منذ أيام تشهد الأراضي الفلسطينية وخاصة قطاع غزة موجة من غلاء الأسعار، الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة بين الفلسطينيين، حيث تشهد أسواق الضفة الغربية وقطاع غزة ارتفاعا في أسعار عدد من السلع الأساسية كالأرز والطحين والسكر والزيت النباتي والبقوليات وغيرها، ذلك بالتزامن مع توقعات بارتفاع أسعار الوقود عالميا وفي فلسطين.
ولم يعد أغلب سكان قطاع غزة المحاصرين قادرين على مواجهة ظاهرة ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية، كالقمح والبقوليات التي تشهد أسعارها ارتفاعاً متزايداً ومضاعفا، بحجة الأزمة الأوكرانية الروسية.
وتعد ظاهرة ارتفاع الأسعار من الظواهر التي تنتشر في الأسواق الفلسطينية بين حين وآخر، وهي ظاهرة ليست بالجديدة، ومن الطبيعي أن ترتفع الأسعار حول العالم عقب الحرب الروسية على أوكرانيا، وفي ظل العقوبات الاقتصادية على روسيا، والتي تعد من أبرز الدول العالمية المصدر للمواد الغذائية في العالم، وخاصة القمح.
استراتيجية مشتركة لمواجهة أزمة الغلاء
الكاتب والمحلل الاقتصادي محمد أبو جياب، كشف في تصريحات صحفية وعبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، الاستراتيجية المشتركة لمواجهة أزمة الغلاء العالمي، وخاصة في قطاع غزة.
وأكد أبو جياب، أن مراقبة الأسواق وضبط الاسعار من قبل وزارة الاقتصاد بغزة خطوة مهمة في مثل هذه الظروف، لكنها لا تشكل إلا 5% من العمل المطلوب، مبيناً أننا بحاجة إلى سياسات وقرارات شجاعة لحماية فقراء شعبنا وهم الأغلبية، من غول الغلاء القادم علينا.
وأضاف: "مهما فعلنا للضغط على القطاع التجاري لعدم رفع الأسعار للسلع المتوفرة في القطاع، سنواجه جميعاً، (شعبا وحكومة وتجار) الغلاء العالمي الحاصل في ظل الازمة الاوكرانية الروسية".
وتابع: "سيأتي الوقت الذي لن تستطيع الحكومة فيه، الحديث عن ضبط الأسواق بقدر ما ستدافع عن نفسها أمام الغلاء المتوقع، بعد انتهاء المخزون المتوفر في غزة وهو قليل وقليل جداً".
وأشار أبو جياب، إلى أنه يجب أن يكون هناك سياسة مشتركة بين ثلاث أطراف في المجتمع الفلسطيني وهم، الحكومة، التي من واجبها مراقبة الأسواق وضبط الاسعار، وقبل ذلك وضع السياسات واتخاذ القرارات الهادفة لضمان الإمدادات السلعية وتوفيرها للمواطن، وهذا ما لا يتحدث عنه أحد حتى الان، في ظل تحوط الدول المجاورة ومنع تصدير السلع الأساسية منها.
أما الطرف الثاني، فهو القطاع التجاري، الذي يجب أن يلتزم بالتقيد التقيد والالتزام بالمبادئ الأخلاقية والقانونية في التعامل مع هذه الازمة، والإعلان بشكل صريح وواقعي عن الحقائق المتعلقة بوفرة السلع في غزة، والخطوات المطلوب تقديمها من الحكومة، لتحفيز القطاع الخاص على توريد السلع، للحد من ارتفاع أسعارها في السوق المحلي وحماية الفقراء.
أما الطرف الثالث، فهو المواطن الذي يجب أن يعلم بأن التخزين للسلع الأساسية في المنازل سيعمق الازمة، ويرفع الأسعار، للحد الذي سيُحرم فيه مئات الفقراء من الحصول عليها، مبيناً أن المواطن هو جزء من الحل وليس المشكلة، ويجب البدء بترشيد الاستهلاك، والتعامل مع هذه الازمة بوصفها جزء من حياتك لابد من التأقلم معها.
واختتم حديثه: "القادم قد يكون أصعب ويجب أن نجهز أنفسنا لذلك".
الارتفاع في الأسعار بسيط
وبدوره أكد وكيل وزارة الاقتصاد في غزة عبد الفتاح الزريعي، أن المخزون الموجود حالياً في قطاع غزة يكفي لتجاوز شهر رمضان في الوقت الذي تتواصل فيه عمليات الاستيراد للسلع الغذائية عبر المعابر المختلفة.
وأوضح الزريعي في تصريحات صحفية، أن الارتفاع في الأسعار بسيط وهو متعلق بالمصدر الذي يقوم التجار بالاستيراد منه فيما تعمل الجهات الحكومية على تقديم مجموعة من التسهيلات والإعفاءات الضريبية والجمركية للتجار.
وقال إن الإعفاءات تتم عبر معبر رفح وبوابة صلاح الدين كونها تخضع لسيطرة الحكومة في غزة بشكلٍ كامل، بعكس معبر كرم أبو سالم التجاري الذي تشرف عليه السلطة ولا يخضع للسيطرة الضريبية من قبل الحكومة في القطاع.
وأشار الزريعي إلى أنهم عمدوا إلى تثبيت أسعار الوقود والغاز الوارد للخارج رغم ارتفاعه من المصدر، إلى جانب إعفاء الدقيق من الرسوم الجمركية والضرائب وهو ما من شأنه المساعدة في زيادة المخزون، ويخفف من أثر الارتفاع على المواطنين.
وعن زيادة أسعار بعض المواد الغذائية، يؤكد الزريعي، أنهم طالبوا التجار بالالتزام بالأسعار المعلن عنها وعدم اللجوء لأي ممارسات احتكارية لتفادي فرض أية إجراءات بحقهم حيث سيتم إحالة التجار المتلاعبين بالأسعار للنيابة العامة.
عقوبات صارمة للمحتكرين
أما يعقوب الغندور مدير عام الشؤون القانونية بوزارة الاقتصاد، فأكد أنه تم تحرير عدد من محاضر الضبط بحق تجار مخالفين في جميع المحافظات، مبيناً أنه سيتم توقيف كل تاجر أو بائع تسول له نفسه استغلال المواطنين.
وأكد الغندور، أن طواقم حماية المستهلك بالوزارة تتابع الاسعار في المحلات التجارية والأسواق، محذراً التجار والباعة وأصحاب المحلات والمنشآت التجارية من رفع الأـسعار.
وأشار إلى أنه سيتم اتخاذ اقصى العقوبات والمقتضى القانوني بحق التجار المخالفين واحالتهم للنيابة العامة.
ارتفاع جنوني
ويبدي المواطنون امتعاضا وخوفا كبيرا من الارتفاع الحاصل على أسعار بعض السلع ومنها الأساسية، حيث بات هذا الموضوع يطغى على أحاديثهم سواء في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ذهب بعضهم للقول إن السلع الأساسية قد تصبح من الـ "كماليات" بالنسبة لهم، لعدم قدرتهم على شرائها.
ويقول المواطن جميل وشاح في حديثه لـ"فلسطين الآن"، أنه لم يتمكن من شراء كافة المستلزمات الغذائية لأسرته بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار.
وأضاف: "الوضع الاقتصادي في غزة صعب جداً من سنوات طويلة، والمواطن يصعب عليه شراء لوازم البيت من اكل وشرب"، داعيًا الجهات المختصة لمنع استغلال التجار لبعض أنواع السلع، وتوضيح أسباب الغلاء.
وتابع: "التجار في قطاع غزة، لا ذمة ولا ضمير، فهم يقومون برفع الأسعار بشكل جنوني، إذ أصبح الزيت النباتي أكبر من سعره بثلاثة شواكل، والطحين زاد عن سعره تقريباً عشرة شواكل، إضافة لسلع غذائية أخرى زاد سعرها من 3 شواكل إلى 8 شواكل".