) أسيرا من القدس.
• (40) أسيرا للخارج ، بينهم (29) أسيراً من الضفة الغربية و(10) من القدس ، وأسير واحد من غزة.
الأسرى الذين تم اطلاق سراحهم في الضفة الغربية والقدس، لم يلبثوا كثيرا حتى بدأوا يتعرضون لمضايقات من الاحتلال واستدعاءات واعتقالات ، بينما كانت الصدمة الكبرى باعتقال العشرات منهم خلال شهري يونيو، ويوليو من العام 2014 بعد عملية أسر ومقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل.
خيبة الاحتلال
وبعد تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة بدأت الانتقادات تتصاعد في وسائل الإعلام العبرية باعتبارها أجبرت الاحتلال على دفع ثمن باهظ وحققت مطالب المقاومة.
وتناولت صحيفة يديعوت أحرونوت الحديث عن الصفقة بالقول: "الثمن مبالغ فيه، المخاطر كبيرة والسابقة غير لطيفة، ولكن دولة لم تتمكن على مدى خمس سنوات من تخليص جندي من الأسر بوسائل أخرى لا يمكنها إلا أن تدفع الثمن".
أما صحيفة معاريف فقالت: المسألة ليست إذا كانت "إسرائيل" ستحرر ألف مخرب أو أربع مئة، حتى مئة مخرب هم أكثر مما ينبغي. هذه الصفقة هي جائزة للإرهاب، هذه الصفقة هي انتصار هائل لحماس، هذه ليست صفقة، هذا استسلام... المخربون الذين تحرروا في الصفقات السابقة تسببوا بقتل قرابة (200 إسرائيلي). لا يعرف أحد ماذا سيحصل هذه المرة؛ إذ أن شيئا واحدا مؤكّدا في أعقاب هذه الصفقة: الشهية لمزيد من الاختطاف كبيرة، الاستسلام التالي هو مسألة وقت فقط".
وأضافت صحيفة هآرتس القول:" من المتوقع لحماس أن تستخلص ربحاً سياسياً فورياً من إتمام الصفقة في الأيام القريبة القادمة، بينما رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" (أبو مازن) اكتفى بخطوات سياسية رمزية من توجهه إلى الأمم المتحدة، من المتوقع لحماس أن تقود احتفالات تحرير( 1.027 سجيناً)، ثمن غير مسبوق في تاريخ صفقات الأسرى لـ"إسرائيل"، عائلات السجناء ستلتقط صورهم في كل وسائل الإعلام العربية، وحماس ستخرج مسيرات ضخمة احتفالا بانتصارها".