بعد مرور عام على حرب غزة الأخيرة التي أسماها الاحتلال "حارس الأسوار"، لا زالت سلطات الاحتلال تدرس تبعاتها ونتائجها، في ضوء مجموعة من الإشكاليات التي تحيط بإسرائيل المسماة "واقع الضفدع"، في ضوء تزايد المخاطر الأمنية والعسكرية.
تتفاوت هذه المخاطر الأمنية والتهديدات العسكرية بين خطر وآخر، سواء من قبل إيران التي تشق طريقها إلى ترسانة نووية، وهي تتويج لعمل بدأ قبل ثلاثين عامًا لصناعة الأسلحة النووية، ولديها ما يكفي من المواد المخصبة وقدرات التخصيب لإنتاج ما يكفي من المواد لأربع قنابل خلال أربعة أشهر، مما قد يدفع الاحتلال للتحرك صباح الغد، لأنه في حال تم التوصل إلى اتفاق نووي أسوأ، فسيكون أمام إسرائيل خطر القنابل الذرية دون أن تتمكن من فعل أي شيء لوقفها.
الجنرال يوسي كوبرفاسر الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، ذكر في محاضرة نشرها "المعهد المقدسي للشؤون العامة"، أن "إسرائيل تواجه مع مرور الوقت تكثيفا متزايدا من تسليح حزب الله، الذي يكدس أسلحة أكثر عددا ودقة، ويهدف للقيام بأعمال لم يخطر ببال أي إسرائيلي أنه سيجرؤ على القيام بها، وهو تطور يجب أن يزعج الإسرائيليين".
وأضاف أن "المخاطر المحيطة بإسرائيل ليست عسكرية فحسب، لأن العلاقات الإسرائيلية الأمريكية تمر في مرحلة حساسة، على اعتبار أن إدارة بايدن تعتبر لإسرائيل عاملا إشكالياً، لأنها تساهم في جهود نزع الشرعية عنها، وهناك تسلل مستمر للأفكار المعادية للسامية، ومناهضون للصهيونية في قلب الخطاب الخاص بالحزب الديمقراطي، ولا يهتمون بالإيرانيين، والحرب ضد الإرهاب أولوية ثانوية بالنسبة لهم في الوقت الحالي، ما يقلقهم هو روسيا والصين فقط".
تتخوف الأوساط الإسرائيلية من السياسة الأمريكية القائمة، مما يخلق فجوة كبيرة بين الجانبين، وهذا يشكل خطرا طويل الأمد على أمن الاحتلال، والأكثر خطرا من ذلك أن قسمًا كبيرًا من اليهود الأمريكيين يؤيدون هذه الإدارة، رغم أن العلاقة بين إسرائيل ويهود العالم عنصر مهم لأمنها.
خطر آخر تخشاه دولة الاحتلال يتمثل في الدور الجديد لفلسطينيي48 في نضالهم ضدها، باعتبار ذلك محطة أساسية ضمن المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية القائمة، رغم أنه في الماضي كانت هناك نظرة خلافية على مختلف مكونات المجتمع الفلسطيني، ومع مرور الوقت ظهر دور متنام لفلسطينيي48، باعتبارهم جزء من الحملة الفلسطينية ضد وجود إسرائيل، بعد أن أوشكت على دمجهم، وصهرهم في بوتقة الأسرلة والتهويد طوال سبعة عقود.
في الوقت ذاته، تشعر المحافل الإسرائيلية أن انخراط فلسطينيي48 في المواجهات الأخيرة ضد قوات الاحتلال، سواء خلال معركة سيف القدس 2021، أو هبة الأقصى 2022، رغم أننا أمام طيف واسع ومتنوع منهم، ولم يعودوا على استعداد للاعتراف بوجود إسرائيل كدولة يهودية، في ضوء أن ممثليهم في الكنيست يشاركون أحيانا في عمليات صنع القرار، لكن هناك جزء كبير آخر لا يصوت في الانتخابات البرلمانية، ولا يشاركون في هذه العملية لأنهم ينفون فعل الاعتراف ذاته من خلال المشاركة فيها.