في عام 2016 كانت هناك محاولة انقلاب فاشلة ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من قِبل بعض جنرالات الجيش التركي بالتعاون مع أطراف خارجية، إلا أنه تم إجهاض عملية الانقلاب عندما طالب الرئيس أردوغان شعبه بالنزول إلى الشوارع وصد الانقلاب برسالة واحدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما تبع ذلك من خطوات حكيمة من جانب القيادة الشرعية التركية، ومنذ أعوام يتعرض الاقتصاد التركي وعملته على وجه التحديد إلى مؤامرة في محاولة مختلفة لتحطيم النظام التركي الحاكم. الرئيس أردوغان أرسل رسالة لشعبه أن حكومته ستعوض أي خسارة يتعرض لها المواطن التركي إذا كانت ودائعه البنكية بالليرة التركية، فهب المواطنون لشراء عملتهم الوطنية وبيع الدولار، ما أدى إلى ارتفاع الليرة بشكل أذهل المعارضة وأذهل المتآمرين على تركيا واقتصادها.
العبرة من المثالين السابقين أن القيادة الحكيمة يمكنها وضع حلول سحرية غير مكلفة لتجاوز الأخطار الجسام، طبعا لو لم تكن هناك ثقة شعبية بالرئيس التركي ولو لم يكن هناك وعي في الشارع التركي لما كان هناك أي جدوى من رسائله إلى شعبه، لأن الغالبية في تركيا تقدم مصالح الوطن على المصالح الحزبية.
نحن الفلسطينيين لدينا قضية واحدة لا بد من حلها وإغلاق ملفها ألا وهي الاحتلال الإسرائيلي، أي قضية تبعدنا عن تحقيق الهدف هي قضية مفتعلة ومشبوهة سببها تقديم المصالح الخاصة على المصالح العامة، أو أنها دليل على استشراء الجهل والغباء. الانقسام من أخطر القضايا التي عصفت بشعبنا، وقد تخلصنا تقريبا من آثاره السلبية على المستوى الشعبي ولكن ما زال هناك استغلال سياسي له يعطل المصالح العامة دون مبررات مقنعة.
لو كان هناك من فيه بعض حكمة أردوغان لما حصل الانقسام من أساسه، ولتم حله برسالة واحدة إن حصل. هيا نذهب إلى انتخابات عامة، والذي يختاره الشعب يحكم والذي لا يختاره ينتظر فرصة ثانية ويحاول تحسين صورته من خلال المعارضة الإيجابية.
مصيبتنا لم تتوقف على إجراء الانتخابات، فنحن كنا نضيع أياما وأسابيع من أجل أتفه التفاهات، الإعلام الفلسطيني كان ينشغل من أجل تغيير اسم مدرسة، هذا مع وهذا ضد، أو من أجل تكسير عربة ترمس أو حتى رفع راية وإنزالها، ومن تشغله هذه الأمور لن يفطن إلى الاحتلال ولا إلى مخططات الاستيطان.
الوحدة الوطنية ليست هدفنا؛ لأن شعبنا موحد حتى لو حاول البعض تشويه الصورة، ولكننا بحاجة إلى ترتيب أوضاعنا السياسية، وذلك لا يكون إلا بانتخابات عامة غير مجتزأة ولا مفصلة على مقاس فصيل من الفصائل، مع القبول بنتائجها واحترام خيار شعبنا، فالمسألة برمتها لا تحتاج سوى لرسالة أو مرسوم لا أكثر، ثم بعدها نتفرغ لقضيتنا الأساسية وهي الاحتلال، مع التأكيد أن هناك من يعمل ضد الاحتلال ليل نهار دون أن تعيقه تفاهمات الانقسام والانتخابات والعقبات المختلَقة.