بعد كل عملية بطولية في الضفة والقدس أو حتى الداخل المحتل تُثلج قلوب الفلسطينيين، كرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تُرتكب ليلًا ونهارًا بحق الأرض والبشر والحجر، يخرج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ببيان صحفي لا يتعدى الـ30 كلمة على الأغلب، لإدانة تلك العملية، مما يُشعل الغضب الفلسطيني ويضع “أبو مازن” نفسه محل انتقاد وهجوم واسعين وحادين على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.
ولعل آخر إدانة صدرت عن مكتب رئيس السلطة الفلسطينية عباس، كانت صباح الجمعة، للعملية البطولية التي نفذها الشهيد رعد فتحي حازم (29 عامًا)، مساء أمس الخميس وسط مدينة تل أبيب وأسفرت عن مقتل إسرائيليين وإصابة 15 آخرين على الأقل، هز بها المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وأجبرت الاحتلال على الاستنفار.
ووفقًا لوكالة "وفا" الإخبارية، فعبر عباس عن إدانته لمقتل مدنيين إسرائيليين أمس، وأكد أن قتل المدنيين الإسرائيليين لا يؤدي إلا إلى المزيد من تدهور الأوضاع، حيث نسعى جميعا إلى تحقيق الاستقرار، خصوصًا خلال شهر رمضان الفضيل والأعياد المسيحية واليهودية المقبلة.
وشدد على خطورة استمرار الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى والأعمال الاستفزازية لمجموعات المستوطنين المتطرفين في كل مكان، محذرًا من استغلال هذا الحادث المدان للقيام باعتداءات وردات فعل على شعبنا الفلسطيني من قبل المستوطنين وغيرهم.
وأشار إلى أن دوامة العنف تؤكد أن السلام الدائم والشامل والعادل هو الطريق الأقصر والسليم لتوفير الأمن والاستقرار للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة.
وكان الشهيد رعد فتحي حازم (من سكان مخيم جنين) قد تمكن من قتل إسرائيليين اثنين وإصابة 15 آخرين، ستة منهم بجروح خطيرة، بعد إطلاقه النار عليهم في شارع “ديزينغوف” بـ”تل أبيب” مساء الخميس.
وفشلت كل محاولات الاحتلال في الوصول إليه أمس، حتى تمكن، فجر اليوم الجمعة، من تعقبه وقتله في يافا، في عملية بحث شارك فيها آلاف العناصر الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وفق الإعلام العبري.
وباركت عامة الفصائل الفلسطينية عملية “تل أبيب”، مؤكدة أنها تمثل ردّاً طبيعياً على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ومواصلة انتهاكاته في القدس المحتلة والمسجد الأقصى.
هذه الإدانة وما سبقها من عشرات الإدانات للعمليات الفلسطينية التي دائمًا ما تُنفذ ضد أهداف إسرائيلية، في ظل تغول الاحتلال بعدوانه وتصعيده واستهداف لكل ما هو فلسطيني على الأرض، تفتح باب التساؤل واسعًا حول أهداف الرئيس “أبو مازن” من هذه الإدانة، والرسالة التي يريد أن يُرسلها للعالم، رغم حالة السخط والغضب الفلسطيني الكبيرة.
ويقول الناطق باسم حركة “حماس” حازم قاسم إنّ “إدانة محمود عباس لعملية (تل أبيب) هي تغريد خارج السرب الوطني وتخدم الرواية الصهيونية وتعطي الاحتلال غطاء لجرائمه ضدّ أبناء شعبنا الفلسطيني”.
وأضاف قاسم في تصريح صحفي، “رئيس السلطة مُصرٌّ على مُعاندة توجّهات شعبنا الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني”.
بدورها تساءلت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ليلى خالد: “بأي منطق يدين محمود عباس عملية ضياء حمارشة؟”، مضيفةً: “عار على عباس الموقف الذي اتخذه من عملية الشهيد حمارشة”.
وقالت خالد إنها ترى “بوابات النصر تفتح كل يوم مع كل عمليّة في الداخل المحتل”، مضيفةً أنها حين ترى “مشهد الزوارق تحمل المستوطنين لتنقلهم إلى خارج فلسطين سأكون أسعد إنسانة في الدنيا”.
وكان عباس أدان كذلك عملية “بني براك” شرق تل أبيب، التي نُفذت مساء الثلاثاء الماضي، والتي أدت لمقتل 5 إسرائيليين، واستشهاد منفذها ضياء حمارشة من بلدة يعبد غرب مدينة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة .
وزعمت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، حينها أنّ إدانة محمود عباس لعملية “بني براك”، جاءت بعد ضغوط إسرائيلية وأمريكية، وذكر موقع الصحيفة، أن “إدانة أبو مازن غير المعتادة للهجوم، جاءت بعد تدخل إسرائيلي وأمريكي، مشيرًا إلى أنّ إسرائيل طالبت عباس -عبر مكتب وزير الحرب بيني غانتس- بإدانة الهجوم.
وأضاف موقع “يديعوت” أنّ الاتصالات المطالبة بإدانة العملية انخرط فيها الأمريكيون أيضًا.
ونقل موقع الصحيفة العبرية عن مصادر وصفها بـ “المطلعة” أنه تم نقل صيغة الإدانة باللغة الإنجليزية إلى الفلسطينيين، قبل نشرها”.
وقوبلت إدانة عباس لعملية (تل أبيب)، بسخط واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلقت صاحبة حساب “ليان” عبر تويتر: “مستغربة من اللي مستغربين من ادانة عباس للعملية وكأنه كنا منتظرين منه عكس ذلك، اللي قال بشكل علني أنه يحترم الأمن الاسرائيلي أكيد راح يدين عمليات زعزعت أمن الكيان!”.
وأضافت: “هذا المتصهين ما إله ولا لأجهزته وظيفة غير ملاحقة المقاومين، وقتل روح الثورة في قلوب الشباب، والخنوع للمحتلين”.
وكتب أحمد بسام في حسابه تويتر: “إدانة محمود عباس لعملية (تل أبيب) غير مقبولة شعبيًا وفيها استفزاز لمشاعرنا كفلسطينيين. أن يأتي رئيسنا ويدين دفاع أحدنا عن أرضه، سقطة غير مقبولة نهائيًّا ونربأ بالرئاسة الفلسطينية تكرار هكذا تصريحات أقل ما توصف بأنها سقطة دبلوماسية شنيعة”.
ويبقى السؤال الأبرز.. لماذا يدين الرئيس عباس هذه العمليات البطولية؟