دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان السلطات الإسرائيلية إلى توفير ضمانات المحاكمة العادلة لمديرة مؤسسة لجان العمل الصحي "شذى عودة"، والامتناع عن إدانتها على خلفية الاتهامات التي قدّمتها النيابة العسكرية الإسرائيلية بحقّها، والتي تبدو فضفاضة وغير عادلة.
وقال المرصد الأورومتوسط، -ومقرّه جنيف، في بيان صحفي اليوم الثلاثاء: "إنّ قوة من الجيش الإسرائيلي اعتقلت في الساعات الأولى من صباح يوم 7 تموز (يوليو) 2021، الفلسطينية "شذى عودة" (60 عامًا) من منزلها بمنطقة عين مصباح في مدينة رام الله، بعدما حقّقت معها لمدة وجيزة داخل المنزل، وصادرت مركبتها الخاصة بمؤسسة لجان العمل الصحي.
ووفق الإفادات التي جمعها المرصد الأورومتوسطي من عائلة "عودة"، لم تبرز القوة الإسرائيلية مذكرة توقيف قانونية، واكتفت بإبلاغ زوج المعتقلة أنّها مطلوبة لتحقيق بسيط في الصباح، على أن تعود إلى منزلها في ذات الوقت.
وبحسب المعلومات التي جمعها المرصد الأورومتوسطي، نقل الجيش الإسرائيلي "عودة" إلى معتقل عوفر عقب اعتقالها، وأخضعها لتحقيق متواصل لنحو 9 ساعات، ولم يسمح بحضور محاميتها التحقيق، واكتفى بالسماح لـ"عودة" باستشارة المحامية هاتفيًا قبل بدء التحقيق.
وفي يوم 8 تموز (يوليو)، قررت محكمة عوفر تمديد اعتقال "عودة" حتى تاريخ 14 تموز (يوليو)، ونُقلت بعد ذلك إلى سجن "هشارون". وفي 14 تموز (يوليو)، ظهرت "عودة" مقيّدة داخل قفص خشبي في محكمة عوفر، ولم تتمكن من التحدث مع المحامية سوى لدقائق قبل بدء المحكمة التي أجّلت القضية إلى 19 تموز (يوليو).
وأجّلت المحكمة الإسرائيلية كذلك جلسة المحاكمة الثالثة لتاريخ 26 تموز (يوليو) بحجة عدم اكتمال لائحة الاتهام من طرف النيابة العسكرية الإسرائيلية.
وفي جلسة المحاكمة الرابعة بتاريخ 26 تموز (يوليو)، قدّمت النيابة العسكرية لائحة اتهام بحق "عودة" وطلبت من المحكمة تمديد توقيفها حتى النطق بالحكم. وتضمنت اللائحة خمس تهم رئيسية هي: العمل في مؤسسة غير شرعية (اتحاد لجان العمل الصحي)، وحضور حدث لتأبين أحد القيادات السياسية الفلسطينية، وجلب تمويل بطريقة غير مشروعة إلى منطقة الضفة الغربية، وتلقي أموال بطريقة احتيالية، وتزوير وثائق ومستندات خاصة بالمؤسسة التي تعمل بها.
وأبلغت "شيرين عودة"، ابنة المعتقلة "شذى عودة"، فريق الأورومتوسطي أنّ والدتها فقدت 9 كيلوغرامات من وزنها نتيجة ظروف الاحتجاز السيئة في سجن "هشارون"، حيث تنتشر الحشرات وتنعدم النظافة داخل الزنازين، وتفرض إدارة السجن رقابة دائمة على المحتجزات داخل زنازينهن، عدا عن عدم وجود ما يسمى بـ"الكانتين"، وهو المكان الذي يبتاع منه المحتجزون حاجياتهم المختلفة.
وفي 27 تموز (يوليو)، نقلت السلطات الإسرائيلية "عودة" إلى سجن الدامون، وأخضعتها لمحاكمة خامسة في 17 آب (أغسطس)، حيث رفضت فيها جميع الاتهامات التي وجهتها لها النيابة. وفي 4 تشرين أول (أكتوبر)، خضعت "عودة" لمحاكمة سادسة أُجّلت بطلب من النيابة، وحددت المحكمة موعد 15 نوفمبر/ تشرين ثانٍ لعقد جلسة محاكمة سابعة.
من جانبه، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إنّ احتجاز ومحاكمة مديرة مؤسسة لجان العمل الصحي "شذى عودة" يندرج ضمن السياسة التعسفية الإسرائيلية في استهداف المنظمات الأهلية والحقوقية في الأراضي الفلسطينية، وقمع جميع الأصوات التي قد تسهم في فضح الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين.
وبيّن أنّ معظم التهم التي وجهتها النيابة العسكرية الإسرائيلية لـ"عودة" فضفاضة وغير دقيقة، إذ إنّ المؤسسة التي تديرها تعمل في مجال تقديم الرعاية والتنمية الصحية والمجتمعية في الأراضي الفلسطينية، وتنفّذ نشاطاتها بشكل علني في جميع المناطق التي تعمل بها في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما أنّ التهمة المتعلقة بتزوير وثائق ومستندات المؤسسة ليست من اختصاص السلطات الإسرائيلية، لأنّ المؤسسة مسجلة وتعمل في مناطق السلطة الفلسطينية، وبالتالي فإنّ أي تهم تخص سير عمل المؤسسة تكون محل بحث لدى الهيئات التابعة للسلطة الفلسطينية حصرًا.
وقالت مسؤولة الإعلام في المرصد الأورومتوسطي "نور علوان" إنّه "لا يمكننا النظر إلى احتجاز ومحاكمة مديرة مؤسسة لجان العمل الصحي "شذى عودة" بمعزل عن الحملة الإسرائيلية المتجددة على النشاط المدني في الأراضي الفلسطينية، والتي كان آخر مظاهرها حظر عمل 6 منظمات حقوقية في الأراضي الفلسطينية قبل أيام".
وأكّدت أنّ عددًا من المؤسسات والجمعيات الفلسطينية التي طالتها قرارات الحظر والتقييد الإسرائيلية تنفّذ نشاطاتها بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي أو بعض المنظمات الأممية، منتقدة ردود الفعل الباهتة من الأطراف المذكورة على القرارات الإسرائيلية غير المشروعة، والتي قد تشجع إسرائيل على تصعيد حملتها على النشاط المدني في الأراضي الفلسطينية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات الإسرائيلية إلى التوقف عن المماطلة في إجراءات محاكمة مديرة مؤسسة لجان العمل الصحي "شذى عودة"، والتراجع عن لائحة الاتهام غير العادلة بحقّها، والتوقف عن ملاحقة النشاط المدني في الأراضي الفلسطينية.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على الضغط بشكل حقيقي على إسرائيل، ودفعها إلى الكفّ عن سياسة حظر وتصنيف وتجريم المؤسسات المدنية في الأراضي الفلسطينية، واحترام القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، والتي تحمي وجود المؤسسات والنشاطات المدنية في مناطق النزاع، وفق البيان.
