نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال العامين الماضيين، "عمليات عسكرية برية شملت مئات العمليات السرية وإطلاق صواريخ متطورة" في منطقة هضبة الجولان غير المحتلة، بهدف إبعاد إيران وحزب الله عن هذه المنطقة. "وجرت هذه العمليات من خط الحدود (في الجولان المحتل) وداخل الأراضي السورية وهدفها السماح بتحول في توازن القوى في الجولان"، بحسب المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، اليوم الجمعة.
وتأتي هذه العمليات إلى جانب الغارات التي تشنها "إسرائيل" في عمق الأراضي السورية، التي يتوقع أن تكون مكثفة أكثر في العام 2022، حسب فيشمان. "سيتم استهداف عدد أكبر من الأهداف المرتبطة بالنظام السوري والتي تخدم المصلحة الإيرانية في إطار ممارسة الضغوط على (رئيس النظام السوري بشار) الأسد".
وبموجب تقييم الوضع الإسرائيلي، فإن الأسد يقف الآن عند مفترق طرق، "بين إعادة إعمار سورية أو الاستمرار بمنح يد حرة للإيرانيين من أجل تنفيذ خطتهم الإستراتيجية في سورية. غير أن إسرائيل هي لاعب واحد فقط، وليس الأكثر تأثيرا بالضرورة، في الضغوط الممارسة على الأسد. والمصلحة الإسرائيلية بطرد الإيرانيين تنسجم مع المصلحة الروسية، التي تبحث عن سبل لتعزيز الجهات البراغماتية حول الأسد من أجل فتح سورية على العالم. ودول الخليج تمارس ضغوطا من أجل طرد الإيرانيين من سورية كشرط لضخ أموال، ومصر والأردن تسعيان إلى إعادة سورية إلى جامعة الدول العربية شريطة إزالة التأثير الإيراني، والأميركيين مستعدون للتوصل إلى تسوية مع روسيا والانسحاب من المنطقة شريطة رحيل الإيرانيين أيضا".
وتشير التقديرات إلى أن الأسد بات مستعدا لاتخاذ القرار، وفقا لفيشمان "فقد انتصر على المتمردين، ويسيطر على 60% - 70% من الأراضي السورية. والأهم من أي شيء آخر، حقق حلم سلالة الأسد بتغيير ديمغرافي جوهري. فقد غادر 3.5 مليون شخص سورية، وستة ملايين آخرين يتجولون داخلها كلاجئين. وغالبيتهم مسلمون سنّة. والأقلية العلوية الحاكمة، التي شكلت في الماضي 11% - 12% من سكان سورية، تُقدر اليوم أنها تشكل ثلث السكان".
ويعتبر مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية أن حزب الله جمّد نشاطه في الجولان غير المحتل ولم يعد يستثمر موارد فيه كما كان في الماضي، وأن السبب الوحيد لاستمرار انتشار قوات من حزب الله في هذه المنطقة هو أن أمينه العام، حسن نصر الله، "لا يمكنه أن يسمح لنفسه بأن يبدو كمن استسلم للضغوط الإسرائيلية".
إلا أن هذه التقديرات الإسرائيلية تنطوي على تناقض معين. وبحسب فيشمان، فإن "حزب الله وإيران بدآ بالاستثمار بأنشطة اجتماعية من أجل غرز جذور عميقة في الجولان (غير المحتل). واكتسب الإيرانيون ولاء قرى كاملة. وحاولوا على سبيل المثال كسب ولاء الدروز في السويداء – المدينة المركزية في جبل الدروز – وضخوا أموالا من أجل إقامة بنية تحتية مدنية، انطلاقا من قناعة بأنه بذلك ستفتح إيران الباب تجاه الدروز في إسرائيل ايضا. إلا ان القيادة الدرزية رفضتهم، لأنه إلى جانب المال وصلت الجريمة وتجارة المخدرات. وسجل الإيرانيون نجاحا أكبر بين السنة، لدرجة أن عدة قرى سنية بدأت تقيم طقوسا شيعية. والاستثمار الإيراني في المجتمع السوري هو للمدى البعيد، وتحت التأثير الإيراني – الاجتماعي والثقافي والاقتصادي – قد يشكل الجولان السوري مشكلة أمنية لإسرائيل".
طائرات مسيرة لجمع معلومات استخباراتية
أشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، اليوم، "إلى جانب آخر من المواجهة بين إسرائيل وحزب الله. فقد أطلق الأخير، مؤخرا، عددا من الطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل والتي أسقطها الجيش الإسرائيلي، بعد تجاوزها الحدود أحيانا".
ويستخدم حزب الله الطائرات المسيرة من أجل جمع معلومات استخباراتية لأغراض عسكرية. "وفي الوقت نفسه، يستعين حزب الله بالطائرات المسيرة من أجل مراقبة انتشار الجيش الإسرائيلي على طول الحدود وقدراته على رد سريع. وسيوسع استخدام هذه الوسيلة في حال نشوب حرب على طول الحدود الشمالية".
وأسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي، في آب/أغسطس الماضي، طائرة مسيرة دخلت الأجواء الإسرائيلية. وتبين أن الصور التي التقطتها هذه الطائرة اثناء تحليقها لم تتضرر. وعثرت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية على صور لمشغلي الطائرة وانتشار قوات الاحتلال في مقاطع من المنطقة الحدودية.
وجاء في بيان لجيش الاحتلال، اليوم، أنه "في الأشهر الأخيرة، بدأت فرقة الجليل في القيادة الشمالية العسكرية باعتماد تشكيلة خاصة ضد نشاطات حزب الله باستخدام المسيّرات، ساهمت وعززت قدرات الجيش على رصدها بعد عبورها الحدود تجاه السيادة الإسرائيلية مما سجل ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الطائرات المسيّرة التي أُسقطت على يد قواتنا، آخرها كان الأسبوع الماضي".
وأعاد حزب الله معظم مقاتليه من وحدة "رضوان" الذين شاركوا في الحرب في سورية، ونشر قسما منهم في جنوب لبنان. "وأسماء الناشطين في وحدة الطائرات المسيرة معروفة لإسرائيل"، بحسب هرئيل. ورصد جيش الاحتلال تحليق طائرات مسيرة لحزب الله على طول الحدود، أسبوعيا تقريبا، وتوغلت أحيانا عدة مئات الأمتار جنوبا.
وأضاف هرئيل أن عقيدة حزب الله القتالية وأساليب تعلمها أفراد وحدة "رضوان" من مدربين روس وإيرانيين قاتلوا جنبا إلى جنب في الحرب الأهلية في سورية. واستخدم الجانبان خلال هذه الحرب الطائرات المسيرة من أجل إلقاء متفجرات وقنابل يدوية من الجو. "لكن المهمة الاساسية هي جمع معلومات بواسطة طائرات مسيرة، وحزب الله بات يوثق ما يجري في الجانب الإسرائيلي من الحدود بشكل أفضل ويحسن نوعية المعلومات الاستخباراتية التي بحوزته، استعداد لتصعيد أو حرب في المستقبل".