قالت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الأربعاء، إنه قبل حوالي شهر من الهجوم الذي نفذ الخميس الماضي، قرب مستوطنة “حومش” المخلاة عام 2005، وأدى إلى مقتل مستوطن وإصابة آخرين، كان هناك تحذيرات أمنية من “الوضع الحساس” الذي كان يظهر في المنطقة وخاصة في ظل تواجد المدرسة الدينية، وأنه قد يدفع باتجاه “عمل متطرف” من شأنه أن يؤثر على أمن المنطقة.
وبحسب الصحيفة، فإن جهات استخبارية من “الشاباك” وحتى من الجيش الإسرائيلي والشرطة، حذروا من وجود المدرسة الدينية في بؤرة “شوماش/ حومش” الاستيطانية المقامة على أرض المستوطنة المخلاة، وتحولها إلى بؤرة احتكاك قد تؤدي إلى قدوم مستوطنين متطرفين إلى المكان.
ووفقًا للصحيفة، فإنه قبل الهجوم الأخير بشهر واحد، هاجم المستوطنون، خمسة فلسطينيين وصلوا لأراضيهم في منطقة قريبة لقطف الزيتون وأصابوا أحدهم بجروح خطيرة، وتبين أن المهاجمين من عناصر المدرسة الدينية اليهودية، وأن أحدهم أطلق النار في الهواء باتجاه المزارعين الفلسطينيين الذين فروا من المكان، فيما رشقهم مستوطنون آخرون بالحجارة وهاجموهم بالهروات، وأصيب فلسطينيان في الحادث نفسه.
وذكرت الصحيفة، أن المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية تعاملت مع الحدث كأنه “استثنائي”، وخلال تقييم للوضع حول ما جرى حينها، أكد بعض الضباط بأن الوضع الحساس الذي ظهر في تلك المنطقة قد يؤدي إلى “عمل متطرف” من أي طرف كان، وهذا سيؤثر على أمن المنطقة.
وأشارت إلى أنه بعد 10 أيام من الحادث، قررت المؤسسة العسكرية والأمنية إخلاء المزيد من مباني المدرسة الدينية، وذلك بسبب تواجد المستوطنين في المنطقة بشكل مخالف لقانون فك الارتباط “الإخلاء 2005″، مشيرةً إلى أن الجيش الإسرائيلي أقدم على هذه الخطوة بسبب أيضًا مخاوفه على أمن المستوطنين وفي ضوء التقديرات بأن حالة التوتر حينها ستؤدي إلى مزيد من “أعمال العنف”.
ووفقًا لمصدر أمني إسرائيلي، فإنه منذ إخلاء مستوطنة حومش 2005، كانت مجموعات من المستوطنين تعود إليها مرارًا وتكرارًا ويضعون مباني مؤقتة فيها ويتم تفكيكها من قبل الجيش الإسرائيلي من فترة إلى أخرى، واصفًا ما كان يجري بـ “لعبة القط والفأر” التي قال إنها أصبحت بالفعل نوعًا من الروتين.
وقال المصدر “على الرغم من وجود أمر لدى الجيش الإسرائيلي للتصرف بطريقة من شأنها وقف هذا السلوك، إلا أنه لم يتم فعل أي شيء من الناحية العملية .. هناك مشكلة في هذه القضية، والانخراط السياسي فيها يؤثر على كيفية اتخاذ القرارات”.
وقبل 3 أسابيع، أجرى وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس مناقشة خاصة تناولت تصاعد “عنف المستوطنين” بالضفة الغربية، بحضور كبار الضباط من الجيش والشرطة و"الشاباك" وجهات “إنفاذ القانون” الأخرى، مشيرًا خلالها إلى تأثير تلك الأحداث على سلوك الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي تجاه "دولة" الاحتلال، واعتبر ما يجري بأنها “مسألة محرجة”، وأنه خلال عدة اجتماعات طُلب من كبار المسؤولين الإسرائيليين تقديم شرح واضح لما يجري من اعتداءات تمارس ضد الفلسطينيين.
وبحسب الصحيفة، فإنه خلال الجلسة ذاتها طلب رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، من مفوض الشرطة كوبي شبتاي، بوضع مزيد من عناصر الشرطة في مناطق الاحتكاك لمنع أي هجمات من المستوطنين ضد الفلسطينيين مما قد يزيد من حالة التوتر على الأرض.
وخلال جلسة تقييم بعد أسبوع من تلك الجلسة، قال كوخافي إنه يجب زيادة الأنشطة بشكل أكبر تجاه المستوطنين، وعمل كل شيء لمنع “إيذاء الأبرياء من الجانبين”، وأنه ليس مستعدًا لقبول وضع يقف فيه الجنود جانبًا في وقت تهاجم فيه مجموعات المستوطنين، الفلسطينيين.
وأمر كوخافي بتوسيع التجربة التي أجريت في الأشهر الثلاثة الأخيرة في منطقة “لواء السامرة/ نابلس ومحيط شمال الضفة”، حيث تم تفعيل فريق لمكافحة “الجريمة القومية”، وأمر بتوسيع هذه العمليات لتشمل 3 ألوية أخرى في الضفة منها لواء الخليل ولواء رام الله.
وكجزء من هذه التجربة، تجتمع الفرق المختصة لإجراء تقييمات دورية للأوضاع، وتقديم ملاحظات أمنية حول ما يمكن أن يقع من “جرائم قومية” ضد الفلسطينيين، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي احتكاكات.
وبحسب هآرتس، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي عازم على إخلاء مستوطنة حومش المخلاة، وعدم السماح للمستوطنين بالعودة إليها مرة أخرى.
وقال مصدر أمني إسرائيلي “يجب أن لا تتحول حومش إلى إيفتار .. أبلغ المستوى العسكري، المستوى السياسي بأنه يعتزم التصرف بحزم ومنع عودة المستوطنين إليها”.
ويأتي ذلك رغم الدعوات من قادة المستوطنين لحكومة الاحتلال بإقامة المدرسة الدينية في مبنى دائم بنفس المنطقة، ويضغطون بذلك على كبار قادة الجيش الإسرائيلي بالضفة، فيما أبلغ الجيش، المستوى السياسي أن قواته المتمركزة هناك صغيرة نسبيًا وسيكون من الصعب تأمين المستوطنين، ويعارض إلى جانب "الشاباك" إبقائهم هناك.