منذ عام تقريبًا انتشر خبر حول عودة "بيكي بلايندرز" Peaky Blinders مرة أخرى للشاشة الصغيرة في موسم سادس وأخير، وبعد 12 شهرًا ارتفعت آمال محبي المسلسل عندما صدر الإعلان التشويقي على شبكة نتفليكس لهذا الموسم. ولكن لم يتم تحديد الموعد الذي سنشاهد فيه عصابة "بيكي بلايندرز" مرة أخرى، قد تكون الأخيرة.
وحتى هذا الوقت، فقد حان موعد التعرف على القصة الحقيقية، ومن هم أفراد العصابة الذين ألهموا صناع المسلسل لتقديم واحد من أشهر مسلسلات القرن الـ 21.
العصابة الحقيقية
تدور الأحداث حول العصابة الشهيرة بذات الاسم، تحت قيادة توماس شيلبي، في شوارع مدينة برمنغهام البريطانية خلال عشرينيات القرن الماضي، ولكن شخصيات بيكي بلايندرز الخيالية التي أحبها الجمهور ليست سوى عصابة حقيقية عاشت في القرنين الـ 19 والعشرين.
بدأ الأمر منذ نهايات القرن الـ 19، عندما وقعت مدينة برمنغهام في أزمة اقتصادية طاحنة، أدت بشكل طبيعي إلى انتشار الجريمة في الشوارع وظهرت العديد من العصابات منها عصابة بيكي بلايندرز وغيرها.
قبعة بيكي بلايندرز
تميزت هذه العصابات بارتداء ملابس موحدة مثل قبعة وملابس بيكي بلايندرز، واتخذت كل عصابة مكانا يمارسون فيه سطوتهم، مع مشاحنات بين العصابات المختلفة لإثبات جدارة وقوة كل عصابة وقدرتها على حماية المنطقة التابعة لها.
عام 1870 ظهرت عصابة السلوغرز Sloggers، وقائدها جون أدريان والذين كانوا معروفين باستخدام أحزمة السراويل لتقييد ضحاياهم قبل ضربهم، وبعد سنوات انشقت منهم عصابة بيكي بلايندرز الشهيرة.
أفراد العصابة كانوا مجموعة من الشباب البريطانيين أصحاب ذوق خاص في الملابس، يميزهم عن باقي العصابات، وذلك بارتدائهم ملابس موحدة مع قبعات بيكي بلايندرز المسطحة الشهيرة التي تميل على إحدى جانبي الرأس، وربطات العنق والسراويل الواسعة من الأسفل، وستراتهم ذات الأزرار النحاسية والأحذية مع الكعوب الحديدية، والأوشحة الحريرية حول العنق.
ولكن على عكس مسلسل بيكي بلايندرز، الذين اعتادوا القيام بعمليات إجرامية كبيرة وأغلبها ذات طبيعة سياسية أثرت على الحكومة البريطانية ذلك الوقت، فإن العصابة الحقيقية لم تكن جرائمهم مميزة لهذه الدرجة، بل بعضها كان ساذجًا للغاية مثل سرقة الدراجات والمتاجر وفرض الإتاوات مقابل الحماية والمتاجرة في السوق السوداء، أي ليسوا سوى مجموعة من الحمقى والسكارى والمحتالين.
ويمكن اعتبار عصابة بيكي بلايندرز في المسلسل مزيجا من بضعة عصابات شهيرة ظهرت ذلك الوقت، بالإضافة إلى أفراد العصابة التي أخذوا منها الاسم والذوق في الملابس، هي أقرب لعصابة أخرى تدعى "أولاد برمنغهام" والتي كانت أكثر عنفًا من بلايندرز، وشخصية القائد الخاص بها "بيلي كيمبر" مشابهة إلى حد كبير مع شخصية تومي شيلبي.
هل هي قصة حقيقية؟
تدور قصة المسلسل حول عائلة عصابات من أصل أيرلندي روماني تجري أحداثها في برمنغهام، بدءًا من عام 1919، بعد عدة أشهر من نهاية الحرب العالمية الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 1918، حيث نتعرف على عصابة بيكي بلايندرز وطموحاتهم المادية الواسعة.
يترأس العصابة شيلبي الذي قدم دوره كيليان ميرفي، وهو شاب عائد من الحرب الكونية الأولى أكثر عنفًا وقسوة بعدما اكتسب مهارات قتالية عالية، وشخصية جذابة، فقرر تكوين عصابته التي سريعًا ما لفتت انتباه الرائد تشيستر كامبل، كبير المفتشين بالشرطة الملكية الأيرلندية التي أرسلها ونستون تشرشل من بلفاست من أجل "تنظيف المدينة" من الجيش الجمهوري الأيرلندي والشيوعيين والعصابات، والمجرمين العاديين.
عادى تشرشل بيكي بلايندرز حيث أراد قمع الفوضى في برمنغهام، واستعادة مخبأ مسروق من الأسلحة كان من المقرر شحنها إلى ليبيا.
وتستمر مغامرات العصابة بتوسيع تنظيمهم الإجرامي في الجنوب والشمال مع الحفاظ على معقلهم في قلب برمنغهام، في ذات الوقت التي تأخذنا فيها الحبكة إلى قصص أفراد العصابة الخاصة، والتقلبات الدرامية التي تحدث لهم، والصعوبات التي يضطر شيلبي لتجاوزها من أجل استمرار عصابته في تسيد أجواء جريمة برمنغهام.
تستمر أحداث الموسم الثالث مع دخول عدد كبير من الشخصيات الجديدة، منها الأب جون هيوز الذي يشارك في منظمة مناهضة للشيوعيين، وروبن أوليفر وهو رسام بولي بيكي بلايندرز، وليندا شيلبي زوجة آرثر بيكي بلايندرز.
وقام مؤلفو المسلسل بجعل الأحداث الخاصة به تتوازى مع وقائع تاريخية حقيقية بالمملكة المتحدة، فمثلًا ينتهي الموسم الرابع من المسلسل بالإضراب العام في مايو/أيار 1926 وينتهي الخامس في 7 ديسمبر/كانون الأول 1929، في صباح اليوم التالي لحشد قاده الزعيم الفاشي أوزوالد موسلي، وهو ما أعطى المسلسل جانبًا تاريخيًا بجانب الإثارة والتشويق المعتادين بهذا النوع من المسلسلات.
وقد حقق المسلسل نجاحًا كبيرًا موسمًا بعد الآخر، ومع انتقاله إلى نتفليكس استطاع اكتساب قاعدة شعبية أكبر، وعلى الرغم من أنه اقترب من النهاية في الموسم السادس منه فإن المشاهدين مازالوا متشوقين إلى المزيد.
بيع ملابس العصابة
وقد خرج بسبب هذا النجاح الكبير عدد كبير من المنتجات التي يتداولها مشاهدو المسلسل مثل بيع ملابس بيكي بلايندرز ليتشبهوا بأبطالهم الحقيقيين في المناسبات المختلفة للاحتفاء به.
وقد طمأن ستيفن نايت (صانع بيكي بلايندرز) جمهوره بأنه حتى نهاية المسلسل لا تعني ختام القصة ووداع أفراد العصابة، بل قد يعودون بصورة أخرى، في إشارة إلى فيلم سينمائي متوقع صدوره بدلًا من الموسم السابع، ومسلسلات أخرى مشتقة قد تقدم قصصًا فردية لبعض أفراد العصابة في الماضي قبل بداية عصابة مسلسل بيكي بلايندرز.