حقق الدين الخارجي لمصر مستويات قياسية جديدة، بعد أن ارتفع بنسبة 14.3 بالمئة على أساس سنوي إلى 131.6 مليار دولار في 2020، مقارنة بنحو 115.1 مليار دولار في 2019، وفقا لتقرير البنك الدولي لإحصاءات الديون الدولية 2022.
مع ارتفاع حجم الديون، ارتفعت قروض صندوق النقد الدولي لمصر بنسبة 55 بالمئة على أساس سنوي في عام 2020، لتصل إلى 20.4 مليار دولار، وكانت هذه القروض في الأغلب بسبب أزمة جائحة فيروس كورونا، وفق التقرير ذاته.
ما زاد الطين بلة، تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بنسبة 35 بالمئة إلى 5.9 مليار دولار في عام 2020، مقارنة بنحو 9 مليارات دولار في عام 2019، وهو أدنى مستوى سجله الاستثمار المباشر في مصر منذ عام 2014.
جاءت مستويات الديون والاستثمار الأجنبي المباشر في مصر أسوأ من المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ حيث ارتفع الدين الخارجي بنسبة 8.5 بالمئة فقط في عام 2020، في حين انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 16 بالمئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبحسب التقرير، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر لا يزال يتركز بشكل كبير في قطاع النفط والغاز من قبل شركات النفط العالمية، في حين يعزف المستثمرون عن الاستثمار في القطاعات الأخرى، ويفضلون الاستثمار في أدوات الدين المختلفة.
وأرجع خبراء اقتصاد ومحللون السبب في ارتفاع العائد على الاستثمار في "المال الساخن"، مثل أذون الخزانة والسندات وغيرها، والتي تحقق مستويات مرتفعة، وتصدرها الحكومة المصرية باستمرار، لسد عجز الموازنة، وسداد أقساط الديون والفوائد.
الطريق الأسهل
رأى الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، أن "من الطبيعي أن تزداد مستويات الاقتراض في ظل العجز المزمن للموازنة، وعدم وجود موارد لسد هذا العجز، واعتمادها على الضرائب فقط، وتأثر قطاعات كثيرة بأزمة كورونا بما فيها السياحة؛ وبالتالي فنحن أمام زيادة متوقعة للديون، في ظل غياب أي رؤية اقتصادية لتخفيف حدة القروض من خلال إيجاد مصادر وموارد بديلة".
وأضاف: "أما فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر، فإن الاقتصاد المصري اقتصاد منغلق تتحكم فيه بعض رؤوس الأموال، والقرارات السياسية، والجهات الأمنية، ومن الصعوبة اختراق هذا الاقتصاد، والاستثمارات القليلة التي تأتي لقطاع البترول؛ لأنها بعيدة عن نفوذ وقدرات الجهات السيادية، ولا تملك المنافسة فيه، ولم تستطع الحكومات المصرية أن تخلق مناخا استثماريا يشجع المستثمرين على القدوم والاستثمار وفق قواعد وسياسات شفافة وعادلة".
وأكد أن "شهية المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أدوات الدين في مصر؛ لأنها تعطي فائدة مرتفعة، إضافة إلى أن هناك تقارير من مؤسسات ائتمانية وصندوق النقد الدولي تشير إلى بعض التحسينات في الاقتصاد الكلي، بعد تنفيذ برنامج الضبط المالي على حساب المواطن المصري، شجعت على استثمار جذب الأموال الساخنة".
أدوات الدين
اعتبر المحلل الاقتصادي المصري المقيم في فرنسا، محمد السيد، أن "ارتفاع الدين الخارجي الذي بلغ 139 مليار دولار، واستمرار اللجوء إلى الاقتراض، هو مؤشر على فشل الدولة في وضع سقف للاقتراض للإنفاق على مشروعات لا طائل من ورائها، وهو تبديد لأموال الشعب".
وأرجع السبب وراء عزوف المستثمرين عن الاستثمار المباشر إلى أن "أي استثمار يحتاج إلى استقرار سياسي، وهو غير موجود، والجيش هو من يسيطر على مفاصل الاقتصاد، ويضع يده على شركات رجال الأعمال، كما حدث مع رجل الأعمال صفوان ثابت وشركته "جهينة"، وهذا يعطي إشارة سلبية عن أجواء الاستثمار".
وأوضح: "لذلك فالاستثمار في أدوات الدين أضمن للمستثمر، فهو يحصل على عائد مضمون خلال فترة محددة. أما الاستثمار المباشر، فيتركز في قطاعات النفط والغاز؛ لأنها الأكثر ربحا، ويحصل المستثمرون على امتيازات كثيرة من النظام، وبلغ حجم الاستثمارات في هذا القطاع 27 مليار دولار نهاية 2020، أي ما يعادل 90 بالمئة من حجم الأموال المتدفقة إلى مصر".
وبحسب النشرة الإحصائية الشهرية التي أصدرها البنك المركزي المصري في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، بلغ الدين العام المحلي 4 تريليونات وسبعمئة واثنين وأربعين مليار جنيه (303 مليارات دولار) في حزيران/ يونيو 2020.