تتابع الأوساط العسكرية الإسرائيلية النشاط المتزايد للطيران الروسي على حدود الجولان، وتعتبر أنها أمام نشاط غير معتاد للجيش الروسي على حدود الأراضي المحتلة، لا سيما وأنه تم برحلات استطلاعية مشتركة مع القوات الجوية للنظام السوري، بمشاركة طائرات متعددة من طرازات مختلفة مثل سوخوي 34، و35، وميغ 29، و23 و A-50، وهذه المهمات من الواضح أنها ستستمر بشكل منتظم نحو الحدود مع الجولان، وفقاً لإعلان وزارة الدفاع الروسية في موسكو.
يوسي يهوشاع الخبير العسكري ذكر في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن "طياري الجيشين الروسي والسوري قاموا بتسيير دورية جوية مشتركة، وتركز مسار المهمة في مرتفعات الجولان والحدود الجنوبية لسوريا ونهر الفرات وشمال سوريا، وأن الطيارين الروس أقلعوا من قاعدة حميميم، بينما أقلع السوريون من قواعد عسكرية قرب دمشق، وخلال المهمة، سيطر الطيارون السوريون على المجال الجوي، ووفروا الغطاء اللازم، بينما تدربت الأطقم الروسية على الأهداف الأرضية بحزم، وأشارت وزارة الدفاع الروسية أن طياريها مارسوا هجمات جوية وبرية في وسط سوريا".
وأضاف أن "هذه المهمة المشتركة بين موسكو ودمشق إنما تأتي تتويجا لمهارات التعاون الثنائي في مختلف المواقف، وستستمر هذه البعثات المشتركة على أساس منتظم، مع العلم أن القوات الروسية موجودة في سوريا منذ عام 2015، وساعدت بشكل جوهري في إحداث التغيير المطلوب في الحرب الأهلية لصالح نظام الأسد، فيما تواصل قصف قرى وبلدات قرب مدينة إدلب شمال غربي سوريا، وهي آخر معقل تحت سيطرة المعارضة، ولكن يبقى الإعلان عن تسيير دورية مشتركة مع جيش الأسد أمر غير معتاد بالتأكيد بالنسبة لتل أبيب".
ويجد القادة السياسيون والأمنيون الإسرائيليون صعوبة بفهم ما دفع موسكو للإعلان عن دوريات جوية مشتركة مع الجيش السوري، فقد ترغب بإرسال إشارة لواشنطن وبشأن ساحة أخرى نشطة في الشرق الأوسط للضغط على تل أبيب، رغم أن ضباط الجيشين الإسرائيلي والروسي قد يحاولون تهدئة العاصفة القائمة، بعد القلق الذي ساد تل أبيب عقب الإعلان المشترك لروسيا وسوريا، ويتساءل القادة عما حدث للروس الذين قرروا تغيير سياستهم تجاه تل أبيب.
ودأبت روسيا على السماح لسلاح الجو الإسرائيلي بالتصرف بحرية في مواجهة التمركز الإيراني داخل سوريا، ما أدى فعليًا لعرقلة خطة فيلق القدس لإنشاء حزب الله 2 على أراضي سوريا، لكن الإعلان عن بدء طيارين روس وسوريين بتنفيذ دوريات جوية مشتركة في منطقة مرتفعات الجولان على طول نهر الفرات وشمال سوريا، أمر لافت للغاية، وحقق ترقباً وقلقاً في تل أبيب حتى اللحظة.
هناك جملة تفسيرات إسرائيلية لسلوك موسكو المستجد، أولها أن الروس قدروا أن الأحوال الجوية ربما تتيح نافذة لهجوم إسرائيلي في سوريا قبل دخول الموسم الشتوي، فأرادوا إحباطه بسرعة، وثانيها أن الروس يعتقدون أن تل أبيب قد بالغت بشدة في هجماتها الأخيرة داخل سوريا، رغم أن المصلحة المشتركة لتل أبيب وموسكو تكمن بإخراج الإيرانيين من سوريا، وثالثها أن الإعلان مرتبط بأحداث أوكرانيا، ورغبة الروس بإعلام الأمريكيين بوجود ساحة نشطة أخرى في الشرق الأوسط.
وبالنسبة للروس، فإن هذه الإشارة لتل أبيب قد تدفعها للضغط على الأمريكيين في ملف أوكرانيا، رغم وجود منظومة تنسيق عسكري وأمني قائم بين موسكو وتل أبيب، والروس لم ينشّطوا أنظمة دفاعهم الجوي ضد الطائرات الإسرائيلية، لكن مثل هذا التغيير الذي سيحد من القوة الجوية الإسرائيلية في أجواء سوريا سيكون دراماتيكياً، صحيح أن ضباط الجيشين الإسرائيلي والروسي يسعون لتهدئة العاصفة، لكن هذا السلوك قد يقلص فعلياً الهجمات الإسرائيلية في سوريا.