أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، الخميس، القضاء على زعيم تنظيم الدولة، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، في عملية عسكرية شمال غربي سوريا، بعد أقل من ثلاث سنوات على توليه قيادة التنظيم.
المكان الذي استُهدف فيه القرشي يقع في منطقة أطمة في ريف إدلب الشمالي، على بعد نحو 15 ميلاً من قرية باريشا، حيث تم القضاء على زعيم تنظيم الدولة السابق أبو بكر البغدادي في عام 2019.
وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، فإن القرشي ولد عام 1976 في العراق، وإسمه الحقيقي محمد عبد الرحمن المولى، ويحمل أسماء مستعارة عدة، ويعد أحد مؤسسي التنظيم، ومن كبار منظريه الإيديولوجيين، وفق ما نقل موقع قناة (الشرق للأخبار).
ونصبت قيادة تنظيم الدولة القرشي خلفاً لأبو بكر البغدادي في نهاية تشرين الأول/أكتوبر 2019، لكن لم تؤكد الاستخبارات العراقية والأميركية رسمياً من يكون إلا بعد أشهر عدة.
وفي آذار/مارس 2020، ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن القرشي هو القائد الجديد لتنظيم الدولة، وصنفته "إرهابي دولي".
وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، فإن القرشي كان ينشط ضمن تنظيم القاعدة في العراق، قبل أن ينضم إلى تنظيم الدولة، ثم ترقى في صفوف التنظيم ليصبح نائب أبو بكر البغدادي، ثم خلفاً له.
وأشارت الخارجية الأميركية إلى أن القرشي ساعد في قيادة اختطاف وقتل الإيزيديين وسبي نساء هذه الأقلية في العراق، مشيرة إلى أنه كان يدير حتى قبل قتل البغدادي عدداً من فروع تنظيم الدولة خارج العراق وسوريا.
وذكرت صحيفة (جارديان) البريطاينة في تحقيق عام 2020، أن القرشي ينحدر من الأقليّة التركمانية في العراق، ما يجعله واحداً من القادة غير العرب القلائل في التنظيم.
وولد القرشي لعائلة تركمانية سكنت بلدة تلعفر التي تقع في شمال غربي العراق، وتتبع محافظة نينوى، وتركمان العراق يعودون في أصولهم إلى قبائل تركية، ولا يزالون يشتركون معهم بالكثير من الروابط الثقافية واللغوية.
وبحسب الصحيفة، فإن ترقية القرشي لقيادة تنظيم الدولة كان مفاجئاً، إذ كان يُنتظر في خليفة البغدادي أن يكون عربياً من أجل الحصول على الدعم الكامل من باقي فروع التنظيم.
وكشف تحقيق مشترك أنجزته (بي بي سي) البريطانية، ومجلة "نيوز لاين" الأميركية، أن القرشي حرص على تثبيت نسبه العربي منذ كان في الموصل عام 2015، ليربطها بعشيرة البوريشة العباسيين، وهي عشيرة عربية في محافظة نينوى.
وأشار التحقيق إلى أن القرشي كان معتقلاً سابقاً في سجن بوكا بمحافظة البصرة جنوب العراق عام 2008، والذي كانت تديره القوات الأميركية، غير أنهما لم يلتقيا في السجن، إذ كان البغدادي قد أُطلق سراحه بعد فترة اعتقال قصيرة انتهت عام 2004.
وتخرج القرشي من كلية العلوم الإسلامية في الموصل، وعمل ضابطاً في الجيش العراقي خلال فترة حكم صدام حسين، وانضم إلى صفوف القاعدة بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، وفق ما أوردت وكالة (فرانس برس)، نقلاً عن "مركز أبحاث مكافحة التطرف".
وفي عام 2004، أكمل الماجستير في الدراسات الإسلامية. وبالتزامن مع ذلك، تدرج القرشي بسرعة في تنظيم "القاعدة"، خصوصاً بعد القضاء على أبو مصعب الزرقاوي.
وفي عام 2008، اعتقل القرشي إثر مداهمة القوات الأميركية مواقع للقاعدة في الموصل، وأودع في سجن بوكا بالبصرة، ثم أفرجت عنه في عام 2009.
وبحسب مجلة (نيوز لاين) الأميركية، فإن نصوص التحقيق مع القرشي أوضحت أنه تعاون بشكل كبير مع المحققين في الإدلاء بالكثير من المعلومات عن قيادة وعناصر "القاعدة".
ونقلت المجلة عن مصدر في "خلية الصقور" التابعة للاستخبارات العراقية، قوله إن "القرشي وفور خروجه من السجن التحق بأبي بكر البغدادي الذي كان قد تسلم زعامة تنظيم القاعدة بعد سقوط أبو عمر البغدادي"، ليعمل كـ "شرعي عام" (مفتي التنظيم) في محافظة نينوى.
وبعد فترة قصيرة انشق أبو بكر البغدادي عن تنظيم "القاعدة" لإنشاء تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق"، الذي تتطور وأصبح فيما بعد "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا" .
وفي عام 2014، التقى القرشي بالبغدادي في الموصل، وتعهد بالولاء والدعم الكامل لتنظيم الدولة للسيطرة بسرعة على المدينة، وسرعان ما أثبت القرشي نفسه بين صفوف التنظيم، وحظي بثقة كبيرة، خصوصاً بعد القضاء على أولئك الذين عارضو قيادة البغدادي.
مطاردة في تركياوبحسب "جارديان"، فإن أبو إبراهيم القرشي لم يكن معروفاً لدى أجهزة الاستخبارات الأميركية أو لدى الخبراء بشؤون الجماعات المتطرفة، عندما تم تنصيبه قائداً لتنظيم الدولة، عقب اغتيال البغدادي.
ونقلت الصحيفة عن مصدر استخباراتي عراقي، أن البحث عن القرشي في عام 2020، كان قائماً بشكل حثيث في العراق وسوريا وحتى في تركيا، خصوصاً وأن شقيقه عادل الصلبي في حزب "الجبهة التركمانية العراقية"، يقيم هناك وتشير المعلومات إلى أنهما على علاقة قوية مع بعضهما البعض.
ورجّحت أجهزة الاستخبارات التي كانت تبحث عنه آنذاك، أنه كان يتنقل في بلدات غرب الموصل ضمن مجموعات قليلة العدد، خوفاً من استهدافه كما حصل مع البغدادي.
وكانت الولايات المتحدة رصدت في آب/أغسطس 2019، مكافأة مالية تصل قيمتها إلى خمسة ملايين دولار قبل أن ترفعها فيما بعد إلى 10 ملايين، مقابل أي معلومة تقودها إلى القرشي، الذي كان لا يزال في حينه قيادياً في التنظيم، لكنهّ مع ذلك كان "خليفة محتملاً لزعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي".