دخلت دائرة الإفتاء على خط الجدل حول تأخير الساعة بمناسبة شهر رمضان موضحة جواز ذلك، الأمر الذي لم يكن يحتاج فتوى في واقع الحال لأن الصيام مرتبط بمواقيت معروفة لا تتغير بتغير الفصول وطبيعة التوقيت المستخدم. ليس لدينا الكثير مما يمكن أن يضاف على ما قيل في شأن هذه القضية، لكننا نكتب كي نضيف رأيا مؤيدا، بل ومطالبا بتغيير التوقيت في اليوم الأول من شهر رمضان الذي سيصادف على الأرجح اليوم الأول من شهر آب المقبل، في ذات الوقت الذي نستنجد فيه بمزيد من المؤيدين كي يؤكدوا المطلب، كل بطريقته الخاصة. للتذكير فقط، سيحين آذان المغرب في اليوم الأول من رمضان الساعة السابعة وتسع وثلاثين دقيقة، وصولا إلى السابعة وعشرة دقائق في اليوم الأخير. في الشأن المتعلق بالصيام، لن يتغير شيء، فالصائم سيمسك عن طعامه وشرابه لساعات محددة من آذان الفجر حتى آذان المغرب، لكن القضية نفسية أولا، لاسيما لقطاع من صغار السن الذين سيختلف مشهد الصيام بالنسبة إليهم، مع أنني لست مع صيام الأطفال في موسم من هذا النوع، ويكفي إدخالهم في أجواء الشهر الطيب بطرق مبتكرة كما تفعل بعض الأمهات. وعموما سيختلف الأمر بالنسبة لغالبية الناس بين أن يكون الإفطار في حدود الثامنة، وأن يكون في حدود السابعة. أما الأهم فيتعلق بالجوانب العملية، وهنا لا ينبغي للحديث أن يركز على موظفي القطاع العام الذين يغدو دوامهم من التاسعة صباحا وحتى الثانية بعد الظهر (مع أنهم سيكونون على الأرجح من أشد المؤيدين للتغيير)، وإنما بسائر القطاعات الأخرى. ندرك أن هناك من سيتبجح بالقول (ليس في العلن بالطبع خوفا من الرأي العام)، سيقول إن هؤلاء يحمّلونا جميلا بصيامهم. لكننا نؤكد أن النزول عند رغبة الصائمين، وهم غالبية الناس في أمر كهذا ليس عيبا بحال، لاسيما أن حكاية التوفير في الطاقة ليست صحيحة كما يؤكد أكثر الخبراء. سيكون مرهقا على الناس أن يؤدوا صلاة العشاء عند التاسعة والنصف، ولتنتهي مع صلاة التراويح بعد ذلك بساعة على الأقل (تنتهي في العاشرة بدون التراويح). وقد يلاحظ المعنيون أن غير المصلين في المساجد، أعني عشاق المسلسلات سيستفيدون أيضا من تأخير التوقيت، إذ سيكون بوسعهم حضور مسلسل آخر في الساعة المذكورة!! الصائمون والقائمون لن يغيروا برنامجهم على الأرجح، سواءً تغير التوقيت أم بقي على حاله، فهم يعتبرون رمضان موسما للطاعة لا ينبغي أن يفوت، لكن تحسين شروط الحياة في هذا الشهر بالنسبة للقطاع الأكبر من الناس من خلال قرار من هذا النوع لن يكلف الحكومة أي عبء يذكر. من هنا، فإنني أرجح شخصيا، وأرجو أن لا أكون متفائلا أكثر من اللازم، أرجح أن تستجيب الحكومة لمطالب الناس المتعلقة بتأخير التوقيت، لاسيما أنها في غنىً عن جلب الانتقادات في قضية كهذه لا تنتمي إلى حسابات الموازنة وعجزها المزمن، ولا صلة لها أيضا بمقولة أن الاستجابة لضغط الرأي العام يفتح شهية الناس للمزيد من الضغط والمطالبة!
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.