ما زال الإسرائيليون يعيشون أجواء التطبيع الجارية مع المغرب، لا سيما عقب توقيع اتفاقيات أمنية وعسكرية، فضلا عن المباحثات التجارية والاقتصادية، مما يعتبرونه اختراقا للمنطقة العربية في شمال أفريقيا، والموقع الخطير الذي تحتله بإطلالها على شواطئ البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وما قد يعنيه ذلك من فرصة غير مسبوقة للاحتلال من أجل العثور على موطئ قدم له، سيمنحه أفضلية أمنية وعسكرية.
وفضلا عن المكاسب المالية التي يجنيها الاحتلال من هذه الاتفاقيات التسلحية والاستثمارية مع المغرب، فإن لها فوائد استراتيجية بعيدة المدى، لا سيما على صعيد انخراط الاحتلال في التطورات الميدانية الجارية في منطقة حساسة مثل شمال أفريقيا، التي تشهد جملة أحداث داخلية وخارجية مهمة.
الجنرال عاموس غلعاد الرئيس السابق للدائرة الأمنية والسياسية بوزارة الحرب، زعم أن "صفقة الأسلحة بين إسرائيل والمغرب بقيمة مئات الملايين من الدولارات ترسل رسالة مهمة أن علاقاتنا مع الدول العربية تضاعف قوتها العسكرية، وهو هدف أساسي لهذه الدول، وفي الوقت ذاته فإن هذه العلاقات تقوي إسرائيل، التي تدير علاقات مع من كانوا أعداءها حتى وقت قريب فقط".
وأضاف في حوار مع صحيفة معاريف، أن "إسرائيل تثبت أنها قادرة على تطوير العلاقات مع هذه الدول العربية، لا سيما الكبيرة والمهمة منها، مثل المغرب، وتعيش تحت حكم مستقر، في قارة غير مستقرة للغاية، المغرب يشكل قيمة هائلة لإسرائيل، ويمكن رصد العديد من المميزات في علاقاتنا معه، أنا لا أنظر للمغرب كدولة بحد ذاتها فقط، لأن المغرب جزء من نسيج كامل من العلاقات الأمنية السياسية بيننا التي تطورت على مر السنين، مع التركيز على الأمن".
من الواضح أننا أمام اتفاقية تعاون أمني إسرائيلي مع المغرب بشكل علني وغير مسبوق، الأمر الذي يمنحها قيمة استراتيجية، وليست مجرد اتفاقية رمزية، في ضوء أن الاحتلال يرى أهمية كبيرة على المستوى الاستراتيجي لتوقيع الاتفاقية، لأن المقصود بها وثيقة مبادئ قانونية ستمكن من تعميق التعاون الأمني بينهما على عدة مستويات، من صفقات الأسلحة للصناعات الدفاعية، إلى التعاون في الاستخبارات والتدريب، وغيرهما.
مع العلم أنه كجزء من مذكرة التفاهم بين تل أبيب والرباط، سيتم إنشاء لجنة توجيهية لتمكين تعميق التعاون الأمني والعسكري، وستكون هناك علاقات شراكة رسمية في المعلومات والتخطيط التشغيلي والمشتريات والبحث والتطوير والتدريب، وصولا إلى تبادل الآراء، والدخول في مشاريع مشتركة، والسماح بالصادرات الإسرائيلية، لا سيما وأن المنطقة تشهد توترات أمنية بالفعل، سواء في ظل العلاقات بين الجزائر والمغرب، أو اتهام الأخير لإيران وحزب الله بمساعدة العناصر المعادية.