على مدار 6 أسابيع من الحرب الروسية الأوكرانية، حاولت 7 دول التدخل بشكل جدي الوساطة للتوصل إلى حل سلمي ينهي الأزمة التي انعكست تداعياتها على العالم أجمع، كان أحدث هذه الوساطات اجتماعًا في إسطنبول يوم الثلاثاء بين الطرفين.
ولم تنجح كل الجهود في إنهاء الحرب، إلا أنه ينظر للمفاوضات التي ترعاها تركيا بعين إيجابية بعد إعلان روسيا اعتزامها تقليص نشاطها العسكري في المناطق القريبة من العاصمة الأوكرانية كييف، وذلك عقب محادثات "مفيدة" في إسطنبول، حسبما أعلن الوفد الروسي.
وقال نائب وزير الدفاع الروسي، ألكسندر فومين: "نظرًا إلى أن المحادثات حول إعداد اتفاق بشأن وضع أوكرانيا المحايد وخلوها من الأسلحة النووية انتقلت لمرحلة عملية (..) اتُّخذ قرار بتقليص النشاط العسكري في منطقتي كييف وشرنيهيف بشكل جذري بعدة مرات".
آمال ضعيفة
ليون راديسونسيني، مدير الشؤون الاستراتيجية في "مركز المعلومات الخليجي الأوروبي" (مقره روما)، قال إنه "على الرغم من بذل العديد من الجهود من قِبل العديد من الدول، بما في ذلك بعض دول الشرق الأوسط، لإنهاء الحرب من خلال الدبلوماسية، فإن احتمال قبول بوتن بإنهاء الصراع في هذه المرحلة ضعيف للغاية".
وأضاف راديسونسيني، "لا يزال بوتن بحاجة إلى تحقيق بعض المكاسب الاستراتيجية في أوكرانيا لتبرير أفعاله، مثل تعزيز مكانة روسيا في دونباس وأجزاء أخرى من جنوب أوكرانيا".
وحول إعلان روسيا وقف بعض العمليات العسكرية حول كييف تزامنًا مع المفاوضات، قال: "لن أُسمّي هذا تراجعًا مناسبًا، بل إعادة تموضع. تعرّضت خطوط القيادة واللوجستيات الروسية للخطر بسبب سوء التخطيط الاستراتيجي والمقاومة الشرسة للقوات الأوكرانية، لذلك يبدو من الأرجح أن التطورات الأخيرة ستؤدي إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في مناطق معينة لكن لن تؤدي إلى إنهاء الصراع".
ملفات صعبة
وعن المفاوضات الجارية في إسطنبول، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، إن أنقرة يمكن أن تنجح في تقريب وجهات النظر بين الطرفين والضغط نحو حل للأزمة بدعم من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف رضوان أوغلو، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "النجاح لن يكون في إيقاف الحرب أو الانسحاب الروسي من أوكرانيا كأن شيئًا لم يكن، هذا صعب، ستكون هناك مراحل نحو ذلك تبدأ بوقف مؤقتٍ لإطلاق النار ثم طويل الأمد أو تجميد الوضع العسكري على ما هو عليه".
وأشار إلى أن "هناك ملفات صعبة جدًّا بين الجانبين خلال المفاوضات، لكن أن يصلا إلى وقف إطلاق نار سواء مؤقت أو دائم أو المساعدات الإنسانية سيكون نجاحًا كبيرًا ثم الجلوس لمناقشة الخلافات"، داعيًا حكومة أنقرة إلى أن "تضع خطة طريق للمفاوضات، فلا يصح أن نقول اليوم هناك مفاوضات وغدا ماذا سيحدث لا نعرف، يجب الاستفادة من النتائج الإيجابية حتى يستمر النجاح".
7 وساطات بارزة
ومن قبل العملية العسكرية، سافر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وكذلك المستشار الألماني أولاف شولتز، إلى موسكو وكييف في محاولة لخفض التوتر بين الجانبين، إلا أن جهودهما لم تنجح في نزع فتيل الحرب، وبعد ذلك أجريا العديد من الاتصالات مع موسكو دون أي تقدم.
ومع بدء العملية العسكرية الروسية، عرض رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، استضافة محادثات سلام بين أوكرانيا وروسيا في العاصمة البيلاروسية مينسك، وبالفعل شهدت ثلاث جولات من المفاوضات لم تفلح جميعها.
وفي 7 مارس، دعا وزير الخارجية التركي، جاويش أوغلو، نظيريه الروسي والأوكراني لحضور منتدى أنطاليا الدبلوماسي، (عقد في 11 مارس). واليوم، استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المفاوضين الروس والأوكرانيين، ودعاهم إلى "وضع حدّ لهذه المأساة"، واستمرت المحادثات نحو أربع ساعات على أن تستأنف الجولة الثانية الأربعاء.
وخلال اتصالين مطلع الشهر الجاري مع رئيسي روسيا وأوكرانيا، أكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، دعم المملكة للجهود التي تؤدّي إلى حل سياسي، مؤكدًا أن المملكة على استعداد لبذل الجهود للوساطة بين كل الأطراف.
وفي 5 مارس، أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، نافتالي بينيت، استعداده للقيام بوساطة، إذ زار موسكو قبل أن يتوجه إلى برلين، وفي 12 من الشهر الجاري، اقترح زيلينسكي على بينيت عقد المحادثات مع روسيا في القدس، وفي 21 مارس، أعلن بينيت عن إحراز تقدّمٍ في الوساطة التي تقوم بها بلاده بين روسيا وأوكرانيا.
وفي 12 مارس الجاري، أعرب الفاتيكان عن استعداده لأي نوعٍ مِن الوساطة وفعل كُلّ ما هو ممكن بهدف التوصّل إلى وقف إطلاق النار وإنهاء العملية العسكرية الروسية.